في التربية والتعليم
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/18 الساعة 12:03
*ماجد العبلي
أولا:تصنيفات
هناك ثلاثة نماذج من النظم التربوية:
أولا: نموذج تقليدي عقيم.
ثانيا: نموذج متطور.
ثالثا: نموذج إبداعي.
ويحدد انتماء أي نظام تربوي لأحد هذه النماذج جوهر فلسفته، وأولوياته، ومستوى تركيزه على الأهداف الرئيسة التي يسعى لتحقيقها أي نظام تربوي، وهي: 1- القيم والاتجاهات 2- المهارات 3- المعارف.
ويتبين جوهر فلسفة أي نظام تربوي، وأولوياته، ومستوى تركيزه على الأهداف التربوية، من خلال استقراء المنهاج الذي يعتمده.
فالنموذج التقليدي العقيم، جوهر فلسفته (الكم)، ويعتمد منهاجا طويلا مرهقا، ويركز على المعارف النظرية، ومهارات التفكير الدنيا، ويركز على استراتيجيات التعليم (المعلم محور العملية)، ويعتمد الاختبارات التقليدية (القاسية) لقياس مستوى التحصيل المعرفي، ويتجاهل بناء منظومة قيمية متماسكة.
أما النموذج الإبداعي، فجوهر فلسفته (النوع)، ويعتمد منهاجا قصيرا حيويا مريحا، ويركز على المعارف التطبيقية، ومهارات التفكير العليا، ويركز على استراتيجيات التعلّم (الطالب محور العملية)، ويعتمد الأنشطة والتدريبات والتجارب لقياس مستوى المهارات، ويركز على بناء منظومة قيمية متماسكة.
أما النموذج المتطور، فهو النظام التربوي الذي خرج من دائرة العقم، ولم يصل بعد دائرة الإبداع.
وبعد؛ إلى أي نموذج تنتمي النظم التربوية العربية؟
ثانيا: التأثير
كيف يؤثر النظام التربوي التقليدي العقيم على كلّ من المعلم والطالب؟
أ- التركيز على الكم: يحبط المعلم؛ لأنه يجد نفسه مضطرا للالتزام بالكم الشكلي على حساب النوع (المحدود أصلا)؛ حيث يكتشف شيئا فشيئا أنه يقوم بمهمة لا طائل منها!كما يحبط الطالب الذي يُجبر على الالتزام بشكليات مملة، لا تخدم العملية التعلمية من وجهة نظره.
ب- طول المنهاج:يحبط المعلم؛ لأنه يجد نفسه لاهثا لاستكمال تنفيذ المنهاج الطويل في وقت قصير؛ ما يضطره لـ(سلق) المادة التعليمية، ما يعني ضياع الكثير من العناصر الهامة من المادة الفقيرة أصلا.كما يحبط الطالب بسبب تحميله (كما) كبيرا من المادة التعليمية، دون فهم أهم عناصرها.
ت- التركيز على المعارف النظرية:يقلل من شأن المعلم وأهمية دوره الاجتماعي؛ لأن (بضاعته) التعليمية تفتقر للأهمية من قبل (المستهلك: الطالب). كما يقتل رغبة الطالب في التعلم؛ لأن هذه المعارف النظرية التي تُفرض عليه غير مفيدة من وجهة نظره، بحيث تُعد مضيعة للوقت والجهد (لا تحدث فرقا).
ث- التركيز على مهارات التفكير الدنيا:يقلل من فاعلية وكفاءة المعلم؛ بسبب قيامه بمهمة رتيبة مكرورة، ليس من شأنها تطوير الطالب.كما يدفع الطالب إلى دائرة مفرغة من الرتابة والملل والجهد الزائد دون جدوى بنظره، حيث لا حيوية ولا تطور ولا مفاجآت.
ج- التركيز على استراتيجيات التعليم(المعلم محورا):يرهق المعلم، ويجعله متوترا غاضبا؛ لعدم التزام الطلبة (بالاستماع الجيد له!)، فتجده يثور لأدنى سلوك سلبي من قبل الطالب؛ ما يربك العملية التعليمية.كما يجعل الطالب يفقد تركيزه غالبا؛ لأنه مجرد مستقبِل؛ ما يدفعه للحركة والتحدث مع زملائه؛ الأمر الذي يُغضب المعلم؛ ما يؤدي إلى المشاحنات التي تترك أثرا قاتلا للعملية التعليمية لزمن طويل، ما يحول دون تعليم جيد.
ح- التركيز على الاختبارات: يجعل المعلم شخصية بغيضة من قبل الطالب، كما يحمّل المعلم المزيد من الجهد في إعداد الاسئلة وتصحيحها؛ ما يزيد المعلم إحباطا.كما يوتر الطالب ويربكهفي ظل أجواء الاحباط والملل والرتابة والشعور بعدم الجدوى؛ بحيث ينظر للاختبار كأداة انتقام ضده؛ ما يدفعه للإهمال أو اللجوء للغش بشكل عام.
خ- إهمال القيم والاتجاهات: يُفقد المعلم دوره التربوي؛ ما يقلل من أهميته الاجتماعية.كما يؤدي إلى نمو الطالب، على مدى سنوات المدرسة، دونما تحصينه بمنظومة قيمية إيجابية محددة.
وكل ذلك يؤدي إلى إنتاج نوعين من الاشخاص:معلم سلبي، كاره للطالب، وكاره للمهنة، وطالب سلبي، كاره للمعلم، وكاره للتعلم!
كيف يؤثر النظام التربوي الإبداعي على كلّ من المعلم والطالب؟
أ- التركيز على النوع: يحفز المعلم؛ لأنه يركز مجهوده ويستثمر وقته لتحقيق خطوات نوعية؛ حيث يشعر بأنه يتطور وينتج معرفة نوعية ذات عائد اجتماعي كبير. ويحفز الطالب الذي يجد نفسه ينتج معرفة نوعية تستحق العناء،ما يزيد من ثقته بنفسه، ويدفعه للمزيد من إنتاج المعرفة.
ب- قصر المنهاج:يحفز المعلم؛ لأنه يجد الوقت الكافي للتخطيط للعملية التعلمية بأفضل صورة عملية ممكنة، لتحقيق أهدافها النوعية في الوقت المتاح؛ ما يسمح له بترسيخ العناصر الإبداعية من المادة التعليمية في أذهان الطلبة. كما يحفز الطالب بسبب اكتسابه المعرفة بالتجريب،ما يجعل العملية التعلمية ممتعة وذات جدوى.
ت- التركيز على المعارف التطبيقية:يرفع من شأن المعلم وأهمية دوره الاجتماعي كمرجع وخبير ومطوّر للمجتمع.ويعزّز رغبة الطالب في التعلم؛ لأن هذه المعارف التطبيقية التي يستمتع باكتسابهاتنعكس إيجابا وفورا على شخصيته وسلوكه (تُحدث فرقا).
ث- التركيز على مهارات التفكير العليا:يزيد من فاعلية وكفاءة المعلم؛ بسبب قيامه بمهمات إبداعية باستمرار، من شأنها تحقيق الأهداف التعلمية بصورة واضحة وكبيرة.كما يدفع الطالب إلى دائرة التحدي المعرفي الإيجابية: تحدي الآخر وتحدي الذات؛ حيث التنافس والحيوية والتطور والمفاجآت المدهشة الممتعة.
ج- التركيز على استراتيجيات التعلم(الطالب محورا):يمتعالمعلم ويجعله مسترخياراضيا؛ بسبب اقتصار دوره على التيسير، في حين ينهض الطلاب بكل الجهود التعلمية، فتجده يتفهم السلوكيات السلبية للطلبة ويحتويها بمحبة؛ ما يدفع العملية التعلمية قدما. كما يجعل الطالب مقبلا بنهم على التعلم؛ لأنه هو المنتج للمعرفة؛ ما يدفعه للحرص على استثمار كل الوقت المتاح لإنتاج المعرفة؛ الأمر الذي يجعل الصف خلية نحل متعاونة متحابة؛ ما يوفربيئة تعلمية متميزة.
ح- استخدام الأنشطة والتدريبات والتجارب كأدوات للتقييم والتقويم: يجعل المعلم صديقاللطالب، ويمنحه المزيد من الحرية في تصميم أدوات التقييم والتقويم المتنوعة الأكثر فعالية وكفاءة لقياس قدرات واتجاهات ومعارف الطلبة، ومراعاة الفروق الفردية بصورة دقيقة وعادلة؛ ما يزيد المعلم انتعاشا.كما يسعد الطالب ويزيد ثقته بنفسه،في ظل أجواء الحريةوالمحبة والمتعة والتنافس والشعور بالجدوى العالية؛ بحيثينظر لأدوات القياس كأدوات صديقةتعرّفه بنفسه وبقدراته؛ ما يدفعه للمزيد من الاجتهاد والمثابرة.
خ- التركيز على القيم والاتجاهات: يكرّس الدور التربويللمعلم؛ ما يزيد من أهميته الاجتماعية.كما يبني في وجدان الطالب منظومة قيمية إيجابية متكاملة ومنسجمة متماسكة توجه سلوكه.
وكل ذلك يؤدي إلى إنتاج نوعين من الأشخاص:معلم إيجابي مبدع، محب للطالب، ومحب للمهنة. وطالب إيجابي مثابر، محبا للمعلم، وشغوفابالعلم والمعرفة!
وفي ظل هذه التفاصيل، فإن المعلم يتمتعبمصداقية عالية أمام الطالب وأمام المجتمع، وتصبح المدرسة مكانا محببا، يظل معظم الطلبة أوفياء لها طوال أعمارهم.
ثالثا: المصالح الاجتماعية
يصمم المجتمع نظامه التربوي كأداة يتحكم من خلالها بمواصفات الأجيال القادمة لتحقيق مصالحه. وفي الدول الديمقراطية التي بلغت تطورا إنسانيا رفيعا (فنلندا مثلا)،يسعى النظام التربوي لتخريج أجيال مبدعة تتمتع بمنظومة قيم إنسانية نبيلة، لتحافظ على رفاه واستقرار الأمة وتفوقها؛ لذا تحرص هذه الدول على تصميم نظم تربوية إبداعية مرنة مواكبة للثورة المعرفية الهائلة.
أما في الدول غير الديمقراطية التي لا تعير فيها الطبقة الحاكمة اهتماما للتطور الإنساني، وتهمش الشعب، فيسعى النظام التربوي فيها لتخريج أجيال محدودة المعرفة، متدنية المهارات،تتمتع بقيم هشة متناقضة أو مشوهة؛ ليسهل التحكم بها وإخضاعها، وتوظيفها في حماية الطبقة الحاكمة، وتولي الوظائف الوسطى والدنيا فيالمجتمع لإدامة النظام الاجتماعي الراهن. أما الوظائف العليا والقيادية فهي محتكرة لأبناء الطبقة الحاكمة.
صحيح أن التمييز الطبقي ضد أبناء عامة الشعب عامل مهم في حسم التنافس على الوظائف العليا والقيادية لصالح أبناء الطبقة الحاكمة، غير أن هناك عاملا آخر غاية في الأهمية، وهو عامل الكفاءة، فأبناء الطبقة الحاكمة أكفأ عموما من أبناء عامة الشعب.
ففي الوقت الذي يتعلم به أبناء عامة الشعب في المدارس الوطنية الحكومية والخاصة، في إطار نظام تربوي عقيم، فإن أبناء الطبقة الحاكمة يتعلمون في أرقى المدارس في العالم، أو في مدارس أجنبية إبداعية داخل الوطن. لذا ستكون كفاءة أبناء الطبقة الحاكمة عموما أعلى بكثير من أبناء عامة الشعب.
وما يحدث في التعليم المدرسي، يتكرربشأن التعليم الجامعي، ففي الوقت الذي يدرس فيه أبناء عامة الشعب في جامعات غير مصنفة كأفضل الجامعات في العالم، داخل الوطن أو خارجه، وفي حين يعجز معظمهم عن متابعة الدراسات العليا لأسباب مالية، فإن أبناء الطبقة الحاكمة يدرسون في أفضل وأغلى الجامعات والمعاهد في العالم حتى الحصول على أعلى الشهادات العلمية والعملية. وهذا يوسع الفجوة في الكفاءة لصالح أبناء الطبقة الحاكمة، بحيث يصبح المركز التنافسي لأبناء عامة الشعب ضعيفا جدا.صحيح أن هناك استثناءات، لكن هذه الاستثناءات قليلة لدرجة لا تؤثر على النسق العام للمجتمع.
كل ذلك يفسر عدم جدية الدول غير الديمقراطية في تطوير نظمها التربوية، لأن التطوير الجوهري الحقيقي يضر بمصالح الطبقة الحاكمة.وللتهرب من هذا الاستحقاق الوطني الاستراتيجي،تقوم حكومات هذه الدول بذر الرماد في العيون، من خلال إعادة إنتاج النظام التربوي العقيم عبر تنفيذ مشاريع شكلية أو تجميلية أو جزئية، وتسوّقها لدى الرأي العام باعتبارها قفزات نوعية، لغاية تشتيت وعي الرأي العام.
ولكن ما رأي كبار خبراء التربية في الوطن العربي؟
هناك ثلاثة نماذج من النظم التربوية:
أولا: نموذج تقليدي عقيم.
ثانيا: نموذج متطور.
ثالثا: نموذج إبداعي.
ويحدد انتماء أي نظام تربوي لأحد هذه النماذج جوهر فلسفته، وأولوياته، ومستوى تركيزه على الأهداف الرئيسة التي يسعى لتحقيقها أي نظام تربوي، وهي: 1- القيم والاتجاهات 2- المهارات 3- المعارف.
ويتبين جوهر فلسفة أي نظام تربوي، وأولوياته، ومستوى تركيزه على الأهداف التربوية، من خلال استقراء المنهاج الذي يعتمده.
فالنموذج التقليدي العقيم، جوهر فلسفته (الكم)، ويعتمد منهاجا طويلا مرهقا، ويركز على المعارف النظرية، ومهارات التفكير الدنيا، ويركز على استراتيجيات التعليم (المعلم محور العملية)، ويعتمد الاختبارات التقليدية (القاسية) لقياس مستوى التحصيل المعرفي، ويتجاهل بناء منظومة قيمية متماسكة.
أما النموذج الإبداعي، فجوهر فلسفته (النوع)، ويعتمد منهاجا قصيرا حيويا مريحا، ويركز على المعارف التطبيقية، ومهارات التفكير العليا، ويركز على استراتيجيات التعلّم (الطالب محور العملية)، ويعتمد الأنشطة والتدريبات والتجارب لقياس مستوى المهارات، ويركز على بناء منظومة قيمية متماسكة.
أما النموذج المتطور، فهو النظام التربوي الذي خرج من دائرة العقم، ولم يصل بعد دائرة الإبداع.
وبعد؛ إلى أي نموذج تنتمي النظم التربوية العربية؟
ثانيا: التأثير
كيف يؤثر النظام التربوي التقليدي العقيم على كلّ من المعلم والطالب؟
أ- التركيز على الكم: يحبط المعلم؛ لأنه يجد نفسه مضطرا للالتزام بالكم الشكلي على حساب النوع (المحدود أصلا)؛ حيث يكتشف شيئا فشيئا أنه يقوم بمهمة لا طائل منها!كما يحبط الطالب الذي يُجبر على الالتزام بشكليات مملة، لا تخدم العملية التعلمية من وجهة نظره.
ب- طول المنهاج:يحبط المعلم؛ لأنه يجد نفسه لاهثا لاستكمال تنفيذ المنهاج الطويل في وقت قصير؛ ما يضطره لـ(سلق) المادة التعليمية، ما يعني ضياع الكثير من العناصر الهامة من المادة الفقيرة أصلا.كما يحبط الطالب بسبب تحميله (كما) كبيرا من المادة التعليمية، دون فهم أهم عناصرها.
ت- التركيز على المعارف النظرية:يقلل من شأن المعلم وأهمية دوره الاجتماعي؛ لأن (بضاعته) التعليمية تفتقر للأهمية من قبل (المستهلك: الطالب). كما يقتل رغبة الطالب في التعلم؛ لأن هذه المعارف النظرية التي تُفرض عليه غير مفيدة من وجهة نظره، بحيث تُعد مضيعة للوقت والجهد (لا تحدث فرقا).
ث- التركيز على مهارات التفكير الدنيا:يقلل من فاعلية وكفاءة المعلم؛ بسبب قيامه بمهمة رتيبة مكرورة، ليس من شأنها تطوير الطالب.كما يدفع الطالب إلى دائرة مفرغة من الرتابة والملل والجهد الزائد دون جدوى بنظره، حيث لا حيوية ولا تطور ولا مفاجآت.
ج- التركيز على استراتيجيات التعليم(المعلم محورا):يرهق المعلم، ويجعله متوترا غاضبا؛ لعدم التزام الطلبة (بالاستماع الجيد له!)، فتجده يثور لأدنى سلوك سلبي من قبل الطالب؛ ما يربك العملية التعليمية.كما يجعل الطالب يفقد تركيزه غالبا؛ لأنه مجرد مستقبِل؛ ما يدفعه للحركة والتحدث مع زملائه؛ الأمر الذي يُغضب المعلم؛ ما يؤدي إلى المشاحنات التي تترك أثرا قاتلا للعملية التعليمية لزمن طويل، ما يحول دون تعليم جيد.
ح- التركيز على الاختبارات: يجعل المعلم شخصية بغيضة من قبل الطالب، كما يحمّل المعلم المزيد من الجهد في إعداد الاسئلة وتصحيحها؛ ما يزيد المعلم إحباطا.كما يوتر الطالب ويربكهفي ظل أجواء الاحباط والملل والرتابة والشعور بعدم الجدوى؛ بحيث ينظر للاختبار كأداة انتقام ضده؛ ما يدفعه للإهمال أو اللجوء للغش بشكل عام.
خ- إهمال القيم والاتجاهات: يُفقد المعلم دوره التربوي؛ ما يقلل من أهميته الاجتماعية.كما يؤدي إلى نمو الطالب، على مدى سنوات المدرسة، دونما تحصينه بمنظومة قيمية إيجابية محددة.
وكل ذلك يؤدي إلى إنتاج نوعين من الاشخاص:معلم سلبي، كاره للطالب، وكاره للمهنة، وطالب سلبي، كاره للمعلم، وكاره للتعلم!
كيف يؤثر النظام التربوي الإبداعي على كلّ من المعلم والطالب؟
أ- التركيز على النوع: يحفز المعلم؛ لأنه يركز مجهوده ويستثمر وقته لتحقيق خطوات نوعية؛ حيث يشعر بأنه يتطور وينتج معرفة نوعية ذات عائد اجتماعي كبير. ويحفز الطالب الذي يجد نفسه ينتج معرفة نوعية تستحق العناء،ما يزيد من ثقته بنفسه، ويدفعه للمزيد من إنتاج المعرفة.
ب- قصر المنهاج:يحفز المعلم؛ لأنه يجد الوقت الكافي للتخطيط للعملية التعلمية بأفضل صورة عملية ممكنة، لتحقيق أهدافها النوعية في الوقت المتاح؛ ما يسمح له بترسيخ العناصر الإبداعية من المادة التعليمية في أذهان الطلبة. كما يحفز الطالب بسبب اكتسابه المعرفة بالتجريب،ما يجعل العملية التعلمية ممتعة وذات جدوى.
ت- التركيز على المعارف التطبيقية:يرفع من شأن المعلم وأهمية دوره الاجتماعي كمرجع وخبير ومطوّر للمجتمع.ويعزّز رغبة الطالب في التعلم؛ لأن هذه المعارف التطبيقية التي يستمتع باكتسابهاتنعكس إيجابا وفورا على شخصيته وسلوكه (تُحدث فرقا).
ث- التركيز على مهارات التفكير العليا:يزيد من فاعلية وكفاءة المعلم؛ بسبب قيامه بمهمات إبداعية باستمرار، من شأنها تحقيق الأهداف التعلمية بصورة واضحة وكبيرة.كما يدفع الطالب إلى دائرة التحدي المعرفي الإيجابية: تحدي الآخر وتحدي الذات؛ حيث التنافس والحيوية والتطور والمفاجآت المدهشة الممتعة.
ج- التركيز على استراتيجيات التعلم(الطالب محورا):يمتعالمعلم ويجعله مسترخياراضيا؛ بسبب اقتصار دوره على التيسير، في حين ينهض الطلاب بكل الجهود التعلمية، فتجده يتفهم السلوكيات السلبية للطلبة ويحتويها بمحبة؛ ما يدفع العملية التعلمية قدما. كما يجعل الطالب مقبلا بنهم على التعلم؛ لأنه هو المنتج للمعرفة؛ ما يدفعه للحرص على استثمار كل الوقت المتاح لإنتاج المعرفة؛ الأمر الذي يجعل الصف خلية نحل متعاونة متحابة؛ ما يوفربيئة تعلمية متميزة.
ح- استخدام الأنشطة والتدريبات والتجارب كأدوات للتقييم والتقويم: يجعل المعلم صديقاللطالب، ويمنحه المزيد من الحرية في تصميم أدوات التقييم والتقويم المتنوعة الأكثر فعالية وكفاءة لقياس قدرات واتجاهات ومعارف الطلبة، ومراعاة الفروق الفردية بصورة دقيقة وعادلة؛ ما يزيد المعلم انتعاشا.كما يسعد الطالب ويزيد ثقته بنفسه،في ظل أجواء الحريةوالمحبة والمتعة والتنافس والشعور بالجدوى العالية؛ بحيثينظر لأدوات القياس كأدوات صديقةتعرّفه بنفسه وبقدراته؛ ما يدفعه للمزيد من الاجتهاد والمثابرة.
خ- التركيز على القيم والاتجاهات: يكرّس الدور التربويللمعلم؛ ما يزيد من أهميته الاجتماعية.كما يبني في وجدان الطالب منظومة قيمية إيجابية متكاملة ومنسجمة متماسكة توجه سلوكه.
وكل ذلك يؤدي إلى إنتاج نوعين من الأشخاص:معلم إيجابي مبدع، محب للطالب، ومحب للمهنة. وطالب إيجابي مثابر، محبا للمعلم، وشغوفابالعلم والمعرفة!
وفي ظل هذه التفاصيل، فإن المعلم يتمتعبمصداقية عالية أمام الطالب وأمام المجتمع، وتصبح المدرسة مكانا محببا، يظل معظم الطلبة أوفياء لها طوال أعمارهم.
ثالثا: المصالح الاجتماعية
يصمم المجتمع نظامه التربوي كأداة يتحكم من خلالها بمواصفات الأجيال القادمة لتحقيق مصالحه. وفي الدول الديمقراطية التي بلغت تطورا إنسانيا رفيعا (فنلندا مثلا)،يسعى النظام التربوي لتخريج أجيال مبدعة تتمتع بمنظومة قيم إنسانية نبيلة، لتحافظ على رفاه واستقرار الأمة وتفوقها؛ لذا تحرص هذه الدول على تصميم نظم تربوية إبداعية مرنة مواكبة للثورة المعرفية الهائلة.
أما في الدول غير الديمقراطية التي لا تعير فيها الطبقة الحاكمة اهتماما للتطور الإنساني، وتهمش الشعب، فيسعى النظام التربوي فيها لتخريج أجيال محدودة المعرفة، متدنية المهارات،تتمتع بقيم هشة متناقضة أو مشوهة؛ ليسهل التحكم بها وإخضاعها، وتوظيفها في حماية الطبقة الحاكمة، وتولي الوظائف الوسطى والدنيا فيالمجتمع لإدامة النظام الاجتماعي الراهن. أما الوظائف العليا والقيادية فهي محتكرة لأبناء الطبقة الحاكمة.
صحيح أن التمييز الطبقي ضد أبناء عامة الشعب عامل مهم في حسم التنافس على الوظائف العليا والقيادية لصالح أبناء الطبقة الحاكمة، غير أن هناك عاملا آخر غاية في الأهمية، وهو عامل الكفاءة، فأبناء الطبقة الحاكمة أكفأ عموما من أبناء عامة الشعب.
ففي الوقت الذي يتعلم به أبناء عامة الشعب في المدارس الوطنية الحكومية والخاصة، في إطار نظام تربوي عقيم، فإن أبناء الطبقة الحاكمة يتعلمون في أرقى المدارس في العالم، أو في مدارس أجنبية إبداعية داخل الوطن. لذا ستكون كفاءة أبناء الطبقة الحاكمة عموما أعلى بكثير من أبناء عامة الشعب.
وما يحدث في التعليم المدرسي، يتكرربشأن التعليم الجامعي، ففي الوقت الذي يدرس فيه أبناء عامة الشعب في جامعات غير مصنفة كأفضل الجامعات في العالم، داخل الوطن أو خارجه، وفي حين يعجز معظمهم عن متابعة الدراسات العليا لأسباب مالية، فإن أبناء الطبقة الحاكمة يدرسون في أفضل وأغلى الجامعات والمعاهد في العالم حتى الحصول على أعلى الشهادات العلمية والعملية. وهذا يوسع الفجوة في الكفاءة لصالح أبناء الطبقة الحاكمة، بحيث يصبح المركز التنافسي لأبناء عامة الشعب ضعيفا جدا.صحيح أن هناك استثناءات، لكن هذه الاستثناءات قليلة لدرجة لا تؤثر على النسق العام للمجتمع.
كل ذلك يفسر عدم جدية الدول غير الديمقراطية في تطوير نظمها التربوية، لأن التطوير الجوهري الحقيقي يضر بمصالح الطبقة الحاكمة.وللتهرب من هذا الاستحقاق الوطني الاستراتيجي،تقوم حكومات هذه الدول بذر الرماد في العيون، من خلال إعادة إنتاج النظام التربوي العقيم عبر تنفيذ مشاريع شكلية أو تجميلية أو جزئية، وتسوّقها لدى الرأي العام باعتبارها قفزات نوعية، لغاية تشتيت وعي الرأي العام.
ولكن ما رأي كبار خبراء التربية في الوطن العربي؟
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/18 الساعة 12:03