الوطن والشخص وأنصاف العاقلين
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/18 الساعة 00:47
نقرأ في توثيقية «تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري» وهي خمسة اجزاء، تبدأ بعام 1958 وتمتد الى عام 1968 واشرف عليها عدد من الاكاديميين في «بيت الحكمة» ببغداد.
ولعل من الصعب ان نستعرض هذه الموسوعة، لكننا نستطيع ان نبدأ مع السياسي محمد صديق شنشل على رأس اول وفد عراقي يقابل الرئيس جمال عبدالناصر في دمشق ايام فورة تموز، ووهج الجمهورية العربية المتحدة. وانقسام العراق بين ساعٍ الى التوحد مع العربية المتحدة وحدة اندماجية، وساع الى اقتراب كونفدرالي معها.
وقتها كان شنشل يختصر لعبدالناصر اوضاع الحكم في العراق بقوله: يا سيادة الرئيس، يحكم العراق الآن اثنان (قاسم وعارف): واحد نصف عاقل، وآخر نصف مجنون، وكان الرئيس لم يقرر بعد طريقة فهم الوضع العراقي، بعد زيارته الخاطفة لموسكو، وتدفق القوات الاميركية، والبريطانية على لبنان والاردن.
كان الوضع لعبدالناصر اشبه «باللمبو».. فلا شيء حقيقي في المشهد المريع.. وكل شيء يمكن ان يكون انتصارا للقومية العربية، وللناصرية.
وحين يؤرخ عالم التاريخ لهذه المرحلة، يقول: انها بداية الكارثة القومية:
- حين يتحول الوطن الى النظام السياسي.
- وحين يتحول النظام السياسي الى الحزب القائد.
- وحين يتحول الحزب الواحد الى الرجل الحاكم.
فقد كانت التحولات العربية الكارثية تبدأ من الوطن وتنتهي الى..الشخص.
.. في زمن الربيع العربي غمر منطقتنا امل اشبه بأمل ناصر: مشهد غير حقيقي، غير بعيد عن حلم الديمقراطية، بدءا بتونس واحتجاج بائع خضار بحرق نفسه، وانتهاء بحكم اخوان مصر وتجديد حكم الجيش، وفشل حكام العراق وسوريا وليبيا في ممارسة المزيد من القمع. وبدأنا نكتشف ان السبب ليس الحاكم نصف المجنون ونصف العاقل، وانما هو «الفوضى الخلاقة», ولا نعرف اذا كانت كونداليزا رايس اختطفت بدايات الثورة الفرنسية, كما اختطف هنري كيسنجر مرحلة الامير ميترنيخ. بعد انطفاء نابليون الامبرطوري الجمهوري.. ابن الثورة كما كان يحب ان يكون.
عام 1958 لم يكن عبدالناصر يصدّق التحالف السوفياتي - البريطاني, وانتقال سير هنري ترفيليان السفير البريطاني في بغداد الى عدن حاكماً عاماً للمستعمرة, ومسرحية تجميع سلاطين اليمن الجنوبي الاحد عشر في طائرة واحدة وشحنهم الى السعودية. وافلات ثوار «الشيخ عثمان» القوميين والماركسيين من احدى ضواحي عدن, للسيطرة على كل اليمن الجنوبي.
وقتها لم يفهم عبدالناصر هذا النمط من التحالف الانجليزي - الشيوعي. فقال: إن قاسم مجنون.. وبقي يؤمن انه مجنون حتى شباط 1963. الرأي
ولعل من الصعب ان نستعرض هذه الموسوعة، لكننا نستطيع ان نبدأ مع السياسي محمد صديق شنشل على رأس اول وفد عراقي يقابل الرئيس جمال عبدالناصر في دمشق ايام فورة تموز، ووهج الجمهورية العربية المتحدة. وانقسام العراق بين ساعٍ الى التوحد مع العربية المتحدة وحدة اندماجية، وساع الى اقتراب كونفدرالي معها.
وقتها كان شنشل يختصر لعبدالناصر اوضاع الحكم في العراق بقوله: يا سيادة الرئيس، يحكم العراق الآن اثنان (قاسم وعارف): واحد نصف عاقل، وآخر نصف مجنون، وكان الرئيس لم يقرر بعد طريقة فهم الوضع العراقي، بعد زيارته الخاطفة لموسكو، وتدفق القوات الاميركية، والبريطانية على لبنان والاردن.
كان الوضع لعبدالناصر اشبه «باللمبو».. فلا شيء حقيقي في المشهد المريع.. وكل شيء يمكن ان يكون انتصارا للقومية العربية، وللناصرية.
وحين يؤرخ عالم التاريخ لهذه المرحلة، يقول: انها بداية الكارثة القومية:
- حين يتحول الوطن الى النظام السياسي.
- وحين يتحول النظام السياسي الى الحزب القائد.
- وحين يتحول الحزب الواحد الى الرجل الحاكم.
فقد كانت التحولات العربية الكارثية تبدأ من الوطن وتنتهي الى..الشخص.
.. في زمن الربيع العربي غمر منطقتنا امل اشبه بأمل ناصر: مشهد غير حقيقي، غير بعيد عن حلم الديمقراطية، بدءا بتونس واحتجاج بائع خضار بحرق نفسه، وانتهاء بحكم اخوان مصر وتجديد حكم الجيش، وفشل حكام العراق وسوريا وليبيا في ممارسة المزيد من القمع. وبدأنا نكتشف ان السبب ليس الحاكم نصف المجنون ونصف العاقل، وانما هو «الفوضى الخلاقة», ولا نعرف اذا كانت كونداليزا رايس اختطفت بدايات الثورة الفرنسية, كما اختطف هنري كيسنجر مرحلة الامير ميترنيخ. بعد انطفاء نابليون الامبرطوري الجمهوري.. ابن الثورة كما كان يحب ان يكون.
عام 1958 لم يكن عبدالناصر يصدّق التحالف السوفياتي - البريطاني, وانتقال سير هنري ترفيليان السفير البريطاني في بغداد الى عدن حاكماً عاماً للمستعمرة, ومسرحية تجميع سلاطين اليمن الجنوبي الاحد عشر في طائرة واحدة وشحنهم الى السعودية. وافلات ثوار «الشيخ عثمان» القوميين والماركسيين من احدى ضواحي عدن, للسيطرة على كل اليمن الجنوبي.
وقتها لم يفهم عبدالناصر هذا النمط من التحالف الانجليزي - الشيوعي. فقال: إن قاسم مجنون.. وبقي يؤمن انه مجنون حتى شباط 1963. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/18 الساعة 00:47