من يتآمر على الأردن؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/03 الساعة 00:33
هل توجد مؤامرة على الأردن لزجّه في صراعات ومعارك ليست هي معاركنا؟ أو فرض طريقة معينة لخوض صراعات أو إدارة خلافات مع أطراف عربية أو إقليمية أو دولية، كما حدث – وما يزال- في موضوع القدس؟
هل توجد أجندة تهدف إلى خلخلة الاستقرار الداخلي والأمن الوطني الأردني، كما لاحظنا في الإشاعات الأخيرة التي أطلقتها وسائل إعلام وصحف وتداولتها وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً في الأردن، بخاصة ما يتعلّق بقرار إحالة الأمراء على التقاعد؟
هل هنالك مخططات لتجويع الأردن وتركيعه، كما يؤشر بعض النواب، أو رسم سيناريوهات لمستقبل مرتبط بفوبيا الوطن البديل لحل القضية الفلسطينية، كما يحذّر سياسيون آخرون؟
***
للأمانة، شخصياً، لا أحبّذ أي تفسير للأمور والأحداث والمواقف بـ"عقلية المؤامرة"، وإن كنتُ لا أنفي وجود أجندات سياسية وإعلامية ومخططات وأفكار هنا وهناك في العادة، تعكس مصالح الدول والأطراف التي تقف وراءها، لكنّني ضد مفهوم "نحن مستهدفون" المعروف، من أجل تمرير الكثير من السياسات والقرارات، أو مفهوم "العالم يتآمر علينا"، أو المبالغة في قراءات الأحداث والتطورات وإخراجها من سياقاتها المنطقية إلى سياقات أخرى مرتبطة بأفكار وأجندات نخب سياسية أردنية أكثر مما هي مرتبطة بالواقع نفسه!
للتوضيح أكثر، هنالك غزو إعلامي وسياسي واضح، أصبح مكشوفاً في الأيام الماضية يهدف إلى الزجّ بالأردن في معارك ليست هي معاركه، أو إجباره على مسار لا يريده! صحيح أنّ هذه الأجندات تَبني على بعض الوقائع، لكنّها تكمل عليها بأوهام أو أهداف ترغب هي في إقحام المواقف الأردنية فيها.
هنالك – بالضرورة- أجندات إقليمية عربية ودولية تقف وراء هذا الهجوم الإعلامي، ذلك صحيح، لكن هل ذلك يستبطن "مؤامرة" أو أفكارا خطيرة لمستقبل الأردن؟ أشك تماماً، هو صراع إعلامي وسياسي في المنطقة، وأجندات متضاربة، واستقطاب غير مسبوق، وفي النهاية الكل يريد تفسير وتلوين المواقف بهذا الاتجاه أو ذاك، وهو ما ينطبق على تفسير المواقف الأردنية، كالقول بأنّ موضوع الأمراء وراءه أطراف عربية، في قصة أقل ما يقال إنّها مثيرة للسخرية وساذجة إلى أبعد مدىً ممكن!
بالإضافة إلى ذلك، فليست لديّ – بصراحة- فوبيا الوطن البديل أو هاجس حلّ القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وهنا لا أنفي ذلك، بل هو أمر معلن لدى أطراف في اليمين الإسرائيلي، الذي يشعر بأنّه في أفضل حالاته مع إدارة ترامب. لكن ذلك المخطط لن يمر، في حال رتبنا بيتنا الداخلي الأردني والوطني، وهنا بيت القصيد والقصة الحقيقية.
مواجهة أي أجندات إعلامية وسياسية خارجية، أو مؤامرات كونية أو إقليمية يكون بأن نحسّن إعادة ترتيب بيتنا الداخلي ليس بالعواطف الساذجة ولا الشعارات ولا التخندقات، ولا بوضع بوسترات على صدور النواب وهم يمررون موازنة كان يفترض أن تحظى بنقاش معمق!
ترتيب البيت الداخلي يكون بردم فجوة الثقة بين الحكومات والشارع، التي وصلت – أي الثقة- إلى منسوب مرعب يكون بتعزيز مصداقية الدولة وشفافيتها، وزيادة مساحة التوافقات الداخلية والتمثيل السياسي الحقيقي.
ترتيب البيت الداخلي يتم عبر ترجمة شعار "الاعتماد على الذات" عبر سياسات حقيقية ومنصفة وأفكار خلّاقة تقنع المواطنين أنّنا ننظر إلى الأمام وليس إلى الخلف، وأنّ هنالك أفقاً أفضل في المرحلة القادمة، بالرغم من كل الصعوبات الداخلية والخارجية.
مواجهة المؤامرة! الردّ على الأجندات! يكون بالإصلاح الوطني المتكامل، وبأفكار تدفعنا إلى المستقبل والأمام، وليس الاستمرار في هواية الدوران حول النفس والحلقة المفرغة إيّاها!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/03 الساعة 00:33