رغم انتهاء المهلة التي منحتها الحكومة للتجار.. الأسواق الأردنية لا زالت تعج بالأكياس البلاستيكية
مدار الساعة - على الرغم من انتهاء المهلة الزمنية لاستخدام الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل، والمقررة في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، وفقا لقرار سابق لمجلس الوزراء، الا أن المشهد لم يزل على حاله، فغالبية المحال التجارية ما تزال تستخدم الاكياس البلاستيكية “المحظورة” لتعبئة المواد الغذائية كما تفعل منذ أعوام.
خطوة الحظر التي صدرت بتوصية من وزارة البيئة وبموجب نظام جديد لاستيراد وإنتاج وتداول أكياس التسوق البلاستيكية القابلة للتحلل، أقرت في آذار (مارس) الماضي، لكنها بحسب خبراء بيئيين “لم تكن سوى عنوان لحملة، تكاد تكون الغاية منها الدعاية، كونها لم تترجم على أرض الواقع”.
“فإجراءات الوزارة في هذا الصدد تسير ببطء شديد. ورغم أن “هناك مصانع، اعتبرت القرار خطوة إيجابية وصديقة للبيئة، لكنها تواجه صعوبة في إقناع التجار بشراء أكياس قابلة للتحلل لارتفاع تكلفتها عن تلك العادية”.
لكن الوزارة تدافع عن نفسها، وعلى لسان أمينها العام أحمد القطارنة، معتبرا أن “نظام تنظيم أكياس التسوق البلاستيكية القابلة للتحلل، صدر سابقا، وألزمت المصانع بتطبيقه، اذ أجريت كشوفات عليها للتأكد من تطبيقها للقرار”.
وبحسب القطارنة، هناك “تقرير سيصدر في الايام العشرة المقبلة، يحتفي بما تحقق من إنجازات في هذا المجال”، مشددا على أن “هنالك تغيرا واضحا في السلوكيات المتعلقة بالأكياس البلاستيكية، خصوصا من أصحاب المصانع، نتيجة لمعرفتهم المسبقة بأن هناك بنودا قانونية، ستطبق عند مخالفتهم للقرار”.
ولفت القطارنة إلى أن “الحملات في هذا الصدد متواصلة والتفتيش على المصانع، وبالتعاون مع الإدارة الملكية لحماية البيئة، لتطبيق القرار على أرض الواقع وبالطريقة الصحيحة”.
من وجهة نظر رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان فإن “وزارة البيئة تطلق العناوين لحملات، تكاد تكون أقرب لتلك التي تنفذها العلاقات العامة، وليست لتطبيق القانون”.
ولفت إلى أن “القرار تحدث عنه المعنيون في الوزارة، ورافقه زيارة لمصنعين تتصف خطوط انتاجهما بأنها رفيقة بالبيئة، لكن لم نر آليات تطبيق واضحة له، برغم أننا يمكن أن نصفه بالخطوة الايجابية”.
وأضاف “لم تنشر الوزارة على موقعها الإلكتروني أي خطط واضحة لتنفيذ القرار، فليس كافيا أن يعلن عنه ويصدر، بل يجب تطبيقه، بالتعاون مع شركاء مثل الجمعيات المدنية والقطاع الصناعي”.
وأشار إلى أن “الجمعيات البيئية لم تدع لمناقشة مثل هذا القرار، وما يمكن اتخاذه من آليات وبشكل مشترك لتطبيقه وبنجاح، وعبر خطة وطنية، فلا يكفي فقط أن نصدر قرارات دون تطبيقها”.
وعلى صعيد المواطن البسيط العادي، أكد الشوشان أن “الكثيرين منهم، لا يلمسون أي تغيير بما يخص استخدام الأكياس القابلة للتحلل، حيث لم يطبق القرار على أرض الواقع”.
ولا بد في رأيه، أن “تضع الوزارة آليات تطبيق للقرار، ودون أن نلحق الضرر بالقطاع الصناعي، باعتباره يعمل على تقديم خدمة لأبناء البلد، وبالشراكة مع الجهات الدولية كالاتحاد الأوروبي، والقطاعات المحلية الأخرى”.
ووفق إحصائيات الوزارة، فالأردن يستهلك ثلاثة مليارات كيس سنويا، أي بمعدل 500 كيس للفرد الواحد، تصنعها في أكثر من 400 مصنع، منها 200 مرخصة أصوليا.
وتؤيد رئيسة جمعية دبين للتنمية البيئية هلا مراد ان تطبيق القرار مايزال قاصرا، وهو “امر يمكن ان نراه إن ارتدنا الأسواق التجارية، فالأكياس البلاستيكية التي تستخدم لتعبئة المواد الصناعية، هي ذاتها المتعارف عليها منذ أكثر من خمسة اعوام”.
وكشفت مراد أن “الأكياس التي توزع على زوار المحميات في دبين وعجلون من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة البيئة غير قابلة للتحلل، بل هي ذاتها المتداولة حاليا، لكن لونها أخضر”.
واستغربت “انه برغم الحملة والنظام الذي أطلقته الوزارة لمنع تداول واستخدام الأكياس البلاستيكية العادية، فإنها لا تلجأ لتوزيع القابلة للتحلل على المواطنين في تلك المناطق، والتي تعد من آليات تشجيعهم على استخدامها”.
وأضافت “تعاني منطقة دبين من وجود كبير لأكياس غير قابلة للتحلل، فعدد الأفراد ومصانعهم الذين يعون مسألة استخدام الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، قليل جدا”.
وقللت من اهمية “الحملات التوعوية للوزارة، كصرخة وطن”، مبينة أن “الجمعيات البيئية، تدعم فكرة استبدال الأكياس البلاستيكية بقابلة للتحلل، بل وأيضا الورقية المعاد تدويرها، حفاظا على البيئة والصحة كذلك”.
ووفق النظام الصادر في الجريدة الرسمية، خلال آذار (مارس) الماضي، فقد منعت بنوده إنتاج واستيراد وتداول الأكياس البلاستيكية السوداء، باستثناء المستخدمة لجمع النفايات والأشتال الزراعية، كما منع استيراد وإنتاج وتداول أكياس التسوق البلاستيكية غير القابلة للتحلل.
كذلك جرى وضع نظام معايير خاص للتفتيش والرقابة على المنشآت والجهات المنتجة والمستهلكة للأكياس البلاستيكية، اذ يعاقب المخالفون لبنود النظام، وفق قوانين الوزارة والمواصفات والمقاييس.
على أن ذلك النظام، الذي وصفه المدير التنفيذي لشركة الحسام للصناعات البلاستيكية كامل كرزون بأنه “خطوة ممتازة، صديقة بالبيئة”، بحيث أن مثله يدعم من قبل الصناعيين”، الا انه أضاف أن “الزبائن يرفضون دفع الفروقات بثمن الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، ما يدفع لان نتحمل تلك التكاليف الإضافية، نتيجة الالتزامات التي ترتبت علينا مع القرار الجديد”.
وأضاف كرزون انه “نتيجة لأوضاع بلدان عربية كالعراق وسورية، فقد توقفت حركة التصدير التي كانت نشطة سابقا، لذلك يضخ الإنتاج المحلي في الأسواق، التي لا تستوعب الكميات الكبيرة من الصناعات، وسط المنافسة الشديدة بين التجار”.
وأوضح أن “هامش الربح كان في الماضي، يصل لنحو 10 %، لكنه انخفض حاليا ونتيجة للأوضاع السابقة إلى 2 %”.
وأشار إلى أن “شركته بدأت بتصنيع الأكياس القابلة للتحلل، والتي تصل لـ150 طنا شهريا، تبعا للعرض والطلب، لكن من الصعوبة تسويقها، في ظل منافسة أصحاب الصناعات غير المرخصة، والتي تعمل بطرق مخالفة كذلك”.
لكن أرقام المؤسسة العامة للغذاء والدواء، تشير لمنح “80 شهادة صنف غذائي للمصانع، بعد أن تم التأكد من استخدامها لمواد وعبوات أمنة لتعبئة، ونقل وتداول وإعداد المواد الغذائية”، وفق مديرها العام الدكتور هايل عبيدات.
ووفق نص المادة 18 من قانون الغذاء، فقد نصت على أن “الغذاء يعتبر غير صالح للاستهلاك البشري اذا كانت العبوة التي تحتوي عليه، مصنعة من مواد غير معدة للتلامس مع الغذاء”.
ووفق عبيدات فقد دفع ذلك المؤسسة لاستحداث “شعبة التعبئة والتغليف لمنح الموافقات على الاستيراد لمنتجات التعبئة والتغليف الملامسة للغذاء والمستوردة من خارج الأردن، والرقابة والتفتيش على المنتجات المصنعة محليا، ومنح شهادات اعتماد ملامسة للغذاء”.
ولفت إلى أن “هنالك تحسنا ملحوظا في كفاءة مصانع مواد التعبئة والتغليف، وزيادة عدد الحاصلة منها على شهادة صنف غذائي، ورفعها لجودة المنتجات المحلية، التي ترافق معها زيادة ثقة المستهلك بالمنتجات المحلية”.
كما وأدت الإجراءات التي قامت بها المؤسسة، لـ”التزام المصانع والمطاعم والمخابز ومحلات الحلويات، باستخدام منتجات ذات صنف غذائي، وزيادة صادرات مواد التعبئة والتغليف”، بحسبه.
ووفق إحصائيات المؤسسة العام الماضي، حصل 30 مصنعا على شهادة اعتماد لصنف غذائي تتعلق بالأكياس البلاستيكية، و18 آخر يعمل على تصنيع العبوات البلاستيكية الأخرى، بينما منح 471 مصنعا موافقة استيراد لمواد تعبئة وتغليف للمنتجات في العام ذاته.
بدوره، أكد مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس الدكتور حيدر الزبن أن “المواصفة الفنية المتعلقة بالأكياس البلاستيكية، ستصدر مستهل نيسان (إبريل) المقبل، وستكون ملزمة للتطبيق في المصانع”.
وبين الزبن أن “ثمة مصانع لم تلتزم لغاية هذه اللحظة، بتغيير خطوط إنتاجها، وضمن المهلة الزمنية التي كانت منحتها الوزارة لهم سابقا”.
وأضاف أن “هنالك كميات سابقة ما تزال متوافرة في الأسواق، استوردت في الماضي، حيث تم وقف الاستيراد حاليا، ولكن يجب كذلك منع المصانع من الإنتاج، وبذلك تصبح مسألة السيطرة على المعابر الحدودية أمرا سهلا”.
ولفت الزبن إلى أن “أي شحنات للأكياس البلاستيكية يرغب التجار باستيرادها، تكون ضمن المواصفات والمعايير التي وضعتها المؤسسة والجهات المعنية”.
وتشير دراسة سابقة صادرة عن منظمة الصحة العالمية، أجريت في عدة دول على مادة البولي إيثيلين التي تدخل في صناعة البلاستيك، لا سيما من النوع العالي الكثافة، الى عدم تأثر هذه المادة أو تحللها، بفعل العوامل الطبيعية، أكانت بيولوجية كالبكتيريا والفطريات والخمائر، أو بيئية كالحرارة والرطوبة والضوء أو أشعة الشمس وأوكسجين ومواد كيماوية.
وتشير إلى أن “زيادة البلاستيك في التربة في مواقع ردم النفايات بنسبة 5 %، يجعل هذه التربة غير صالحة للبناء، وإقامة أي منشأة فوقها، كما أن مواد كيماوية خطرة تدخل بتصنيع حبيبات “البولي إثيلين”، ويزيد عددها على 20 مادة، كالمواد الملونة والمانعة للأكسدة وغيرها، قد تتحلل وتتسرب للتربة أو المياه الجوفية، وتؤدي لتلوثها والإضرار بالثروة الحيوانية، ونفوق الكثير من الحيوانات”.
ووجد أن هذه الأكياس أو أجزاء منها، تؤدي لـ”انسداد القناة الهضمية أو الجهاز التنفسي، بخاصة الرئتين والقصبات الهوائية للحيوانات التي تبتلعها، وبالتالي انخفاض إنتاجها من اللحوم أو الحليب”.الغد