خبراء: الإجراءات الاقتصادية الصعبة ضرورة لمواجهة أخطاء سابقة

مدار الساعة ـ نشر في 2016/11/19 الساعة 12:39
الساعة - في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لاتخاذ اجراءات اقتصادية وصفت بـ "الصعبة" على المواطنين، اتفق اقتصاديون على أن الحكومة "مضطرة لاتخاذ هذه الاجراءات لحل مشاكل اقتصادية سببها سياسات خاطئة متراكمة".
وأقرّ هؤلاء على أنّ هذه الاجراءات سيكون تأثيرها مباشرا على الطبقة الفقيرة والمتوسطة وتحديدا "المتوسطة الدنيا"، مؤكدين أن هذه الاجراءات لا تتعدى أن تكون "حلا جزئيا مؤقتا"، وهناك حاجة الى شبكة أمان قوية واجراءات أخرى تدعم الطبقات المتأثرة.
إلا أنّ آخرين يرون بأنّ هذه الإجراءات ستزيد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية على المدى المتوسط والبعيد، وذلك قياسا على الوصفات التي طبقت سابقا على أنها إجراءات إصلاحية لكنها لم تحقق الهدف المطلوب منها.
وكان الأردن وصندوق النقد الدولي قد وقعا في حزيران (يونيو) الماضي اتفاقا لبرنامج إصلاح مالي وهيكلي حتى العام 2019 ويتضمن شروطا قاسية.
وتضمن الاتفاق تطبيق الأردن لاجراءات يتعلق بعضها في تخفيض أو الغاء الدعومات على العديد من السلع والخدمات التي تستهلك أحجاما كبيرة من الموازنة العامة، وفي الماء والكهرباء.
وتقدر تكلفة دعم الكهرباء الذي تقدمه للحكومة بحوالي 392 مليون دينار سنويا، أما دعم المواد التموينية فيقدر بحوالي 215 مليون دينار.
وتبلغ تكلفة الدعم المقدم في قطاع المياه والصرف الصحي حوالي 200 مليون دينار سنويا، أما الغاز المنزلي فتقدر تكلفته بين 15 -20 مليون دينار سنويا.
ودعمت الحكومة أجور طلبة الجامعات بحوالي 5.46 مليون دينار للعام الحالي، و3.750 العام الماضي، كما يقدم صندوق المعونة الوطنية 90 مليون دينار سنويا، كما تقدر تكلفة المعالجة في المراكز والمستشفيات 6.251 مليون دينار (تقدم لـ 300 ألف مؤمن ضمن شبكة الامان الاجتماعي).
وفي قطاع التعليم، تقدر الحكومة كلفة الطالب سنويا على الدولة في رياض الأطفال 500 دينار، و800 دينار في المرحلة الأساسية، و1000 في المرحلة الثانوية (أكاديمي) و1200 دينار (مهني).
وزير تطوير القطاع العام سابقا الدكتور ماهر المدادحة أشار الى أنّ الاجراءات التي ستتخذها الحكومة لا بدّ منها حاليا، خصوصا أنّ "الاجراءات الاصلاحية التي كان يجب أن تتخذ في السابق استحقّت منذ زمن.
وبين أنّ الاقتصاد اليوم يعاني من مشكلة كبيرة، ولا بدّ من اجراءات من شأنها أن تحافظ على الاستقرار المالي والنقدي لإعادة الاستقرار الاقتصادي وتحقيق استقرار في النمو.
وتابع: "الاجراءات قاسية وستمس شريحة واسعة من المواطنين وخصوصا الفقيرة، لذلك لا بد أن يكون هناك شبكة أمان اجتماعي قوية تدعم هذه الطبقة والطبقة المتوسطة الدنيا".
وأشار الى أنّ هذه الإجراءات ستكون حلا مؤقتا وليس كاملا وعبارة عن "اجراءات سريعة لتثبيت الاستقرار الاقتصادي"، لكنه شدد على ضرورة إجراء مراجعة شاملة لجميع محركات الاقتصاد الوطني، وأن يكون هناك اعادة نظر في الاولويات الانفاق في الموازنة.
واتفق وزير الاقتصاد السابق سامر الطويل مع المدادحة، وقال إنّ هناك واقعا اقتصايا سيئا ناتج عن أخطاء متراكمة، وسكوت عن هذه الأخطاء اضافة الى الظروف المحيطة، وتراجع المجتمع عن تقديم الدعم اللازم للحفاظ على الاقتصاد.
وأكد أنّ "الحكومة مضطرة لاتخاذ مثل هذه الاجراءات، إلا أنّها لا بدّ لأن تراعي طبقات المجتمع وقطاعات معينة بحيث يكون الضرر أخف على المواطن الفقير.
وأشار الى أنّ معظم الطبقات تعاني اليوم في الاقتصاد الأردني، لكن لا بد من مراعاة قدرة الطبقات على تحمل تبعات هذه الاجراءات.
وقال إن هذه الاجراءات ستحل جزءا من المشكلة الاقتصادية التي نعانيها اليوم، داعيا الى ضرورة أن تكون المساعدات الدولية على شكل "دعم نقدي مباشر للخزينة"، وعدم الاكتفاء بتمويل المشاريع التي تتحول في المدى المتوسط والبعيد الى نفقات وأعباء على الموازنة.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري قال إن "الحكومة ستتخذ اجراءات سهلة عليها لكنها صعبة على المواطن".
وأضاف: "ما ستقوم به الحكومة من اجراءات ستزيد الامر صعوبة على المواطن، وذلك قياسا على ما سبق من برامج تمّ اتخاذها في السنوات السابقة، والتي أدت الى زيادة الفقر والبطالة والجريمة".
وأكد أن الوصفات التي تمّ اتخاذها سابقا أدت الى نتائج معاكسة للأهداف المعلنة"،
وأضاف أنّه إذا كان لا بدّ على الحكومة أن تتخذ الاجراءات الصعبة فلا بد أن تتخذ اجراءات أخرى من شأنها أن تخفف من أعباء هذه الاجراءات، وأهمها رفع رواتب الموظفين لما يمكنهم من التعايش مع الظروف الصعبة الجديدة.
وتقدر الارقام الحكومية نسب الفقر في المملكة بـ 14.4 % لعام 2010 (آخر أرقام تمّ الاعلان عنها) مقارنة بـ 13.3 % عام 2008، فيما تشكل الطبقة الوسطى من المجتمع حوالي 29 %.
أما الارقام الرسمية غير المصرح بها فهي تشي بأن نسب الفقر وصلت لعام 2012 الى حوالي 20 %، وفقا لمصدر مطلع أخبر "الغد" في وقت سابق من هذا العام.
يشار هنا الى أنّ تقارير للبنك الدولي كانت قد أكدت بأنّ ثلث سكان المملكة
18.6 % من مجموع السكان الذين لا يُصنّفون كفقراء بحسب تقديرات الفقر السنوية يختبرون الفقر خلال فترات معيّنة، وهذا ما يسمى بالـ "الفقر العابر"، حيث أن هؤلاء هم أصلا منتمون الى الطبقة الوسطى لكنهم ينزلقون الى الفقيرة خلال فترات من السنة.
وكان آخر ما طبقه الأردن من برامج إصلاحية كان "برنامجا شاملا للإصلاح الاقتصادي" أطلقه في 2012 لمدة 3 سنوات، وضع بالتشاور مع الصندوق والبنك الدوليين لدعم هذا البرنامج بالتمويل المالي اللازم، وذلك لتجنب أي انعكاسات مالية سلبية على النمو الاقتصادي وعلى المواطنين ذوي الدخل المحدود، إضافة الى المساعدة على الحصول على منح خارجية وتمويل استثنائي لتغطية الفجوة التمويلية في الموازنة، مقابل الحصول على ملياري دولار.
مدار الساعة ـ نشر في 2016/11/19 الساعة 12:39