تغييب منظمة التحرير الفلسطينية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/16 الساعة 01:19
خلال اتصال هاتفي مع كاتب المقال من السيد خالد مشعل أبدى الرجل دعمه لأي دعوة لمنظمة التحرير بل واستعجل الدعوة وحسم الانقسام وقال إنه “بادر بالاتصال بالسيد عباس لتعزيز موقفه برفض لقاء نائب الرئيس الامريكي بينيس وتصليب موقفه ضد القرار الامريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الامريكية اليها”؛ بمعنى ان حركة حماس اليوم تقدم كل التسهيلات وحتى التنازلات للوصول الى لحظة اجماع فلسطيني، لمواجهة اللحظة الفارقة ولمنع التكاسل والتحجج العربيين بالانقسام، لكن سؤال تعطيل اجتماع منظمة التحرير سؤال كاشف لحقيقة جدية السلطة الفلسطينية في التنازل عن مكاسبها الذاتية من اتفاق اوسلو وتبعاته على الشعب الفلسطيني وقضيته الرئيسة .
هناك احساس فلسطيني بأن المطلوب اليوم تغييب منظمة التحرير الفلسطينية وتغييب رد الفعل الموازي لاستهداف القدس واعادة انتاج حلول حقيقية لرفعة القضية الفلسطينية بعد سنوات القحط العربي، واعادتها الى مكانتها على رأس الاهتمام العربي والعالمي، فهناك من يبدو انه ينتظر فعلا خطة السلام الامريكية التي بشر بها ترامب واركان ادارته واعاد التبشير بها امس طرف عربي، ويعلم الجميع ان سقف منظمة التحرير يتجاوز سقف السلطة الوطنية التي وصفها رئيسها بنفسه انها بلا سلطة، فيتم الامعان في تعطيل منظمة التحرير، وبالاستخفاف بمرجعية السلطة الوطنية ذاتها في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن الاستخفاف الامريكي والصهيوني بالمرجعيات الدولية، فهل اصاب فيروس الاستخفاف بالمرجعيات السياسية والقانونية السلطة الوطنية وهل بات الكيل بمكيالين سلوكا عاما للخصم والضحية على حد سواء ؟ وأن الامة المغلوبة تأخذ شكل غالبها وسلوكه .
قبل أن نُطالب العالمين العربي والاسلامي بمواقف متقدمة وصلبة في مواجهة القرار الامريكي، علينا ان نفرض ذلك على واقعنا الفلسطيني اولا ، فليس معقولا ان تكون جموع المعزين اكثر بكاء على الفقيد من ذويه واهله، وحتى تاريخه فإن المعزين هم اعلى نحيبا من اهل الميت، فمنظمة التحرير هي المظلة الفلسطينية الجامعة وهي الممثل الشرعي الوحيد بصيغتها الموحدة والاستخفاف بدورها وبتوسعتها هو استخفاف بكل الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني والشتات وهي العلامة الفارقة في التاريخ النضالي الفلسطيني وهي التي أوصلت للعالم كله الصوت الفلسطيني وجمعت له التأييد العالمي وفرضت بنضالها الطويل وقيادتها للانتفاضة الاولى وجود سلطة فلسطينية افضت الى عودة 370 الف فلسطيني الى الاراضي الفلسطينية، هذه الانتفاضة التي قدمت الاف الشهداء والجرحى والاسرى من اجل الحرية والاستقلال وليس من اجل المناصب والامتيازات والسجاد الاحمر.
الاستمرار في تعطيل منظمة التحرير وتغييبها هو الكاشف لعدم جدية مواجهة القرار الامريكي، وهو الكاشف ايضا لحقيقة الموقف المتقاعس حتى اللحظة عن التصدي لوعد ترامب المشؤوم، فالمواجهة الفلسطينية هي المقياس الذي ستلتزم به كل الدول العربية والاسلامية واي تقاعس سيبرر بل وسيمنح التقاعس العربي شرعية ومشروعية، ومنظمة التحرير هي الجهة الوحيدة القادرة على انتاج الانتفاضة الثالثة تحت عنوان انتفاضة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ودون ذلك سيكون مجرد تسويف واستثمار في دماء الشعب الفلسطيني لمزيد من المكاسب.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/16 الساعة 01:19