«الإنسانية الأردنية» أمام «الجنائية الدولية»

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/13 الساعة 09:23
مدار الساعة - كتب .. خلود خطاطبة عار على المجتمع الدولي بأكلمه القبول بان تكون دولة مثل الأردن عرضة لأساليب الانتقام الأميركية بتحريض إسرائيلي، والعمل على تشويه مواقفها على مدى عقود مضت سواء مواقفها من القضايا الدولية أو القضايا العربية والاسلامية، وهي الأن تدفع ثمن مواقفها الثابتة والمشرفة من العروبة والإسلام في مجتمع عالمي يحكمه الجنون والتطرف. مؤلم، صمت المجتمع الدولي، عندما تحال دولة مثل الأردن الى مجلس الأمن من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي صادقت على الانضمام لها طوعا، على خلفية استقبالها الرئيس السوداني عمر حسن البشير في آذار الماضي، وهي الدولة التي لم تكن دوما الا مع العدل والسلام في العالم أجمع، وتتحرك في جميع الاتجاهات لإخراج هذا العالم من السواد الذي يحكمه. ليس الأردن، الذي يستحق أن تحرك الولايات المتحدة الاميركية “محكمتها” الجنائية الدولية ضده، ذلك أن هناك جرائم في العالم ومنها ما يرتكبه الاحتلال الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها القدس الشريف، تستحق إحالتها الى المحكمة الجنائية الدولية والى مجلس الأمن، وليس استقبال الاردن لرئيس عربي للمشاركة في قمة عربية استنادا الى القوانين الدولية التي تقر وتجيز ذلك وتمنحه الحق فيها. العار على المجتمع الدولي، الوقوف والنظر الى أميركا وهي تعتقد أنها تعاقب الأردن على مواقفه وتحركاته الدائمة والأخيرة تجاه القدس ومقدساتها بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما أنه من المؤسف السماح بالتصرف مع دولة مثل الأردن بهذا الاسلوب الانتقامي المكشوف، فهي لا تستحق ذلك لإسباب كثيرة منها: أولا: مواقف الأردن بالسعي الى إحلال السلام ورفض الإرهاب في أي بقعة في العالم، ينطلق من قناعة راسخة بهذه المباديء لدى جلالة الملك عبدالله الثاني وقبله ملوك الهاشميين وحكومة وشعب المملكة، فالأردن لم يكن يوما محرضا أو مشاركا في حرب لا تستهدف الحفاظ على أسمى القيم العربية والإسلامية والإنسانية. ثانيا: مواقف الأردن ليس صحيحا أنها ثمن لما يقدمه العالم من مساعدات لها ومنها المساعدات الأميركية، والدليل على ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت العام الحالي مساعدات للأردن بقيمة 1.3 مليار دولار، وهذه القيمة لا تمثل شيئا يذكر مع التحديات الاقتصادية التي يواجهها الاردن نيابة عن المجتمع الدولي جراء جنون العالم والمنطقة، فمواقف الأردن ثابتة ونابعة من إرث قومي عربي هاشمي إنساني. ثالثا: الأردن يستضيف أكبر موجة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية، في الوقت الذي ضجت فيه أوروبا وأميركا من بعض الاف اللاجئين السوريين، وهذا دليل على الدور الإنساني الذي يقدمه الأردن نيابة عن العالم أيضا، فالأردن يضم 3 ملايين لاجيء منهم 1.5 مليون لاجيء سوري والباقي يتوزعون بين العراقيين واليمنيين والليبيين وغيرهم من أشقائنا العرب. رابعا: العالم تخلى عن الأردن وبقي وحيدا في مواجهة أكبر موجة لجوء، ما أثر على اقتصاده وتسبب بان تصل مديونيته الى نحو 95% من اجمالي الناتج القومي، ولم يتلق الاردن حتى الان سوى 30% فقط من المساعدات التي وعد العالم بتقديمها لمساعدته في مواجهة أزمة اللجوء السوري. خامسا: الأردن وقف رأس حربة في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وكان دوما الى جانب دول العالم كافة في الحرب على الإرهاب، وكان أخرها دوره الفاعل جدا في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي الى جانب التحالف الدولي، ولم تثنه الأثمان الباهظة التي دفعها جراء استهدافه من قبل الارهابيين في تفجيرات عمان وأحداث الكرك والركبان وتلوع أمهات الأردنيين على أبنائهم من الشهداء، عن الاستمرار في محاربة الظلاميين، وذكرى الشهيد معاذ الكساسبة ما تزال شاهدا على تضحية الأردن وأبنائه. سادسا: لم يستخدم الأردن قواته المسلحة وجيشه في العبث بأمن المنطقة وإثارة النزاعات، بل أن مهام جيشه العربي وسقوط الشهداء في تلك المهام، جاء بهدف الدفاع عن القيم العالمية والانسانية في وجه الإرهاب، وحفظ السلام بأرجاء العالم، والوقوف على الحدود ليلا نهارا لاستقبال الاطفال من اللاجئين السوريين بابتسامة واحتضان. سابعا: الأردن بلد يتوسط محيط محترق بالنزاعات السياسية والمسلحة، الا أنه يبذل جهدا نحو ترسيخ المفاهيم المؤسسية والديمقراطية والمدنية مستثمرا مجتمعه المتعلم والشاب، ويحاول قدر الإمكان تعزيز مجالات التنمية السياسية ويخطو خطوات جيدة نحو محاربة الفساد ومحاربة الأمية، وبالتالي يمثل أنموذجا للدول المؤمنة بقيم الانسانية. ثامنا: الأردن بذل جهودا دولية مضنية في ايقاظ العالم وعلى الأخص الولايات المتحدة الأميركية لإستناف العملية السلمية وكان يؤكد كل مرة على أن انهاء الصراع العربي الاسرائيلي وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية هو مفتاح السلام في المنطقة، الا أنه لم يجد من يستجب لدعواته خاصة مع عودة اليمين الأميركي والإسرائيلي الى سدة حكم من جديد. لهذه الأسباب، ولإسباب غيرها كثيرة، يجب أن لا تمارس الولايات المتحدة سياسات ضغط والتفاق على المواقف الأردنية بضغط إسرائيلي، تدفع الى خسارة مثل هذا الصوت المعتدل المقاوم للإرهاب والداعي للسلام والمنادي بالحقوق العربية والإسلامية، كما يجب على المجتمع الدولي وعلى الأخص الإتحاد الأوروبي عدم إضفاء شرعية على أي تحرك انتقامي لأميركا، امتدادا لعدم شرعية قرارها بإعلان القدس عاصمة لاسرائيل . الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/13 الساعة 09:23