أبو جابر: الأردن يعيد رسم تحالفاته الإقليمية على وقع قرار ترامب
مدار الساعة - ما إن أعلن جلالة الملك عبد الله الثاني ، والرئيس التركي، رجب طيب أرودغان، عن مواقفهما الواضحة والرافضة لقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلّة، ولا سيما أن الزعيمين تترأس بلادهما مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي، وأعمال القمة العربية حالياً ، حتى خرجت التحليلات حول التحالف الاردني التركي لمواجهة قرار ترامب.
- تحالفات جديدة ومعاكسة
وبحسب وزير الخارجية الأردني السابق، الدكتور كامل أبو جابر، فإن على "عمان أن تعيد رسم سياساتها القادمة وفقاً لمصلحتها، في ظل خلافاتٍ عربيةٍ غير مسبوقة".
أبو جابر، الذي قاد وفدي المفاوضات الفلسطيني والأردني إلى مدريد في العام 1991، أكد في تصريحاتٍ لموقع لـ "الخليج أونلاين" أن "تلك المفاوضات لم تأتِ بالخير على الشعبين الأردني والفلسطيني"، متمنّياً لو أن "معاهدة أوسلو لم تتم؛ لأنها بصورةٍ أو بأخرى أنهت المعنى الحقيقي للصراع الفلسطيني مع الاحتلال".
في المقابل فإن مطبخ القرار الأردني بدأ فعلياً بالتفكير بصورةٍ جدية لإعادة تموضعه السياسي، بعد قرار الرئيس الأمريكي؛ الذي استهدف بصورةٍ مباشرة الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة، وبحسب مراقبين، فإن الملك عبد الله الثاني "بدأ فعلياً بتغيير خريطة تحالفات بلاده الإقليمية؛ من خلال مسارعته لزيارة تركيا، وإجرائه اتصالاً هاتفياً مع أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد، دون الإعلان عن وجود أي اتصالٍ ما بين عمّان والرياض وأبوظبي".
- غضب رسمي وشعبي غير مسبوق
الأردن، الذي اتجه نحو غريمي السعودية ومصر والإمارات؛ وهما قطر وتركيا، أعلن عن نفسه مبكراً من خلال غضبه من التطوّرات التي تشهدها القضيّة الفلسطينية، في حين كانت مواقف حلفائه التقليديين باهتة ودون المستوى المطلوب.
وكان لافتاً أن التحالف الثلاثي (مصر، والسعودية، والإمارات) لم يكن ضمن محطّات الأردن في الاتصالات المكثّفة بشأن القدس، وبحسب مصادر مقرّبة من دوائر صنع القرار في الأردن، فإن الأخيرة "ترى أن اختلافاً وتبايناً واضحاً في المواقف إزاء قرار الرئيس دونالد ترامب، ولا تعتقد الدول الثلاث أن موقف ترامب الجديد من القدس يعني دخول القضية الفلسطينية في مربع الخطر الشديد بعيداً عن حسابات التحالفات الإقليمية المستمرّة في المنطقة".
- مزاحمة على الدور الأردني
الأردن يؤكد دائماً أنه وحتى قبل قرار ترامب كان صاحب الموقف الأبرز عربيّاً، وقاد اتصالات دبلوماسية نجحت بداية في تأجيل إعلان القرار المتعلّق بالقدس المحتلّة، رغم أن عدداً من الدول العربية قفزت على هذا الدور وأعلنت أنها صاحبة الفضل في التأجيل.
الكاتب والمحلل السياسي حسن البراري، قال : إن "الرئيس ترامب لم يحترم جهد السعودية في دعوة أكثر من 55 دولة عربية ومسلمة للقاء الرئيس الأمريكي في الرياض، حين سلّمت هذه الدول بمنطق محاربة الإرهاب، ولم يحترم استجداء بعض الدول العربية التحالف مع إسرائيل لعلّها تقوم بإحراز انتصار عسكري ضد إيران، أو أحد وكلائها في المنطقة يجيَّر لصالح هذه الدولة أو تلك".
وقال: "قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والبدء بإجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يمثل صفعة وجّهها لدول الاعتدال التي باتت تطلق النار من مسدسات فارغة، ولم تعد تقوى على أكثر من الشجب والإدانة".
وفي يوم الجمعة أيضاً، احتشدت شوارع الأردن في جميع المدن والمحافظات بمسيرات جماهيرية مدعومة رسميّاً، وجيَّشت فيها عمان كافة مفاصلها وأجهزتها للتعبير عن غضبهم إزاء ما يُخطط للمدينة المقدّسة.
المسيرات الحاشدة ندّدت بالتواطؤ العربي تجاه المدينة المقدسة، ونادوا جميعاً بقطع العلاقات مع إسرائيل، وإلغاء اتفاقية "وادي عربة"، وطرد السفير الإسرائيلي من البلاد، وفيما يبدو فإن مجلس النواب الأردني التقط تلك المطالبات بصورةٍ فورية، فدعا في جلسته التي عقدها اليوم الأحد، إلى السير في إجراءات إلغاء معاهدة وادي عربة، وكل الاتفاقيات الموقَّعة بين الأردن وإسرائيل، ومن ضمن ذلك اتفاقية الغاز.
- الملك يغرّد مباركاً
إلا أن الدعم الرسمي لهذه التحرّكات عبّر عنه الملك عبد الله الثاني بتغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر، بقوله: "الأردنيون هم على الدوام نبض هذه الأمة، وما أظهروه اليوم من مشاعر جيّاشة تجاه القدس، قضيّتنا الأولى، بتلاحم وتآخٍ لا مثيل لهما، يعكس مقدار شموخ شعبنا ورقيّه، وهو مصدر فخر لي ولكل عربي، حفظ الله الأردن وشعبه درعاً وسنداً لأمتنا وأبنائها".
بدوره أكد عضو مجلس النواب، خليل عطية، أن "اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل يمثل أعلى درجات الخطر الذي أقدم عليه المختلّ ترامب، وهو قرار جاء لإرضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا"، على حدّ وصفه.
ودعا عطية، خلال حديثٍ له، "اتحاد البرلمانيين العرب للضغط على حكوماتهم لاتخاذ إجراءات حاسمة وقوية تنسجم مع جسامة الاعتراف الخطير".(الخليج اونلاين)