عندما ترفض تطبيقات الخرائط مساعدتهم .. الفسلطينيون يصنعون خرائطهم الخاصة

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/12 الساعة 12:15

مدار الساعة - نشر موقع وايرد تقريرا عن معاناة الفلسطينيين في استخدام خرائط جوجل وترجمه موقع البوابة العربية لاخبار التكنولوجيا.

اذا كنت ترغب بالقيادة لحوالي ١٥ ميلًا أو نحو ذلك ضمن الأراضي الفلسطينية من أجل الانتقال من القدس إلى مدينة أريحا فإن تطبيق خرائط جوجل سوف يخبرك بأنه: "لا يمكن العثور على طريق هناك"، ويصدر تطبيق الملاحة ويز Waze تحذيرًا: "احذر: هذه الوجهة تتواجد ضمن منطقه عاليه الخطورة أو محظوره علي ين بموجب القانون".

وفي حال قمت بالضغط على "تأكيد الرحلة" فإن التطبيق يعمل على توجيهك، ولكن ليس لكامل الطريق، وعندما تمر من الأراضي القابعة تحت الاحتلال إلى الضفة الغربية، فإن المعلومات المقدمة من تطبيق ويز تنتهي، وتحتاج إلى تغيير الإعدادات من أجل الاستمرار والسماح بالوصول إلى المناطق التي يصفها التطبيق بأنها "عالية المخاطر"، وحتى في هذه الحالة فإن تغطية نظام تحديد المواقع العالمي تميل إلى أن تكون محدودة.

وفي حال كنت تريد عبور خط التقسيم غير المرئي في كثير من الأحيان بين أراضي الاحتلال والأراضي الفلسطينية فإن أفضل خيار هو إغلاق ويز وفتح تطبيق الخرائط Maps.Me، وهو تطبيق مفتوح المصدر بيلاروسي المنشأ ومملوك حاليًا لمجموعة Mail.Ru Group الروسية، ويمكن استعماله دون اتصال بالإنترنت بالاعتماد على بيانات OpenStreetMap، وهي ميزة مهمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث لا خدمات جيل ثالث ٣G لمقدمي الخدمة الفلسطينيين.

ويعتبر تطبيق Maps.Me أكثر من مجرد مصدر للاتجاهات، حيث أنه قاعدة بيانات للطرق والمدارس والساحات والمحلات التجارية وغيرها من المعالم التي رسمها المبرمجون من خلال رسم خرائط مفتوحة المصدر (نظام يشبه ويكيبيديا حيث يمكن لأي شخص إضافة معلوماته)، واعتمد هذا الحل من قبل الفلسطينيين والمنظمات غير الحكومية الدولية على مدى العقد الماضي لزيادة رسم الخرائط في الضفة الغربية وقطاع غزة ووضع فلسطين حرفيًا ومجازًا على الخريطة.

الحدود

استولى الاحتلال في حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧ على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وضم القدس الشرقية، وهي خطوة يرفضها المجتمع الدولي إلى حد كبير، وقد أعلن الرئيس دونالد ترامب مؤخرًا بأن الولايات المتحدة تعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال . ومنذ منتصف التسعينيات كان لدى السلطة الفلسطينية، ومقرها في رام الله، سيطرة شبه مستقلة على أجزاء من الضفة الغربية، تسمى المنطقة أ والمنطقة ب، وفي الوقت نفسه، توسعت مستوطنات الاحتلال غير القانونية بموجب القانون الدولي في أكبر قسم من الضفة الغربية، والذي يسمى المنطقة ج. وفي الوقت نفسه حكمت حركة حماس غزة، وهي الحركة التي تعتبرها الولايات المتحدة وأوروبا جماعة إرهابية، وخضعت غزة لحصار من قبل الاحتلال ومصر بعد حرب أهلية في عام ٢٠٠٧ قامت بين حركة حماس والسلطة الفلسطنية أدت إلى بسط سيطرة حماس على الأرض.

وفي ظل هذه الظروف والأوضاع فإن مسألة الوصول إلى خرائط وتطبيقات ملاحة جيدة ليست مجرد مسألة وصول بل يتعلق الأمر بتسجيل الحياة الفلسطينية على الأرض وإعطاء الناس المتواجدين في هذه البقعة من الأرض إمكانية الوصول إلى المعلومات والحركة كما هو حاصل في أراضي الاحتلال .

وبحسب المؤسس الشريك لتطبيق الخرائط Maps.me ألكسندر بوريسك فإن التطبيق بدأ عمله في عام ٢٠١١ في روسيا البيضاء وسجل حتى الآن حوالي ٨٠ مليون عملية تنزيل، وانتقلت الشركة إلى العاصمة الروسية موسكو بعد عملية الاستحواذ عليها من قبل شركة الإنترنت الروسية في نهاية عام ٢٠١٤.

ويعمل التطبيق وفق فرضية بسيطة تقوم على أخذ المعلومات مفتوحة المصدر المتاحة من خلال OpenStreetMap.org، وهي خدمة مجانية مفتوحة المصدر تعتمد على حشد المصادر، واستعمالها ضمنه لتشغيل الخريطة الخاصة به وأدوات الملاحة مع البيانات، وقرر الفريق جعل الخرائط قابله للتحميل والاستعمال دون اتصال بعد أن زار أحد أعضاء الفريق كوبا المتعطشة للإنترنت.

أما بالنسبة للضفة الغربية وغزة، فإن المبرمجين الذين يستخدمون خرائط OpenStreetMap يملؤون أسماء الشوارع ويضيفون مواقع المحلات التجارية والمطاعم والمدارس والحدائق والساحات والمساجد، وبمجرد تنزيل التطبيق فإنه بإمكان أي مستخدم إضافة دبابيس خاصة بهم لتحديد أي طريق جانبي غير موثق سابقًا أو متجر يترددون عليه.

وقال ناصر أبو جبل العامل مع فريق الجغرافيا المكانية في وزارة الحكم المحلي التابعة للسلطة الفلسطينية في تصريح لموقع وايرد التقني: "أعتقد بأن كل شيء مسيّس". ويقوم ناصر بإنشاء خرائط وجمع البيانات عن الضفة الغربية وغزة، بما في ذلك مواقع النقاط الزراعية والبنية التحتية، والتي يمكن للأفراد أو المنظمات استخدامها كأساس لمزيد من رسم الخرائط.

ومع ذلك فإن التطبيق لا يزال يعتبر متأخرًا بالمقارنة مع تطبيق خرائط جوجل و ويز، حيث أن هناك أماكن من الصعب العثور عليها اعتمادًا على الترجمة الإنجليزية أو الإملاء الخاص بالمبرمج، كما أن التطبيق يخبرك بأن مسافة الرحلة البالغة ١٢ ميلًا بين القدس ورام الله في الضفة الغربية تحتاج إلى ١٥ دقيقة، دون أن يحسب نقاط التفتيش والطرق المتعرجة وحركة المرور التي تضيف عادًة ما بين ٤٥ و٩٠ دقيقة إلى الرحلة.

صناعة الخرائط

يعد تطبيق ويز المطور من قبل الاحتلال بمثابة مورد لا غنى عنه ضمن أراضي الخاضعة للاحتلال، لتضمنه ميزات مختلفة مثل التحذير من رادارات السرعة على الطرقات، ولكن الأمور تزداد تعقيدًا في الضفة الغربية، حيث يتواجد ضمن المنطقة ج العديد من الطرق الجديدة المبنية لربط المستوطنات المتنازع عليها دوليًا مع باقي الأراضي الخاضعة لسلطة الاحتلال .

ويعمل ويز على توجيه السائقين إلى هذه الطرق الرئيسية والسريعة، لكن هذا الأمر قد يشكل مشكلة بالنسبة للأشخاص المتواجدين في سيارات تحمل لوحات ترخيص فلسطينية، تبعًا لتقييد ومنع مرورها في بعض تلك الطرق والشوارع، وقال متحدث باسم تطبيق ويز "قد يدرس ويز مسألة القيود المفروضة على لوحات الترخيص الفلسطينية لتقييم إمكانية دعمها".

ويخبرك ويز عند دخولك جزءًا من الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية بأنك في مناطق خطيرة وممنوعة على مواطني الاحتلال ، وأوضح المتحدث باسم تطبيق ويز "يحظر على ين الدخول إلى المناطق أ و ب، ويوفر التطبيق إعدادات تدعم هذا التقييد، لكن بإمكان السكان المحليين في المناطق أ و ب إزالة هذا التقييد والتحرك بحرية في تلك المناطق".

خرائط جوجل ليست بعيدة عن الموضوع، حيث يأخذ الفلسطينيون تغطيتها الضعيفة للضفة الغربية على سبيل المثال على محمل شخصي، ولكن الشركة تنفي وجود اعتبارات سياسية فيما يخص هذا الموضوع، ويشير متحدث باسم الشركة: "بعض المناطق يصعب رسم خرائط لها أكثر من غيرها بسبب مجموعة من العوامل بما في ذلك عدم وجود بيانات ذات جودة ونقص في البنية التحتية على الأرض".

وتحاول شركة جوجل تغيير هذا الأمر، حيث قامت في شهر أبريل/نيسان بإرسال سياراتها في محاولة لزيادة الخرائط، وذلك بعد أن ظلت المدن الفلسطينية الكبرى في الضفة الغربية مثل رام الله وأريحا وبيت لحم على مدى سنوات عبارة عن مساحة بيضاء فارغة إلى حد كبير.

وقد حمل أشخاص آخرون على عاتقهم تحديات رسم الخرائط، حيث قام فريق OpenStreetMap برئاسة المبرمج والجغرافي مارون، خلال حرب غزة عام ٢٠١٤ بقيادة جهود رسم خرائط للمساكن من أجل تقييم مدى الضرر والأماكن التي دمرت، كما افتتحت شركة خدمات التوصيل كريم، التي تتخذ من دبي مقرًا لها، في شهر يونيو/حزيران مقرًا لها في مدينة رام الله، مع خريطة خاصة بها، إلا أنها أوقفت الخدمة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني بعد ضغط من السلطة الفلسطينية.

وتعمل بلدية رام الله على زيادة شبكات واي فاي اللاسلكية العامة، وبالتالي فإن المشاكل المتعلقة بعدم وجود خدمات الجيل الثالث أصبحت أقل، وقامت منظمة The Rebuilding Alliance، وهي منظمة غير ربحية يقع مقرها في الولايات المتحدة، بتنظيم حدث Mapathon، حيث يسجل المبرمجون الفلسطينيون والدوليون المباني والأراضي الزراعية في القرى التي لم يتم تحديدها سابقًأ.

ويساهم أشخاص مختلفون في عملية رسم الخرائط مفتوحة المصدر، وأحدهم بن زيون، ٢٣ عامًا، وهو رسام خرائط من مواطني الاحتلال من رحوفوت، يعمل على رسم الخرائط مفتوحة المصدر منذ عام ٢٠٠٩.

ويعتبر بن زيون من أكبر المساهمين الرئيسين فيما يخص خرائط الضفة الغربية، حيث يخطط الطرق والمواقع والمزارع حول كتلة المستوطنات في غوش عتصيون، ومثل الكثير من اليهود ين فإن لديه اتصال قليل مع الفلسطينين، وقال أنه لم يفكر سابقًا كيف تبدو أو تعمل خرائط وتطبيقات الملاحة التي عمل عليها من الجانب الآخر.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/12 الساعة 12:15