ما بعد كامب ديفيد 2000 وما بعد قرار ترامب
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/12 الساعة 00:38
صيف العام 2000، عاد عرفات من قمة كامب ديفيد في الولايات المتحدة، وقد أيقن أن مشروع أوسلو لن يفضي إلى دولة حقيقية على الأراضي المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية؛ حتى مع موافقته على “تبادل الأراضي”، وتجاوزه العملي عن التجسيد الفعلي لعودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 48، فكان أن قرر دعم انتفاضة الأقصى، وهو ما دفع ثمنه حصارا ثم اغتيالا بعد ذلك.
جاء ورثته بمشروع جديد يطارد وهمَ التسوية، فتم تجديد السلطة التي صُممت لخدمة الاحتلال، وجاء “دايتون” لإعادة ترتيب مؤسسة الأمن، وبلير، لترتيب الاقتصاد والمساعدات، وتمت إعادة السلطة إلى طبيعتها الحقيقية كخادم للاحتلال، وظل قادتها الجدد يعوّلون على التفاوض من جديد. خاضوا جولة مفاوضات طويلة مع أولمرت وليفني كُشفت وثائقها بما انطوت عليه من تنازلات غير مسبوقة، بما في ذلك تنازلات مهمة في القدس ذاتها، وتجاوز لمسألة اللاجئين، لكنها انتهت إلى لا شيء، بسبب سقف مطالب العدو.
منذ ذلك الحين لم يكن ثمة شرط للشروع في رحلة وهمٍ جديدة غير أن يجمّد نتنياهو الاستيطان، وهو بالمناسبة شرط وضعه أوباما وليس عباس، ولم يتحقق فلم تُستأنف المفاوضات، باستثناء جولات سرية لم تسفر عن شيء، لكن ذلك لم يغير في استراتيجية السلطة التي ظلت وفيّة لالتزاماتها في التعاون الأمني، والحديث عن وجودها كدولة باستثمارات وتنمية وكلام يضع العربة أمام الحصان.
اليوم، يمكننا بعد قرار ترامب الجديد أن نقارن بين اللحظتين؛ لحظة اليأس في كامب ديفيد صيف العام 2000، وبين لحظة اليأس الجديدة بعد قرار ترامب، فهل يمكن للقيادة الجديدة أن تفعل ما فعله عرفات بالانحياز لقرار الشعب بالتمرد على الغزاة.
نعلم هنا بكل تأكيد موقف هذه القيادة من العمل المسلح على وجه التحديد، ولو كانت غير ذلك، لكان الحلّ الحقيقي هو حلُّ السلطة برمتها، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أوسلو، واستنزاف العدو على كل صعيد.
وهنا نسأل: هل تملك القيادة القابلية للعمل المقاوم غير المسلح، أعني المقاومة الشعبية التي تشتبك مع الحواجز الصهيونية، وتوقف الاجتياحات لتجمعات الفلسطينيين، وتمنع الاعتقالات عبر الجموع الحاشدة؟
بالإمكان التفاهم مع الفصائل على استراتيجية من هذا النوع، تعلن مناطق تجمعات الفلسطينيين مناطق محررة تحميها الجموع البشرية ولا تسمح باجتياحها من قبل قوات الاحتلال لمطاردة شبان المقاومة كما يحدث طوال الوقت، بدليل تصاعد أعداد الأسرى بشكل رهيب، كما لو أن الانتفاضة مشتعلة، وهذا منذ عامين تقريبا، من يوم أن بدأ الصهاينة يعدون العدة لاستثمار حريق المنطقة في حل يصفي القضية.
الكرة الآن في ملعب القيادة الفلسطينية، وعليها أن تقرر ما إذا كان ردها على قرار ترامب هو استمرار الشكوى فقط، أم بتحويل حياة الاحتلال إلى جحيم مكلف، تماما كما تفعل كل الشعوب الحرة في التجارب المشابهة؟
نحاول أن نتشبث بالأمل، وإذا لم تفعل تلك القيادة ذلك، فعلى قواعد “فتح” أن ينحازوا إلى جماهير شعبهم، كي يفرضوا جميعا على القيادة نهجا جديدا يخرج القضية من حالة التيه التي تيعش فيها منذ 2004 ولغاية الآن. الدستور
نحاول أن نتشبث بالأمل، وإذا لم تفعل تلك القيادة ذلك، فعلى قواعد “فتح” أن ينحازوا إلى جماهير شعبهم، كي يفرضوا جميعا على القيادة نهجا جديدا يخرج القضية من حالة التيه التي تيعش فيها منذ 2004 ولغاية الآن. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/12 الساعة 00:38