القدس ليست أولا

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/09 الساعة 00:13
لن اكذب عليكم، فأنا لست متعاطفا مع القدس وقضيتها المطروحة على موائد البحث الكوني، بشرقها وغربها، ولست معنيا بتحويل صورة بروفايلي على مواقع التواصل الاجتماعي الى صورة قبة الصخرة، ولست مهتما بالمشاركة في المسيرات والاعتصامات في يوم الاجازة الوحيد، ربما اشارك لغايات التصوير في الايام القادمة، ولست غاضبا من الرئيس الامريكي دونالد ترامب ولا من نائبه بينس، فكلاهما قال موقفه الواضح والصريح خلال الحملة الانتخابية، بل قالا ما هو اخطر واعمق من قرار تنفيذ نقل السفارة الى القدس والاعتراف بها عاصمة ابدية وأزلية لاسرائيل، وهما يقومان اليوم بتنفيذ ما وعدا به جمهور الناخبين، وملتزمان بكل حرف نطقاه في البرنامج الانتخابي، فهل نغضب من شخص ملتزم بما يقول ام العكس هو الواجب ؟ سأواصل الاعتراف، انا معجب جدا بشخصية نتنياهو، ومعجب اكثر بحزب الليكود، وتُلفتني الاحزاب الاسرائيلية الجديدة من اسرائيل بيتنا الى باقي السلسلة الحزبية عندهم، برامج عمل واضحة والتزام حديدي بالتنفيذ، رؤيا استشرافية للمستقبل وعمل دؤوب من اجل البقاء بقوة، مؤسسات صارمة والتزام بالعمل المؤسساتي، لا اغاني للزعماء ولا تماثيل ولا صور خاضعة لكل المُحسنات والفوتو شوب، صور حقيقية تكشف وجههم الحقيقي، مجتمع حوّل الشُحّ الى وفرة والمرض الى صحة والفقر الى غنى، رغم وجودهم في بيئة معادية بين قوسين، بيئة تنعم بكل عوامل الوفرة ولكن مدنها تعيش الشُحّ الخدماتي والتنموي، بيئة اعادت الى الذاكرة الكونية امراضا منقرضة مثل: الكوليرا رغم ان عباقرة الطب ولدوا على ارضها، بيئة غنية ولكنها تستحوذ على اكثر نسبة فقر في العالم . هل اقول اكثر، نعم ، لن اشعر بالاسف ان استمر سقوط العواصم العربية في وحل الفشل والعنف والتطرف والفقر، طالما ان المواطن العربي يعيش كل الاسباب الموجبة لانتاج الربيع وبدل ذلك ينتج الخراب، طالما ان ازمتنا هي في التصارع من اجل وظيفة حتى لو بغياب العدالة، طالما اننا نتوحد خلف فريق اسباني او انجليزي اكثر من توحدنا خلف اعتداء على طفل او اغتصاب فتاة، طالما ندلف ورقة الانتخاب في الصندوق بعد ان تدلف ورقة الخمسين في جيبتنا او طرد المعونة الغذائية او نغسل ايدينا من زفر المناسف وقطر الكنافة، طالما ننتخب من يكذب علينا ونعلم انه يكذب ونُعيد انتخابه او انتخاب امثاله، ثم نتظاهر ضد من يصدق ناخبيه ولا يكذب عليهم، على الاقل علينا ان نتظاهر اولا ضد كذبنا ونتظاهر ضد صدقهم . نعم ، لن اتضامن مع خطاب ما زال يستذكر الماضي ولا يتحدث بكلمة عن المستقبل ويبرر الحاضر، ما زال يتحدث عن عمر وعدله وابي بكر وسابقته وعلي وزهده وعثمان وتصدّقه، ويحاول ان يُسقط ذلك على خلفاء الحاضر ، فعدلهم منقوص واسبقيتهم في الهرولة الى حضن الاعداء وزهدهم على شعوبهم في الحرية والعدالة والتنمية وبذخهم على انفسهم ومحاسيبهم وتصدّقهم بكل الاموال على الاعداء على شكل استثمارات وسندات وموال في الحسابات، لن أتضامن مع القدس ركضا في الشوارع وعلى ابواب السفارات التي تستقبل كل يوم طوابير من الشباب من اجل فيزا او طلب هجرة، وللتذكير فإن ازمة جوازات السفر في ادراج السفارة الاسرائيلية المغلقة ما زالت قائمة واتمنى ان تذكر جهة رسمية الرقم المُحتجز . ساتضامن مع اي دعوة وساشارك بكل مظاهرة، تُطالب ان نصبح مواطنين لا رعايا، ساشارك مع اي حزب يطرح برنامج عمل له اجندة تنفيذية، سأكون في طليعة من يبنون مؤسسات وطنية تضع برامج عمل ولا تخضع لرؤية فرد وبرنامج فرد ومصلحة فرد، لن اجرح حنجرتي في الهتاف من اجل القدس فقط وكل فلسطين محتلة، فالقدس ليست اغلى من صفد واللد والرملة وغزة وجنين ونابلس والخليل، لن تتحرر القدس وصنعاء تستوطنها الكوليرا والحروب القبلية، لن تتحرر القدس والفقر يستوطن الصعيد المصري والجنوب الاردني فيما تخرّ عواصم من ثِقل الاصفار المودعة في حسابات الغرب، لن تتحرر فلسطين وسورية تنهشها الحلول الخارجية، لن تتحرر فلسطين ونحن نعيش خلافا ضروسا بين الضفة وغزة وبين مجلس التعاون وبين الانبار والبصرة، لن اتظاهر تضامنا مع سلطة تطلب الدولة من وحل القمة، لن اتضامن او اتظاهر الا من اجل وطن ديمقراطي ومن اجل مواطن يعيش بكرامة، لأن ذلك هو من يحرر فلسطين كلها . الدستور
  • صورة
  • صخرة
  • رئيس
  • الصريح
  • الناخبين
  • الجديدة
  • تقبل
  • صحة
  • عربية
  • عرب
  • شباب
  • لب
  • قائمة
  • الاردن
  • نعي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/09 الساعة 00:13