ما بعد هزة ترامب.. ما هي خطوات الدبلوماسية الأردنية القادمة؟
مدار الساعة - تحاول الدبلوماسية الأردنية إيجاد طُرق سياسية وقانونية لاحتواء ارتدادات هزة قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل.
الدبلوماسية الأردنية بدأت بالتحرك بكافة الاتجاهات، وعلى محاور مختلفة، في محاولة لتوحيد موقف عربي- إسلامي ضد القرار الأمريكي، الذي يمس سيادة الهاشميين على المقدسات في القدس.
فبعد لقاء قمة جمع العاهل الأردني مع الرئيس التركي رجب أردوغان، اجتمع الملك عبد الله الثاني مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمان؛ بهدف تنسيق موقف عربي، وتوحيد الجهود المشتركة، والتواصل مع المجتمع الدولي بخصوص تداعيات القرار الأمريكي.
ويجمع محللون أن لا تأثير قانونيا ولا تغيير على الأرض في القدس لقرار ترامب، واصفين القرار بالرمزي والسياسي، مطالبين في الوقت ذاته بوضع استراتيجية قانونية؛ لتفريغ القرار من محتواه.
الوضع القانوني
رئيس مركز الدراسات الإسرائيلية في عمان، عبد الله صوالحة، يقول : إن "تأثير القرار ميدانيا على القدس لا يشكل أثرا قانونيا على الأرض، لكنّ له بعدا سياسيا رمزيا على العرب والفلسطينيين والمجتمع الدولي، يجب أن تتبنى استراتيجية قانونية؛ لإفراغ التصريح، وما زالت القدس الشرقية بالعرف الدولي والأمم المتحدة محتلة، بينما تصريح ترامب سياسي لم يحدد حدودا ولم يعط مركزا قانونيا لإسرائيل عمليا على أرض الواقع، وليس له تأثير قانوني على الأرض".
وحسب القانون الدولي، جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 58/292 ليؤكد أن وضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، لا يزال وضع الاحتلال العسكري، وأن إسرائيل لا تملك إلا واجبات والتزامات السلطة القائمة بالاحتلال بموجب اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين واتفاقية لاهاي.
يضيف الصوالحة: "مدخل الأردن القانوني هو الوصاية الهاشمية التي حصل عليها من خلال المادة 9 من معاهدة السلام مع إسرائيل، ومن خلال الاتفاقية ثبتت وصاية الهاشميين التي وقعت بين الملك عبد الله الثاني و عباس، بالتالي الأردن يستند على مركز قانوني، وبالتالي يمكن للأردن استخدام الوصاية الهاشمية ببعدها القانوني كرافعة سياسية لحماية حقوق الأردن والفلسطينيين في القدس".
إسناد شعبي
وتحاول السلطات الأردنية دعم موقفها السياسي والقانوني، من خلال إسناد شعبي، بعد أن سمحت للمظاهرات العارمة بكافة المدن الأردنية، ودعت المواطنين للتظاهر من خلال وزراء في الحكومة، وتوجيه مدارس المملكة لتنظيم فعاليات تؤكد على عروبة القدس ودور الهاشميين في الوصاية عليها.
الكاتب المتخصص في الشأن الفلسطيني، حمادة الفراعنة، يرى أن الأردن بعد قرار ترامب يسير في ثلاثة مسارب، هي: "أولا باعتبار الأردن رئيس القمة العربية، إذ دعت وزارة الخارجية العرب للاجتماع الأحد للخروج بتوصيات عملية، إما نحو القمة أو نحو إجراء قانوني مناسب. المسرب الثاني، العمل على عقد قمة إسلامية بالتنسيق مع تركيا ستعقد الأيام المقبلة في أنقرة، وسيتولى الرئيس التركي هذه المهمة. أما المسرب الثالث، فهو برلماني؛ حيث دعا مجلس النواب الأردني البرلمانات العربية والإسلامية لعقد دورات طارئة، وسيجتمع على إثرها اتحاد البرلمانات العربي في الرباط، وسيكون تنسيق لعقد اجتماعات للبرلمانات الإسلامية".
التحرك من خلال الأمم المتحدة
أما الخبير القانوني ورئيس المؤتمر الشعبي الفلسطيني، أنيس القاسم، فيرى أيضا أن "وضع القدس القانوني لن يتغير، وستبقى أرضا محتلة، ولن يؤثر نقل السفارة الأمريكية على وضع القدس الشرقية المحتلة؛ لذلك فالأردن ومنظمة التحرير مطالبان بالتحرك عن طريق الأمم المتحدة، ودفع الجمعية العامة للحصول على فتوى من محكمة العدل الدولية حول وصف التصرف الأمريكي كنوع من العدوان، ومد مخالفة ذلك للقانون الدولي وآثارها".
وأضاف: "الأردن له مصلحة مباشرة بالتحرك القانوني، خصوصا الهاشميين، بصفتهم أوصياء على المقدسات، وشرعيتهم الدينية تقوم على علاقتهم بالقدس، وبالنسبة للسلطة الفلسطينية، فهذه قضية تقع بصلب اتفاقية أوسلو، واختراق ذلك يعني إبطال كل الاتفاقية، والتحلل منها، وأي تحرك لهذين الطرفين سيؤثر على المواقف العربية والإسلامية".
مشددا أن "الحالة الشعبية في القدس حالة كفاحية، ولا أعتقد خلال الأسابيع المنظورة إمكانية أن تجري إجراءات عملية على الأرض، وحتى انتقال السفارة، فهذا يحتاج إلى وقت، فالمسألة سياسية أكثر منها مسألة إجرائية على الأرض".
سيادة تاريخية
ويتمتع الأردن قانونيا بحق الوصاية على المقدسات في مدينة القدس، بموجب اتفاقيات وتفاهمات مع "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، على رأسها اتفاقية وادي عربة، والاتفاقية الموقعة بين الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بالإضافة لإعلان واشنطن الذي أكد على هذا الحق.
وتعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين مطلق الثورة العربية الكبرى وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967.. وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين عام 1988، فإنه لم يتخل الأردن عن السيادة على المقدسات.
وجاءت معاهدة وادي عربة عام 1994، لتؤكد على حق الأردن في الوصاية على القدس، ونصت المادة التاسعة من المعاهدة، على أنه "سيمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية، بما يتماشى مع إعلان واشنطن، على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن".
عربي 21