قرار رئيس أمريكا القبيح ..
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/07 الساعة 01:32
منذ أطلق حملته الانتخابية وحتى بعد مرور حوالي عام عليه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية وهو يحارب الاسلام والأخلاق والقانون الدولي، ولا يحفل بأية أخلاق أو أعراف دولية، ولا أزعم بأنني بهذا أقدم معلومة جديدة لأحد حول العالم عن القبيح ترامب، لا سيما وأن هذه قناعات ومشاعر الغالبية العظمى من الأمريكيين تجاهه، وليس هذا ما يهمنا، فرضى الشعب الأمريكي عن رئيسه قضية ثانوية بالنسبة للخطر الكبير الناجم عن الشر المستطير الذي قام الرئيس المأفون بفتح باب لشياطينه، انما الذي يهمني أكثر بلدي وشعبي وفي مقدمتهم جلالة الملك عبدالله الثاني، وجهوده الجبارة التي باءت بتصرف عدواني إجرامي من قبل دونالد ترامب، حين قدم كل التسهيلات لموجة جامحة متوقعة من الفوضى وفقدان الأمن والثقة بالشرعية الدولية، بقراره نقل سفارة أمريكا في دولة الاحتلال الصهيوني الى مدينة السلام والمقدسات الاسلامية والمسيحية.
منذ بل قبل تأسيس تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، والهاشميون سدنة المسجد الأقصى، ولا نريد شهادات من أحد على الدور الهاشمي في القدس، فدماؤهم الطاهرة التي اختلطت بدماء قوافل الشهداء التي قدمت لحماية الأقصى، هي شهودنا على التاريخ والجغرافيا، وهي كلمة السر التي تفسر تقلبات الديمغرافيا وعدم استقرارها حول الأرض المباركة وفيها..
وقبل أن تسقط القدس عام 67 في يد الاحتلال الصهيوني المجرم وأثنائه وبمشيئة الله بعده، سيبقى الهاشميون هم المسؤولون أمام ضميرهم والتاريخ وأمام الله سبحانه عن القدس، وهذا واجب فيه كل الشرف وما قصروا فيه تقصيرا رغم الغدر والخيانات والعدوانية المتزايدة حولهم، وحول مواقفهم الأشرف، ولا يتسع المقال لذكر ما قاموا ويقومون به لحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف وسائر فلسطين المحتلة.
الشعب الأردني والشعب الفلسطيني؛ هما الشعبان الوحيدان اللذان دفعا الفاتورة الباهضة لآثار الاحتلال الصهيوني المجرم، وحين نعلم أن الشعب الفلسطيني هو شعب فلسطين المقتول المشرد في الشتات، فالفاتورة أمنية وسياسية وسيادية، وكانت قيمتها عالية جدا، فهو الشعب الأوحد على وجه الكوكب البشري الذي يعاني أطول وأقذر احتلال، أما عن الشعب الأردني، فهو دفع كل هذا الثمن أيضا، وما زال يدفعه، وسيتحمل المزيد من التبعات والآثار السيئة وكلها تتضاعف بسبب قرار الرئيس الأمريكي الأخير.
يقولون بأن قرار نقل السفارة الأمريكية هو قرار أمريكي قديم، اتخذه الكونغرس الأمريكي عام 1995، وكان كل رؤساء أمريكا بعد ذلك التاريخ، يقومون بتأجيل تنفيذ القرار لأن الظروف السياسية «لم تنضج بعد» لتنفيذ قرار على هذه الدرجة من العدوانية والاجرام!، فجاء طباخ سيء وسلق الظروف مع أقران له في دولة الاحتلال وأقران مأزومين في دول عربية أصبحت بدورها حجر عثرة في طريق السلام والاستقرار والحرية والديمقراطية، وهنا نقول بأن قرار حماية الأقصى والقدس قرار أردني وهاشمي قديم، سبق القرن العشرين بنصف قرن، لكن تاريخ الخيانة قديم أيضا، وتاريخ بيع وشراء حقوق الشعوب العربية قديم مثله، والخيانة هي التي وضعت هؤلاء في سباق جمع كل هؤلاء، أسفرت عنه ما اعتبروها ظروفا سياسية مناسبة لإنضاج ما يسمونه بطبخة أو «صفقة القرن» !
منذ 1995 وقبله؛ وهم يحاولون بيع فلسطين والقدس للدولة المحتلة، مقابل ضمانات استمرارهم في حكم شعوب أصبحت في عهدتهم كما الذبائح تساق الى حتفها في مسالخ السياسة والمصالح وسباق الكراسي، الا في الأردن، البلد الذي بالكاد يملك مقومات الاستمرار، والذي أصبح ملجأ لكل هارب من الموت في بلاد العرب وغيرها، هو البلد الثابت المستقر، الذي ترتبط قيادته وشعبه وترابه وقداسته وبركته برباط مقدس لم يأتيه باطل ولا فوضى تذكر من بين يديه ولا من خلفه، وفي خضم الفوضى التي ضربت أصقاع العالم العربي، اهتزت كراسي وعروش، فمادت بها الأرض، ولم يجد تجارها سبيلا لمزيد من استمرار في السيطرة عليها وعلى شعوبها سوى بالقفز الى حضن الصهيونية، فدشنوا البنية التحتية لتنفيذ قرار عدواني قام به مجلس الشيوخ الأمريكي منذ قرابة ربع قرن، يقضي بنقل السفارة الأمريكية الى القدس الشريف، ليأتي بعده قرار اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال البغيض ..
هذا هو قدرنا في الأردن؛ أن نتحمل أعباء قضايا عالمية وانسانية بحجم القضية الفلسطينية، في ظل خيانات عربية قديمة، اضطرت في السابق مرغمة أن تقف مواقف خجولة لدعم قضية فلسطين، ثم ما لبثت وأن كشفت عن حقيقة عدم ايمانها بتلك القضية وبحق الشعب الفلسطيني بوطنه فلسطين، وبحقوق الأمة العربية وحقوق العالمين الاسلامي والمسيحي في مدينة القدس، والتقى قبح ترامب بقبح الاحتلال الصهيوني ويمينه المتطرف المجرم مع قبح ركاب الكراسي في عالمنا العربي، لنقف وحدنا خلف الملك عبدالله الثاني ندافع عما تبقى من كرامة لأمة فقدت عظمتها وكرامتها يوم تولى قرارها تجار بهذا القبح.
في كل مرة وفي كل قضية عربية واسلامية، يقوم ملوك الهاشميين بتحذير هذه الأمة وأعداءها والمغامرون المتاجرون بمصالحها ومستقبلها من خطر هذه القرارات، ولا يتذكرون صواب وسداد الرأي الملكي الهاشمي الا بعد فوات الأوان، وهاهو جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي لا يسعى للشعبوية الاسلامية ولا العربية، يحذر أمريكا والعالم قبلها من مغبة السقوط بهذا الشرك الذي سيق اليه ترمب تحت وطأة الغباء والقبح، لتنطلق مرحلة أخرى من الفوضى والتطرف وتقويض لاستقرار العالم..
المقدسات في القدس الشريف هي في الوصاية الهاشمية، والقدس عربية، وهي عاصمة فلسطين، والحرية والكرامة هي أجندة الشعب الأردني، ولا نعرف غير هذه الحقائق في الأردن، وعلى سائر شعوب العرب والعالمين الاسلامي والمسيحي أن يبحثوا عن حقوقهم في فلسطين وفي القدس .
نموت جميعا راضين لتتحرر وتحيا القدس مدينة للأديان وللسلام والبركة، وسيعلم الغادرون الخاسرون بأن بركة القدس هي التي ستعصف بهم وهذه حقيقة حتمية، سيدرك الجميع بعدها بأن الأردن كان يحمل كل هذه الأعباء وحده .. عاش الأردن وحده..ويعيش.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/07 الساعة 01:32