حول مقتل «المخلوع» وتداعياته

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/06 الساعة 03:34

مثيرة للسخرية تلك الزفة التي أقامها أتباع “الولي الفقيه”؛ من طهران إلى الضاحية الجنوبية في بيروت احتفالا بمقتل المخلوع في اليمن، والأكثر إثارة للسخرية هي لعبة الشيطنة التي أداروها له من خلال إعلامهم، لكأنهم اكتشفوا الرجل قبل أيام فقط حين انقلب عليهم، ولم يكونوا يعرفونه حق المعرفة حين تحالفوا معه؛ منقلبين على ثورة شعب رائعة بالتحالف معه، رغم أنهم شاركوا في الثورة عليه أيضا.

تلك هي فضيحة أتباع “الولي الفقيه” الكبرى التي لم يكن لها أي تبرير؛ لا بمنطق الحاضر، عبر حكاية المقاومة والممانعة، ولا بمنطق الحسين الذي يرفعون رايته. فلا “مراقد” هنا ولا “مقاومة” يبررون من خلالها سرقة ثورة شعب رائعة، ولا الحسين يقبل التحالف مع طاغية ضد ثورة شعب اختار رئيسا بحرية، وذهب يلملم جراحه بعد الثورة ويزيل آثار البؤس القديم.

أما الذي لا يقل إثارة للسخرية، فهو حديث الحوثي (عبد الملك) عن مقتل المخلوع، بوصفه هزيمة لما يسميه العدوان، من دون أن يقول لنا كيف سيكون ذلك، وهو يعلم أن علي صالح ليس شخصا، وإنما هو منظومة مصالح تدور في فلكه، وهذه ستحسم أمرها بالوقوف ضد الحوثيين، بل سيكون موقفها أكثر شراسة منهم.

منذ اليوم الأول الذي أوحى فيه “الولي الفقيه” لعسكره الحوثيين بالسيطرة على البلاد بقوة السلاح الذي أمدهم به، كان يعلم أن اليمن لن يكون لهم بأي حال حتى لو استمرت الحرب عشرة أعوام أو أكثر، لكن هدفه الأكبر كان فتح جبهة جديدة ضد السعودية في خاصرتها من أجل استنزافها وفرض حقائق تساعد في تثبيت مكتسباته في العراق وسوريا ولبنان.

لا دماء الشعب اليمني، ولا دماء الحوثيين كانت تعني “الولي الفقيه”، فهو على استعداد لحرق كل الشيعة العرب من أجل مشروعه الذي يستعيد ثارات التاريخ، إلى جانب الأحلام القومية، وهو لأجل ذلك سيواصل دفعهم نحو مزيد من القتال حتى يتغير المشهد في الإقليم.

والحال أننا لا يمكن أن نخفي احتفالنا؛ ومعنا غالبية الأمة، بمقتل المخلوع، حتى لو تمّ بيد قوة معادية لثورة الشعب اليمني النبيلة، فهو رجل يداه ملطختان بالدماء، وأهلك الحرث والنسل، وكان يعبد ذاته ومصالحه، وأنشأ شبكة مصالح تدور في فلكه، عمادها الفساد والإفساد في أبشع تجلياته.

أما الأهم في سياق فرحتنا بمقتله، فيتمثل في القناعة بأنه سيفتح أفقا أفضل للشعب اليمني، إذ ستكون التسويات التالية أكثر سهولة ويسرا، سواءً وصل الأمر إلى قناعة الحوثيين بلا جدوى استمرار دورهم كبندقية للولي الفقيه، حتى لو أحرقوا أنفسهم، أم بلغوا مرحلة الرشد ووافقوا على تسوية لا تستبعدهم من المشهد السياسي، لكنها لا تمنحهم فرصة تكرار نموذج حزب الله.

بمقتل المخلوع، سيكون حزب المؤتمر أضعف من ذي قبل، لكنه في السياق العسكري سيحسم أمره إلى جانب من يقاتلون الانقلاب الحوثي؛ ما سيعني أن دحر الأخير سيكون أيسر، أو سيؤدي إلى الاحتمال الآخر ممثلا بقبولهم التسوية، مع أن ذلك يبدو مشكوكا فيه، بسبب تبعيتهم للولي الفقيه، من دون تجاهل احتمال وصول الأخير إلى القناعة بقبولهم التسوية؛ خشية خسارته لقوتهم في اليمن بشكل شبه كامل في حال أصروا على موقفهم، وأفضى ذلك إلى النهاية المحتومة بالحسم وإنهاء انقلابهم بالقوة.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/06 الساعة 03:34