مواسم الشعبية وغنائمها ..
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/04 الساعة 01:21
لا نقف ضد مواطن فقير ولا غني؛ على الرغم من أن كثيرين يقفون ضد أنفسهم طلبا للمصالح والغنائم والحوافز.. وفي مجلس النواب توقيت مصلحي يعتمده بعض أعضائه، يضبطون ساعتهم على وقع الحاجة الحكومية ..
الله يعين الحكومة فهي في موقف لا تحسد عليه، إذ حان موسم تصيّد الشعبية وانطلقت مزادات ومناقصات باسم الشعب وعلى ظهره، وما زال بعضهم يحاول انتاج اللغط، ويعيد توجيهه إحراجا للحكومة، وانتهازا لفرصة ابتزازها ومراودتها في توجهاتها لإقرار الموازنة وما تضمنته من حزمة اجراءات.. الحكومة حقا تقع تحت ضغط كبير بين مطرقة الغضب الشعبي المتأجج، بفعل اللغط المستمر وضبابية الحقيقة المرة، وبين سندان بعض القوى البرلمانية التي تتربص حاجة الحكومة لإقرار الموازنة، فكثير من المواطنين يتحدثون عن رفع اسعار الخبز وإلغاء الدعم عن الخبز، بينما الحقيقة والموازنة تقولان أن لا الغاء للدعم وإن قيمة الدعم الحكومي المعتادة وهي 170 مليونا، ما زالت موجودة في موازنة عام 2018، وكل يوم نقول للناس:
«الكوا قيّات..قروش يعني» عند الحكومات اسمها دعم الخبز، كانت تصلكم عبر قيام الحكومة بشراء الطحين وتوزيعه على المخابز، ونذكر هنا بأن المخابز هي «دكاكين» أولا وأخيرا، لا تتبع لجهة رسمية ولا لكيان مدني كحزب او مؤسسة أهلية أو شبه حكومية، انما هي مجرد متاجر تبيع الخبز ومنتجات أخرى يتم تصنيعها من «طحينكو المدعوم»، فماهي الجريمة التي تقوم بها الحكومة حين توصل الدعم «قيّاتكو..قروشكو يعني» لكم شخصيا ؟ ..هل القصة بهذا الاستعصاء عن الفهم !..هي عدالة واستقلال وعدم اعتماد على تجار، وفيها تهذيب للأداء وللإجراءات التي كانت تتسبب في ضياع أكثر من 140 مليون دينار ولا يمكن أن نجزم بشأن مصيرها، وهي قيمة دعم الطحين السنوية التي تصل المواطن عن طريق تجار..قلنا تجار. من حق المواطن والنائب الذي يمثله أن يناقش أو يعترض على آلية الدعم الجديدة المقترحة، ومن حقهم أن يتساءلوا عن الشرائح المستهدفة من هذا الدعم، والتي ورد ذكرها في قانون الموازنة، ونذكر بعض الشروط التي توجب على الحكومة تقديم دعم نقدي عن الخبز، كأن تكون عائلة تملك أكثر من سيارة، وأن يتجاوز دخل عائلة 1000 دينار شهريا، أو يتجاوز دخل فرد 500 دينار شهريا..هذه قصة يمكن التحدث عنها او الاعتراض عليها، وهنا يأتي دور النائب، فهو يستطيع أن يناقش هذه الشروط، لكن وإن كان من حقه أن يقبل المشروع أو يرفضه، فإن من حق الوطن والدولة والناس عليه، أن يفعل ويقول ويصوت لما يرضي ضميره ويحمي الناس والدولة، ولا أقول أن ينتصر لحكومة ما سواء أكانت محقة أو غير محقة في توجهاتها.. المعروف أن أي مجلس نواب في الدنيا له من يعارضه، ويقلل من شأنه وأهمية إنجازاته، فالنواب الذين أصبحوا أعضاء في هذا المجلس، كان لهم منافسون ولم يحالفهم التصويت بالنجاح، فكل شخص صوت لمرشح لم ينجح في الانتخابات النيابية هو معارض «افتراضي» لمجلس النواب، وهذا حق سياسي قبل أن يكون حقيقة دامغة، لذلك يعاني النائب في منطقته تحديدا من معارضة ورقابة، حتى وإن نجح بالتزكية في منطقته، فثمة مواطنون فيها يريدون له الفشل في أدائه ويتمنون لو يتم حل المجلس لتجري انتخابات أخرى وينجح «زلمتهم» بدلا عن النائب الحالي، فالنائب بهذا المعنى وفي ظل هذه الحقيقة يعاني ضغطا من نوع ما، لكنه شخص مستأمن على وطن، ولم يذهب الى البرلمان ليخدم مصالح فئة على حساب باقي المجتمع، أو على حساب استقرار الدولة، فالمنطق مطلوب من النواب، لا سيما وأن بعضهم شرع في بث خطاب تصيد الشعبية والانتهازية، وكأنه يدير انتخاباته الشخصية وليس يقوم بواجبه تجاه وطن ودولة وشعب .. عرفت الكثير عن تلك المزادات والمناقصات البرلمانية خلال العقدين الماضيين من الحياة النيابية في الأردن، وفي ذاكرتي عشرات وربما مئات المواقف عن الأداء النيابي «التجاري»، لكنني أعتقد بأن الظروف الآن مختلفة ولا يحتمل واقعنا السياسي والاقتصادي مزيدا من الاتجار بالمواقف، وقد يغضب مواطن صاحب حاجة يريد الحصول عليها دون أن يفكر في حقوق غيره من أقرانه، الذين قد يكونون أكثر أحقية منه في تلك الحاجة، لكن غضبه ليس قانونا يلزمنا بأداء نيابي أو حكومي منحاز لشخص او لفئة او جهة ما، وهذا ما يجب أن يفهمه النواب والناس، حيث بات أكيدا بأن وضعنا العام لا يحتمل مثل هذه المناورات والمغامرات، ويجب أن يكون أداء بعض النواب أكثر رشدا وبعدا عن تصيد النجومية والتسلق على أكتاف أزمات مالية او سياسية او اجتماعية. لقد تعمق الأداء الانتهازي وتجذر في أذهان بعض قليلي الخبرة، وأذهان الذين لا يؤمنون بأنهم في وطن يضم غيرهم من الناس، حيث تجد بعضهم يمارسون الابتزاز للوزراء وللمسؤولين، وفي حال لم ينجحوا في مساعيهم، يقومون بفبركة الأخبار ضد الوزراء ووزاراتهم، ويدعون ادعاءات إن لم تكن كاذبة فهي غير قائمة على معلومات حقيقية أو موثقة، ولا أريد أن أذكر مواقف بعينها تجنبا لإحراج الذين «لم يكن في واردهم الابتزاز»، لكنهم سقطوا في نقل ادعاءات بعيدة كل البعد عن الصواب والحقيقة..فاحذروا الانزلاق يا «بعض النواب»، لأننا سنتحدث بالعبارة الكاملة إن شعرنا بأن الواجب يملي علينا بحديث يخدم الوطن والناس والدولة.. الدستور
الله يعين الحكومة فهي في موقف لا تحسد عليه، إذ حان موسم تصيّد الشعبية وانطلقت مزادات ومناقصات باسم الشعب وعلى ظهره، وما زال بعضهم يحاول انتاج اللغط، ويعيد توجيهه إحراجا للحكومة، وانتهازا لفرصة ابتزازها ومراودتها في توجهاتها لإقرار الموازنة وما تضمنته من حزمة اجراءات.. الحكومة حقا تقع تحت ضغط كبير بين مطرقة الغضب الشعبي المتأجج، بفعل اللغط المستمر وضبابية الحقيقة المرة، وبين سندان بعض القوى البرلمانية التي تتربص حاجة الحكومة لإقرار الموازنة، فكثير من المواطنين يتحدثون عن رفع اسعار الخبز وإلغاء الدعم عن الخبز، بينما الحقيقة والموازنة تقولان أن لا الغاء للدعم وإن قيمة الدعم الحكومي المعتادة وهي 170 مليونا، ما زالت موجودة في موازنة عام 2018، وكل يوم نقول للناس:
«الكوا قيّات..قروش يعني» عند الحكومات اسمها دعم الخبز، كانت تصلكم عبر قيام الحكومة بشراء الطحين وتوزيعه على المخابز، ونذكر هنا بأن المخابز هي «دكاكين» أولا وأخيرا، لا تتبع لجهة رسمية ولا لكيان مدني كحزب او مؤسسة أهلية أو شبه حكومية، انما هي مجرد متاجر تبيع الخبز ومنتجات أخرى يتم تصنيعها من «طحينكو المدعوم»، فماهي الجريمة التي تقوم بها الحكومة حين توصل الدعم «قيّاتكو..قروشكو يعني» لكم شخصيا ؟ ..هل القصة بهذا الاستعصاء عن الفهم !..هي عدالة واستقلال وعدم اعتماد على تجار، وفيها تهذيب للأداء وللإجراءات التي كانت تتسبب في ضياع أكثر من 140 مليون دينار ولا يمكن أن نجزم بشأن مصيرها، وهي قيمة دعم الطحين السنوية التي تصل المواطن عن طريق تجار..قلنا تجار. من حق المواطن والنائب الذي يمثله أن يناقش أو يعترض على آلية الدعم الجديدة المقترحة، ومن حقهم أن يتساءلوا عن الشرائح المستهدفة من هذا الدعم، والتي ورد ذكرها في قانون الموازنة، ونذكر بعض الشروط التي توجب على الحكومة تقديم دعم نقدي عن الخبز، كأن تكون عائلة تملك أكثر من سيارة، وأن يتجاوز دخل عائلة 1000 دينار شهريا، أو يتجاوز دخل فرد 500 دينار شهريا..هذه قصة يمكن التحدث عنها او الاعتراض عليها، وهنا يأتي دور النائب، فهو يستطيع أن يناقش هذه الشروط، لكن وإن كان من حقه أن يقبل المشروع أو يرفضه، فإن من حق الوطن والدولة والناس عليه، أن يفعل ويقول ويصوت لما يرضي ضميره ويحمي الناس والدولة، ولا أقول أن ينتصر لحكومة ما سواء أكانت محقة أو غير محقة في توجهاتها.. المعروف أن أي مجلس نواب في الدنيا له من يعارضه، ويقلل من شأنه وأهمية إنجازاته، فالنواب الذين أصبحوا أعضاء في هذا المجلس، كان لهم منافسون ولم يحالفهم التصويت بالنجاح، فكل شخص صوت لمرشح لم ينجح في الانتخابات النيابية هو معارض «افتراضي» لمجلس النواب، وهذا حق سياسي قبل أن يكون حقيقة دامغة، لذلك يعاني النائب في منطقته تحديدا من معارضة ورقابة، حتى وإن نجح بالتزكية في منطقته، فثمة مواطنون فيها يريدون له الفشل في أدائه ويتمنون لو يتم حل المجلس لتجري انتخابات أخرى وينجح «زلمتهم» بدلا عن النائب الحالي، فالنائب بهذا المعنى وفي ظل هذه الحقيقة يعاني ضغطا من نوع ما، لكنه شخص مستأمن على وطن، ولم يذهب الى البرلمان ليخدم مصالح فئة على حساب باقي المجتمع، أو على حساب استقرار الدولة، فالمنطق مطلوب من النواب، لا سيما وأن بعضهم شرع في بث خطاب تصيد الشعبية والانتهازية، وكأنه يدير انتخاباته الشخصية وليس يقوم بواجبه تجاه وطن ودولة وشعب .. عرفت الكثير عن تلك المزادات والمناقصات البرلمانية خلال العقدين الماضيين من الحياة النيابية في الأردن، وفي ذاكرتي عشرات وربما مئات المواقف عن الأداء النيابي «التجاري»، لكنني أعتقد بأن الظروف الآن مختلفة ولا يحتمل واقعنا السياسي والاقتصادي مزيدا من الاتجار بالمواقف، وقد يغضب مواطن صاحب حاجة يريد الحصول عليها دون أن يفكر في حقوق غيره من أقرانه، الذين قد يكونون أكثر أحقية منه في تلك الحاجة، لكن غضبه ليس قانونا يلزمنا بأداء نيابي أو حكومي منحاز لشخص او لفئة او جهة ما، وهذا ما يجب أن يفهمه النواب والناس، حيث بات أكيدا بأن وضعنا العام لا يحتمل مثل هذه المناورات والمغامرات، ويجب أن يكون أداء بعض النواب أكثر رشدا وبعدا عن تصيد النجومية والتسلق على أكتاف أزمات مالية او سياسية او اجتماعية. لقد تعمق الأداء الانتهازي وتجذر في أذهان بعض قليلي الخبرة، وأذهان الذين لا يؤمنون بأنهم في وطن يضم غيرهم من الناس، حيث تجد بعضهم يمارسون الابتزاز للوزراء وللمسؤولين، وفي حال لم ينجحوا في مساعيهم، يقومون بفبركة الأخبار ضد الوزراء ووزاراتهم، ويدعون ادعاءات إن لم تكن كاذبة فهي غير قائمة على معلومات حقيقية أو موثقة، ولا أريد أن أذكر مواقف بعينها تجنبا لإحراج الذين «لم يكن في واردهم الابتزاز»، لكنهم سقطوا في نقل ادعاءات بعيدة كل البعد عن الصواب والحقيقة..فاحذروا الانزلاق يا «بعض النواب»، لأننا سنتحدث بالعبارة الكاملة إن شعرنا بأن الواجب يملي علينا بحديث يخدم الوطن والناس والدولة.. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/04 الساعة 01:21