فلسطين من التل إلى أبو شحوت
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/25 الساعة 23:24
ما بين الشهيد وصفي التل الذي نقف على بعد ساعات من ذكرى استشهاده، وما بين المرحوم شاهر أبو شحوت الذي مرت قبل أيام ذكرى وفاته، حبل متين من القيم والمفاهيم، التي آمن بها الأردنيون، وأولها قوميتهم التي شكلت العمود الفقري لوطنيتهم، وثانيها العداء المستحكم للمشروع الصهيوني، الذي رأوا فيه ومازالوا خطراً يحيق بأمتهم، وأن اجتثاثه هو أولوية شكلت عهداً يجمعهم، ولعل سيرة الشهيد وصفي التل والمرحوم شاهر أبو شحوت تشكلان تجسيداً حياً لموقع فلسطين في الوجدان والفكر والسلوك الأردني.
بدأت العلاقة بين الشهيد وصفي، والمرحوم شاهر في فلسطين، عندما كان كلاهما يقاتل دفاعاً عن عروبتها، حيث يقول أبو شحوت في مذكراته غير المنشورة عن ذلك"التقيت هناك بالملازم الأول وصفي التل الذي كان ضابطاً متطوعاً في الجيش البريطاني، وتحدثنا طويلاً في شؤون شتى وسألته عن حياته العسكرية فأجاب " أتمنى لو أنني معكم في الجيش العربي وقال " إن أياماً عصيبة مقبلة على فلسطين، ولن ننتصر بهذه الطبول والزمور التي تراها هنا ولابد لكل عربي أن يلبس الخاكي دفاعاً عن فلسطين"
يكتشف أبو شحوت وبعد سنوات طويلة، أن وصفي استدان من والد أبو شحوت ما يعينه على السفر إلى فلسطين، ليتطوع مقاتلاً دفاعاً عنها، وعن هذه الواقعة كتب أبو شحوت "جاءني ضابط مخفر المحطة ليبلغني بأن دولة رئيس الوزراء وصفي التل يطلبني لزيارته غداً صباحاً في مكتبه بالرئاسة، وذهبت في اليوم التالي إلى مكتبه فتلقاني معانقاً ومرحباً بحرارة وجلس بقربي على أحد المقاعد الوفيرة في مكتبه وقال لي " أنا كنت في السجن المركزي عندما كان والدك مديراً للسجن، ولما أطلق سراحي استدنت منه مبلغ سبعين جنيهاً لاسافر إلى فلسطين والتحق بقوات المتطوعين العرب في الجيش البريطاني ولم يقل لي والدك يرحمه الله أنه لا يملك هذا المبلغ وإنما ذهب إلى جميل الصالح حتر واستدانه منه وقدمه لي عن طيب خاطر، وترك لي أمر السداد إلى أن أكون قادراً على ذلك، وها أنا ذا مدين لك الآن وأريد أن أرد لك الجميل فاطلب أي مبلغ تحتاجه، شكرته من أعماقي وأنا أعجب لهذا الوفاء النادر وأكدت له أنني لست محتاجاً لشيء ".
لم يكن وصفي حالة استثنائية في موقفه من فلسطين، لكنه كان نتاج حالة أردنية عامة وصفها أبو شحوت عندما كتب:"كانت أخبار الثورة المسلحة في فلسطين حديث المجالس في المنازل والمقاهي والشارع وأماكن العمل، مثلما هي الحال الآن بالاهتمام الذي يوليه الأردنيون لأخبار الانتفاضة البطلة لشباب الانتفاضة وأطفالها في الضفة الغربية وقطاع غزة وما تثيره هذه الأخبار من حماس ونخوة وشعور جارف بالرغبة في المشاركة والنجدة".
هذا المناخ الوطني العام، هو الذي دفع الشباب الأردني بما فيهم الجنود إلى الالتحاق بالثوارفي فلسطين،ويورد أبو شحوت الكثير من الأمثلة التي تؤكد أن الجيش الأردني كان رافداً بشرياً لثوار فلسطين، مثلما كان حامياً وسنداً لهم، في مواجهتهم مع المشروع الصهيوني. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها عام 1948، لم يعترف الأردنيون بالهزيمة وأخذوا يعدون العدة لاستئناف القتال،وعن ذلك كتب أبو شحوت "وخلال تلك الفتره كان المرحوم عبدالله التل (الحاكم العسكري في القدس) يزورنا كثيراً ويحثنا على التمسك بخط سياسي يرفض الهزيمة ويدعو إلى جولة عسكرية جديدة لتحرير فلسطين". ثم كان العمل من أجل تحرير فلسطين هدفاً رئيسياً من أهداف قيام حركة الضباط الأردنيين الأحرار، كما أكد ذلك رئيسها شاهر أبو شحوت في أكثر من موقع في مذكراته،وكلها تؤكد موقع فلسطين في وجدان الأردنيين والذي لخصه أبو شحوت عندما كتب " لكن القضية التي كانت حركة الضباط الأحرار من معطياتها ( قضية فلسطين ) لا تزال قضية العرب الأولى، وستظل كذلك لأجيال قادمة مادام الصراع العربي الصهيوني مستمراً لأنه صراع من أجل الوجود والبقاء وبعبارة مختصرة فإنه من وجهة نظر عربية قومية - أن نكون أو لا نكون – ومن حق الذين ناضلوا من أجل هذه القضية أن تدون تجربتهم مهما كان حجمها وأثرها التاريخي لتنقل للأجيال المقبلة لتهتدي بتجارب السلف مادام الصراع سينتقل إليها بحتمية التاريخ أو بالوراثة على الأقل."
Bilal.tall@yahoo.com
هذا المناخ الوطني العام، هو الذي دفع الشباب الأردني بما فيهم الجنود إلى الالتحاق بالثوارفي فلسطين،ويورد أبو شحوت الكثير من الأمثلة التي تؤكد أن الجيش الأردني كان رافداً بشرياً لثوار فلسطين، مثلما كان حامياً وسنداً لهم، في مواجهتهم مع المشروع الصهيوني. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها عام 1948، لم يعترف الأردنيون بالهزيمة وأخذوا يعدون العدة لاستئناف القتال،وعن ذلك كتب أبو شحوت "وخلال تلك الفتره كان المرحوم عبدالله التل (الحاكم العسكري في القدس) يزورنا كثيراً ويحثنا على التمسك بخط سياسي يرفض الهزيمة ويدعو إلى جولة عسكرية جديدة لتحرير فلسطين". ثم كان العمل من أجل تحرير فلسطين هدفاً رئيسياً من أهداف قيام حركة الضباط الأردنيين الأحرار، كما أكد ذلك رئيسها شاهر أبو شحوت في أكثر من موقع في مذكراته،وكلها تؤكد موقع فلسطين في وجدان الأردنيين والذي لخصه أبو شحوت عندما كتب " لكن القضية التي كانت حركة الضباط الأحرار من معطياتها ( قضية فلسطين ) لا تزال قضية العرب الأولى، وستظل كذلك لأجيال قادمة مادام الصراع العربي الصهيوني مستمراً لأنه صراع من أجل الوجود والبقاء وبعبارة مختصرة فإنه من وجهة نظر عربية قومية - أن نكون أو لا نكون – ومن حق الذين ناضلوا من أجل هذه القضية أن تدون تجربتهم مهما كان حجمها وأثرها التاريخي لتنقل للأجيال المقبلة لتهتدي بتجارب السلف مادام الصراع سينتقل إليها بحتمية التاريخ أو بالوراثة على الأقل."
Bilal.tall@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/25 الساعة 23:24