خبراء اقتصاد: موازنة 2018 ترتكز على جيب المواطن وقوته وتحصيل الضرائب

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/24 الساعة 09:49
مدار الساعة - أظهر مشروع موازنة الأردن للعام المقبل تمسك الحكومة ببرنامج التوسع في الجباية من خلال زيادة الضرائب والرسوم على شريحة كبيرة من السلع والخدمات والإصرار على إلغاء الدعم الذي كانت تقدمه للخبز باعتباره المادة التموينية الوحيدة التي ما تزال مدعومة بشكل مباشر في البلاد منذ عدة سنوات. ويقدر حجم موازنة الأردن للعام المقبل حوالي 11.97 مليار دولار، بعجز 766 مليون دولار بعد احتساب المنح الخارجية. وأحالت الحكومة، أول من أمس، مشروع قانون الموازنة العامة إلى مجلس النواب (الشق الأول للبرلمان) لمناقشتها وإقرارها ضمن القنوات الدستورية. وقال خبراء اقتصاد: إن الموازنة لم تركز على زيادة الإيرادات من خلال رفع معدلات الاستثمار وتنشيط بيئة الأعمال وتنمية الصادرات بل إنها جاءت على حساب جيب المواطن وقوته وتحميله أعباء مالية إضافية في الوقت الذي تراجعت فيه مستويات المعيشة. وأكد الخبراء أن سياسات الجباية لا تؤدي إلى تنمية الاقتصاد، حيث إنها تشكل حلولا وقتية لا تدوم أكثر من عام في الوقت الذي يجب التركيز على إحداث تحولات جذرية في البناء الاقتصادي وتحفيز مختلف القطاعات الاقتصادية ومعالجة المشكلات التي تحد من استقطاب المستثمرين. وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي، إن الإيرادات المحلية وبحسب ما جاء في مشروع الموازنة العامة، ستشهد ارتفاعا واضحا العام المقبل، حيث ستشكل ما نسبته 98% من إجمالي الإيرادات العامة، مرتفعة من حوالي 92% عام 2017. وأضاف أن هذه الزيادة ستتحقق من خلال فرض مزيد من الضرائب والرسوم على كثير من السلع والخدمات، وبالتالي سيشهد الأردن ارتفاعا كبيرا في الأسعار، ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في معدل التضخم وتراجع مستويات المعيشة. وقال الزبيدي إن نسبة تخفيض الإنفاق الجاري لا تذكر قياسا إلى حجم الإجراءات التي لطالما تحدثت عنها الحكومة، من ترشيد الاستهلاك وتخفيض شراء السيارات والأثاث وبدل السفر وغيرها، ما يبقي النفقات الجارية تستنزف جانبا كبيرا من موازنة الدولة والتي يذهب معظمها للرواتب والتقاعد. وأكد أهمية التركيز على جذب الاستثمارات وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي وتغليظ العقوبات بحق المتهربين من دفع الضريبة. وحسب ما أعلنه مجلس الوزراء، الأحد الماضي، "تركز أسس تقدير موازنة 2018 على الاستمرار بضبط التعيينات وترشيد الاستهلاك وضبط الإنفاق العام، ولا سيما نفقات المحروقات والكهرباء والمياه وبند السفر وكذلك الاستمرار في سياسة وقف شراء السيارات والأثاث وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي بما يضمن إيصال الدعـم لمستحقيه". كما تركز الموازنة، بحسب الإعلان الحكومي، على متابعة تحسين إجراءات تحصيل الضريبة ومحاربة التهرب الضريبي وتغليظ العقوبات على المتهربين ضريبيا والتخفيض التدريجي للإعفاءات من ضريبة المبيعات على السلع والخدمات المحلية والمستوردة والإعفاءات من الرسوم الجمركية. ومن أبرز ملامح مشروع قانون الموازنة العامة أنه تم تقدير الإيرادات العامة بمبلغ 11.97 مليار دولار، موزعاً بواقع 10.99 مليارات دولار للإيرادات المحلية و987 مليون دولار للمنح الخارجية (الدينار = 1.41 دولار). وقدر العجز المالي بعد المنح الخارجية بنحو 543 مليون دينار أو ما نسبته 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل تقديرات بنحو 752 مليون دينار عام 2017 أو ما نسبته 2.6% من الناتج. أما قبل المنح فقد قدر العجز بنحو 1243 مليون دينار أو ما نسبته 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 1587 مليون دينار معاد تقديره في عام 2017 أو ما نسبته 5.5% من الناتج عام 2017، و1714.8 مليون دينار عام 2016 أو ما نسبته 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي. المحلل الاقتصادي عوني الداوود، قال لـ"العربي الجديد"، إن الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها والتي أصبحت وشيكة بعد إقرار الموازنة ستعمق معاناة المواطنين وبخاصة بعد رفع الدعم عن الخبز وإخضاع السلع الغذائية أو عدد منها لضريبة المبيعات ضمن برنامج يبدو أنه سيتواصل خلال السنوات المقبلة بحيث تبلغ الضريبة عليها الحد الأقصى المحدد في القانون بـ16%. وأضاف أن الحكومة لم توضح حتى الآن آلية عمل شبكة الأمان الاجتماعي التي سترتفع العام المقبل، حسب ما ورد في الموازنة، مشيراً إلى أهمية أن تكون الآلية مستمرة وتغطي الأعباء المالية التي ستترتب على الأردنيين نتيجة للإجراءات الحكومية المرتقبة من رفع للدعم عن الخبز وزيادة ضريبة المبيعات. وقالت الحكومة في الموازنة الجديدة: "يعزز مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2018 من المبالغ المخصصة لشبكة الأمان الاجتماعي بزيادتها من 702.4 مليون دينار عام 2017 إلى 788.8 مليون دينار في تقديرات عام 2018". وأشار الداوود إلى إنه يجب الأخذ بعين الاعتبار تنامي المشكلات الاجتماعية الأهم بسبب ضعف الأداء الاقتصادي، وفي مقدمة ذلك مشكلتي الفقر والبطالة، ولا سيما مع التزاحم الشديد في سوق العمل واستمرار انخفاض الأجور بالنسبة للأردنيين في القطاع الخاص. وارتفع معدل البطالة في الأردن إلى اكثر من 18% خلال العام الحالي، بحسب آخر بيانات رسمية، فيما تقدر منظمات دولية النسبة بأكثر من ذلك وتقول إنها تتجاوز 35%. وكان مدير دائرة الموازنة قد أعلن، أول من أمس، أنه لن تتم زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين العام المقبل. وعلى صعيد متصل، لا يبدو أن مهمة الحكومة ستكون سهلة في تمرير مشروع قانون الموازنة من خلال مجلس النواب الباحث عن استعادة شعبيته التي فقدها مبكرا بسبب موافقته في عامه الأول على زيادة الضرائب والرسوم اعتبارا من عام 2017 إضافة إلى عدم قدرته على إجبار الحكومة على إلغاء اتفاقية شراء الغاز من الكيان الإسرائيلي المحتل. وأبلغ مصدر مطلع على شؤون البرلمان الأردني "العربي الجديد"، أن عددا من النواب يستعدون حاليا لمواجهة القرارات الحكومية أو على الأقل التخفيف منها وتعويض المواطنين جزءا من تبعاتها. وتوقع المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن تشهد جلسات مناقشة الموازنة سخونة ممزوجة بانتقادات نيابية للحكومة على أدائها الاقتصادي وتحميلها مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين. وفي سياق قراراتها المرتقبة، سترفع الحكومة الدعم عن الخبز ليزيد بنسبة 100% من 16 قرشا إلى 32 قرشا للكيلوغرام وربما أكثر من ذلك مقابل تقديم دعم نقدي مباشر لشريحة معينة من المواطنين دون الفئة الغنية. كما أعلنت الحكومة أنها سترفع الضريبة على السلع الغذائية المصنعة.(العربي الجديد)
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/24 الساعة 09:49