’عمان الأمني‘ يحذر من عودة ’داعش‘ بخلايا نائمة

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/15 الساعة 14:54

مدار الساعة - حذر خبراء أمنيون من عودة تنظيم "داعش" الإرهابي من خلال خلايا نائمة مستقلة، بعيدًا عن هيكل القيادة، ونقل قواتها الرئيسة إلى بلدان أو مناطق أقل حساسية.

كما حذروا من زيادة عدد هجمات العصابة الإرهابية في المنطقة، وتضاعف الجهود عبر الإنترنت وجذب الشياب للتطرف، وتمويل الأنشطة، وترويج جرائمهم الفظيعة، مشيرين إلى أن الأشهر المقبلة ستجلب تحديات جديدة.

واكدوا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال وغرب افريقيا هي التي تعاني من أكبر عدد من الصراعات في العالم، فضلاً عن أن العرب والمسلمين في تلك البلدان يمثلون الضحايا الرئيسيين للإرهاب.

جاء ذلك خلال انطلاق أعمال منتدى عمان الأمني الحادي عشر، بمشاركة دولية واسعة وبارزة، والذي افتتحه اليوم الأربعاء وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة مندوباً عن رئيس الوزراء هاني الملقي.

وأكد هؤلاء الخبراء أن منع وحل الصراعات يعتمد بشكل متزايد على مكافحة الإرهاب، إذ أن النهج الوقائي يساعد على معالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع العنيف، قائلين، إن "الأمن شرط ومتطلب هام لتحقيق الديمقراطية في المجتمعات والمحافظة على حقوق الإنسان، وأولها وأهمها الحق في الحياة، وأن مفهوم الدفاع هو مفهوم مرادف لمفهوم الأمن، وهما متلازمان".

وفيما أكد الخبراء ضرورة وجود خطة لدعم استراتيجية مكافحة التطرف والإرهاب، أقروا بأنه "لا توجد منهجية موحدة لتعريف الإرهاب".

ويهدف المنتدى، الذي ينظمه المعهد العربي لدراسات الأمن بالتعاون مع عدد من الحكومات والمنظمات الدولية بمدرج وادي رم في مركز اللغات بالجامعة الأردنية، إلى مناقشة التحديات الأمنية الناشئة على الصعيدين الدولي والإقليمي، مع التركيز بوجه خاص على منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن استكشاف المواقف والآراء والأولويات إقليميًا ودوليًا.

وقال المعايطة إن ما يجري من تحولات إقليمية ودولية متسارعة يشير إلى "إمكانية حدوث عدد من المتغيرات في المنطقة، لعل أبرزها:

استمرار النزاعات، وخطر التقسيم في دول المنطقة، وزيادة واضحة في أعداد اللاجئين والنازحين بالمنطقة".

وأضاف، إن تلك التحولات تشير أيضاً إلى استمرار الخطر الأكبر في المنطقة، وهو ظهور الجماعات والمنظمات الإرهابية وخوارج العصر، كما أسماهم جلالة الملك عبدالله الثاني.

وتابع، ان هذه المجموعات وظفت الدين واستغلت ظروف المنطقة، وساحات القتال والفوضى، لتنفث سمومها في مجتمعاتنا، وسط محاولة دخول الكثير من عناصر الجماعات الارهابية إلى الأردن وتهديد أمنه واستقراره، وهو ما تصدت له القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي والأجهزة الأمنية بمختلف صنوفها لمواجهة هذا الخطر الداهم، وتأمين الحماية لمواطنينا وضيوفنا من اللاجئين.

وأضاف المعايطة، انه مع وجود كل هذه المخاطر الإقليمية والدولية وآثارها السيئة على المنطقة، تبقى القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف "أولوية الأولويات في السياسة الأردنية، وستبقى فلسطين حاضرة في كل خطاب وتصريح ومقابلة وموقف لجلالة الملك وحكومته والدبلوماسية الأردنية في كل المحافل الدولية، حتى تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس".

وأوضح أنه وبالرغم من التحديات الصعبة وغير المسبوقة في المنطقة التي نواجهها، إلا أن نهج الإصلاح السياسي القائم على التوافق والتدرج "استمر وتقدم".

وأكد أن الأمن شرط ومتطلب هام لتحقيق الديمقراطية في المجتمعات والمحافظة على حقوق الإنسان، وأولها وأهمها الحق في الحياة، قائلاً إنه "لا يمكن الوصول إلى مجتمع ديمقراطي دون الأمن، فالمؤسسات الأمنية والدفاعية هي التي تحمي المؤسسات الديمقراطية وتحافظ عليها"، مشيرًا إلى "أن تجارب دول الربيع العربي قدمت لنا دروساً واضحة في اهمية الأمن والأمان لتحقيق الديمقراطية".

وذكر المعايطة أن مفهوم الدفاع هو مفهوم مرادف لمفهوم الأمن، وهما متلازمان لأسباب عدة، أهمها:

أن الحد الفاصل بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي لم يعد موجوداً، فالأعمال الإرهابية في الآونة الاخيرة وفي المنطقة، جعلت كلا من الجيوش والأجهزة الامنية والمؤسسات الديمقراطية والمدنية معاً في مواجهة الإرهاب".

وأضاف، "ان تهديدات الإرهاب أصبحت تطال كل المؤسسات العسكرية والأمنية، وحتى نحمي المجتمع والدولة من المخاطر فإن الأجهزة العسكرية والأمنية والمؤسسات الديمقراطية كالبرلمانات والحكومات تلعب معاً وجميعها هذا الدور، والنتيجة أن الأمن هو مهمة المؤسسات الأمنية والعسكرية وكذلك المدنية والديمقراطية".

ولفت المعايطة إلى أن الأردن يعلم جيداً أين يضع قدمه، ويعرف الخطى للطريق الصحيح نحو التقدم والتنمية والديمقراطية، في ظل ظروف إقليمية ودولية صعبة ومعقدة أنتجت حروباً وصراعات ما تزال تشتعل من حولنا.

وأكد أننا وبحكمة القيادة الهاشمية وقدرة الدبلوماسية الأردنية وما أنجزته الدولة من إصلاح سياسي وديمقراطي استطعنا تجنيب وطننا الشرار المتطاير والمخاطر الناجمة عن أزمات المنطقة.

وبين المعايطة أنه بالرغم من أزمات اللجوء من كل الدول القريبة والمجاورة لبلدنا، وآثار ذلك على الدولة والمجتمع الأردني، إلا أن الأردن استمر في دوره التاريخي في الوقوف إلى جانب أمته العربية ونصرة قضاياها.

وقال، إننا في الأردن نعي حجم التحديات والمخاطر التي تحيط بنا، لذلك كانت الدبلوماسية والسياسة الأردنية حكيمة ومتوازنة وهدفها الرئيس هو الوصول إلى حلول سياسية، مشددا على أننا "لم نسمح لأنفسنا بالتدخل في أي شأن عربي أو إقليمي أو دولي، إذ كان موقفنا واضحاً وهو الدعوة إلى نهج الحوار للوصول إلى تفاهمات في مختلف الأزمات، كما أن موقفنا الدائم هو ضرورة الحل السياسي والسلمي في الساحة السورية والبعد عن لغة القتل والنار والدم".

وأشار إلى أن التدخل بالنسبة لحكومتنا هو التدخل الإنساني واستيعاب اللاجئين ومساعدتهم رغم نقص الموارد والتحديات الاقتصادية التي تواجه بلدنا، مضيفا أنه "رغم التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لهذا الموقف الإنساني وآثاره على البنية التحتية والتعليم والصحة وكل جوانب الحياة، لكن المجتمع الدولي لم يقدم المساعدة المطلوبة، ولم يف بالتزاماته".

وأضاف، إن الأردن استمر وحده في هذه المواجهة والأزمة الإنسانية، حيث وضعت الحكومة خطة للإصلاح الاقتصادي والمالي، تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي للأعوام المقبلة من أجل استعادة زخم النمو، والاستفادة من كل الفرص المتاحة إقليمياً ودولياً لرفع مستوى معيشة المواطن، وتمكين الطبقة الوسطى وحماية المواطنين في ظل هذه الظروف الصعبة.

من جهته، قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف إن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي تم إنشاؤه حديثًا يهدف إلى التصدي لمكافحة الإرهاب، وتحسين التنسيق والاتساق بين هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة والمنظمات الدولية، وتعزيز أنشطة بناء القدرات دعما للدول الأعضاء بناء على طلبها.

وأضاف، ان منتدى عمان الأمني، الذي يحتضن المختصين وصناع القرار، يسعى لتعزيز الحوار والسعي إلى أساليب مبتكرة لمنع النزاعات ومعالجتها مع التمسك بمبادئ الأمم المتحدة.

وأكد فورونكوف أن منع وحل الصراعات يعتمد بشكل متزايد على مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى خطاب أمين عام الأمم المتحدة في الجلسة الثانية والسبعين من اعمال الجمعية العامة، التي عقدت في أيلول الماضي حيث أكد "نحن لن نكون قادرين على القضاء على الإرهاب إن لم نحسم الصراعات التي تخلق الفوضى والتي يزدهر فيها المتطرفون العنيفون.

ان نشوء حلقة مفرغة بين الصراعات والإرهاب سيشكل تحديات خطيرة للسلم والأمن الدوليين".

كما أكد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال وغرب افريقيا هي التي تعاني من أكبر عدد من الصراعات في العالم، فضلاً عن أن العرب والمسلمين والمجتمعات الأخرى في تلك البلدان تمثل الضحايا الرئيسيين للإرهاب.

وقال إنه لا بد من التركيز على أن الإرهاب يؤثر علينا جميعا، وينبغي ألا يكون مرتبطا بأي دين أو جنسية أو عرق، مضيفا أن الجماعات الإرهابية تسعى من خلال أعمالها إلى تقويض القيم المشتركة للسلام والعدل والكرامة الإنسانية.

وتابع فورونكوف، انه مع استمرار الضغط العسكري تجاه تنظيم "داعش" وتدفق الإرهابيين الأجانب، فإن عدد المقاتلين انخفض بشكل ملحوظ، إلا أن هناك سيناريوهات خطيرة أخرى محتملة قد تظهر.

 

ومن هذه السيناريوهات، بحسب فورونكوف، إعادة تنظيم "داعش" من خلال خلايا نائمة مستقلة بعيدا عن هيكل القيادة ونقل قواتها الرئيسة إلى بلدان أو مناطق أقل حساسية، والزيادة في عدد الهجمات الإرهابية في المنطقة من خلال المقاتلين الإرهابيين الأجانب، والعودة إلى بلدانهم الأصلية أو السفر إلى بلدان ثالثة، وتضاعف الجهود عبر الإنترنت لتطرف الشباب، وتمويل الأنشطة، وترويج جرائمهم الفظيعة، الى جانب الاستخدام الإرهابي للمواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية إضافة للقنابل القذرة، والنشاط المتزايد لتنظيم داعش والقوات المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وأوضح فورونكوف أن التصدي لهذه التهديدات يظل أمرا أساسيا، إلا أن منعه هو أكثر أهمية من أي وقت مضى، لذلك اعتمدت الأمم المتحدة إطارا مشتركا لتنسيق جهود المجتمع الدولي وتعزيزها بما في ذلك الوقاية الدبلوماسية.

وقال إن النهج الوقائي يساعد على معالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع العنيف، فضلا عن الظروف المواتية للإرهاب، مضيفا أن الأمم المتحدة اعتمدت خطة عمل لمنع التطرف العنيف تشمل أكثر من ٧٠ توصية، بنيت حول سبعة مجالات رئيسية هي:

حل الصراعات من خلال العمليات السياسية الشاملة، معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية المظالم، دعم الشباب، وتعزيز الحكم الرشيد، وتعتبر سيادة القانون مكملا هاما لمكافحة الإرهاب التقليدية الإجراءات.

وأشار فورونكوف إلى أن الأمم المتحدة بذلت جهودا نشطة جدا في دعم جهود الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب وصنع السلام في هذه المنطقة في الأعوام الأخيرة.

وتابع، اننا نعمل الآن مع البلدان في جميع أنحاء العالم العربي، بما في ذلك العراق والأردن والمغرب والسعودية والسودان وتونس وقطر والإمارات، على عدد متزايد من المشاريع والقضايا مثل:

إدارة الحدود، وسلامة السفر، وتمويل الإرهاب وتنمية مهارات الشباب.

وبين أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب جزء من جدول الأعمال الأوسع لبناء السلام وإدامته في جميع أنحاء العالم، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الأشهر المقبلة ستجلب تحديات جديدة ولكن أيضا فرصا جديدة ولن نتمكن من التصدي بشكل جماعي وفعال للتحدي العالمي الذي يمثله الإرهاب إلا من خلال التعاون والشراكات، واتخاذ نهج شامل".

بدوره، تحدث مدير البرامج التدريبية في جامعة الأمير نايف العلمية الدكتور علي الرويلي عن جهود السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب، مؤكدا أن بلاده عنصر فاعل في المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه، فهي تشترك في العديد من الاتفاقيات بشأن ذلك.

وذكر أن السعودية تبرعت بمبلغ ١٠٠ مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن بلاده بادرت في العام ٢٠٠٥ بعقد مؤتمر إسلامي لمكافحة الإرهاب، الذي ليس له دين ولا لون، وضرب في مختلف أنحاء العالم، مؤكدا أن لدى الأمم المتحدة قائمة سوداء بـ١٣٩ منظمة إرهابية تنتشر بمختلف قارات العالم، ١٩ فقط منها في منطقة الشرق الأوسط، وأن هذه المنظمات تُستخدم من خلال اجندات سياسية عالمية وإقليمية ومحلية.

وقال إن السعودية قامت بإجهاض حوالي ٢٢٠ عملية إرهابية قبل تنفيذها مستخدمة في ذلك القوة والمناصحة والحوار في آن واحد.

وأضاف الرويلي، إن السعودية عقدت العام الحالي مؤتمرا عربيا إسلاميا بحضور ٥٥ دولة والرئيس الأميركي دونالد ترامب، انبثق عنه إطلاق مركز اعتدال، يهدف إلى مراقبة الإرهابيين وتحركاتهم وعمليات غسل الأموال وتجفيف منابع الإرهاب.

وردا على سؤال لأحد المشاركين بالمؤتمر، قال الرويلي إن "السعودية تطبق الشرع الإسلامي، ولا يمكن أن ينتهك الدين الإسلامي حقوق الإنسان"، مضيفا أن في بلاده نحو ١٠ ملايين أجنبي يدينون بمئات الأديان، ولم يحصل أن اشتكى أحدهم من اضطهاد ديني، لافتا إلى أن مسألة حقوق الإنسان هي "شماعة" تعلق عليها الأخطاء حينما يتعلق الأمر بالدول الإسلامية والعربية.

وأكد ضرورة وجود خطة لدعم استراتيجية مكافحة التطرف والإرهاب، من خلال معرفة أسباب الإرهاب وتجفيف منابعه ودعم الدول التي تطبق تلك الاستراتيجية.

بدوره، وردا على سؤال لأحد الحاضرين، قال فورونكوف، إنه لا توجد منهجية موحدة لتعريف الإرهاب، مضيفا أننا نعمل مع منظمات وحكومات عربية لبناء القدرات للمساعدة على تقوية هياكل الشرطة للتغلب على موضوع الإرهاب.

فيما قال المعايطة انه "يجب أن يكون هناك خطة أو استراتيجية لمكافحة الإرهاب"، مضيفا أنه يوجد بالأردن خطة لمثل ذلك، فضلاً وجود لجنة وزارية تعتمد عدة محاور للقضاء على الإرهاب ومكافحة التطرف منها:

الديني التوعوي، التربية والتعليم، والممارسة الديمقراطية، والإعلام.

ويُعد منتدى عمان الأمني واحدا من أبرز المنتديات عالية المستوى والمتخصصة والمستدامة على مستوى المنطقة، حيث يخصص أعماله لمناقشة القضايا الأمنية مع التركيز على خيارات السياسة الخارجية، والتعاون الإقليمي، ونزع السلاح وحظر الانتشار النووي.

وكان عضو اللجنة التنسيقية للمنتدى الدكتور أيمن خليل قال إن المنتدى، الذي تتواصل أعماله على مدى يومين، يعد من أحد أهم التجمعات المتخصصة على المستوى الإقليمي والتي تعقد بشكل منتظم، مضيفاً أنه يهتم بالتركيز على ما يتعلق بالشؤون النووية والبيولوجية والكيماوية.

وأضاف، ان أعمال الاجتماع تأتي إيمانًا من المعهد العربي لدراسات الأمن بضرورة ادماج كل قطاعات المجتمع بموضوع حظر التسلح النووي وكل صنوف أسلحة الدمار الشامل.

ويخصص المنتدى هذا العام جزءا من أنشطته للخوض في المسألة السورية في ظل المعطيات الأخيرة، وبمشاركة مختصين في ملف الأسلحة الكيماوية، فيما يُعتبر الانطلاق الرسمي لعدد من الاجتماعات والفعاليات الموازية التي تعقد على هامشه.

ويعقد على هامش المنتدى ورشة عمل متخصصة للطلاب والمهنيين الشباب، تركز على تنمية القدرات في مجال أسلحة الدمار الشامل.

بترا

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/15 الساعة 14:54