في ذكرى ميلاد الملك الحسين.. ماذا سألوا وماذا قال وقالوا عنه؟
مدار الساعة – عبدالحافظ الهروط – كل يوم وفي كل مناسبة يستذكر الاردنيون ومعهم العالم سيرة ومسيرة الملك الراحل الحسين بن طلال وهو الذي قاد البلاد الى شاطئ كانت الامواج الهوجاء تتلاطم من كل جهة.
وقاد الحسين طيب الله ثراه الاردنيين والعباد محاولاً الوصول بهم الى سلام عالمي، فاختطفه الموت وهو في عز معاركه السياسية التي ان اخمد حرباً هنا، ذهب ليطفىء حرائق حرب هناك، فقد عُرف عن الراحل الكبير انسانيته التي يؤمن بأن من حق كل انسان ان يعيش بأمن وسلام وطمأنينة، فسلام على روحك يا ابا عبدالله.
تطل ذكرى ميلاد "عرّاب السياسة" في العالم ، والاردنيون وشعوب العالم اجمع يستذكرون ملكاً، ملك قلوب البشرية بحكمة لا بحكم، وظل الوحيد محلقاً في فضاء عالمي يزور البلدان بطولها وعرضها، في زمن ظلت الزعامات أسيرة لأنظمتها، تحسباً لحوادث او انقلابات او تمرد على السلطة.
من يقاتل من اجل السلام،لا يخاف الحرب ولكنه يخشى دمارها على الشعوب والاوطان، هكذا كان ينظر الحسين وظل تفكيره الى ان لاقى وجه ربه، فانظروا ماذا حدث في زمن الحسين وقبل زمانه وما بعد رحيله من دمار وتشرد وسفك دماء، في عالمنا العربي، وعالمنا الاسلامي، وعالم القارات.
الحديث عن انجازات الحسين، ودوره في خدمة قضايا الامتين العربية والاسلامية يصعب الاشارة اليها مهما بلغ الكاتب من معلومات وثقافة وجرأة، اما السياسة التي ابهر بها العالم بمن فيه الاعداء والاصدقاء، فهي من عجائب العالم ولله في خلقه شؤون.
قال كثير من عامة الناس، وانت تشاهد الحسين ينتابك خوف ودهشة ولكن ما ان تصافحه حتى تشعر بالطمأنينة والسكينة، اما الذين كانوا وظلوا مقربين منه بحكم العمل،قالوا ان الحسين يأسرنا بتواضعه، حتى اننا نخجل من انفسنا وهو يطلب منا بعض المسؤوليات او تادية الحاجات لمستحقيها، وعبارة "انا حاب اسمع منكم".
سأل صحفي انجليزي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين: كيف ترى الملك الحسين؟ وقد ارتبط الزعيمان في سنوات الحكم الأخيرة بعلاقة عزّ نظيرها ، اجابه : انه عرّاب السياسة في العالم.
وروي عن شهود، ان ملك المملكة العربية السعودية الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بن سعود وفي أثناء حضوره جنازة الحسين قد أخفى دموعه وراء نظارته السوداء، وقال لشخصية اردنية "لستم وحدكم الذين خسروا الحسين، نحن العرب الذين خسرناه، لأنه كان المتحدث باسمنا وعرض قضايانا امام العالم، من لنا بعد الحسين"؟.
حب الحسين للسلام وللقضية الفلسطينية جعله يرد على دعابة الرئيس الاميركي بيل كلنتون بدعابة اقوى "احنا ما ظل على روسنا شعرة واحدة" فقد قال كلينتون بحضور الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل "شبنا ولم نشاهد حلاً لهذه القضية".
ما من رياضة الا واتقنها الحسين، وفي هذا الجانب، ظل الحسين بروحه المتقدة حماساً للشباب يرغّبهم بالمنافسات ويتحداهم مع انه يكبرهم بعقود، فكان التحدي في سباق مرتفع الرمان لسنوات، وقد غادر هذه الرياضة بحكم التقدم بالسن والمرض اللعين الذي داهمه،وهو يحتفظ بالرقم القياسي الذي سجله.
ولأن جمهور رياضة السيارات وجميع الجماهير الرياضية والشعبية تحب مليكها، كانوا يخشون عليه من ممارسة هذا السباق السنوي نظراً لصعوبة المسار في المنطقة، فقال لهم في احد السباقات "الموت يأتي مرة واحدة".
في رحلة الراحل العلاجية في مايو كلينيك بأميركا، يقول وزير الشباب رئيس المجلس الاعلى للشباب الأسبق الدكتور مأمون نور الدين وقد كان يشغل مدير مكتب رئيس الوزراء الدكتور عبدالسلام المجالي، ذهبنا للإطمئنان على صحة سيّدنا، ففاجأنا بعبارة "هلا بريحة بلادي"، ولكن المفاجأة الكبرى،عندما اخبرني المرافق لجلالته بأن سيّدنا -رغم المرض-سيلتقي الدكتور المجالي في غرفته، فسارعت لأخبر دولته ليذهب الى مكان اقامة جلالته، الا ان اصرار الملك كان الأسرع في المجيء" ليقدّم له المجالي الاعتذار، احتراماً لمكانة الملك.
رحيل الحسين العام 1998،اراد الاردنيون منه بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ان تحمل الدورة الرياضية العربية التاسعة 1999 اسم "دورة الحسين" ولأن التحضيرات لاستضافة الدورة في وقت يسابق الزمن كانت اللجنة المنظمة العليا التي يرأسها سمو الامير فيصل تعقد اجتماعاً مهماً، قال فيه وزير الشباب والرياضة الدكتور محمد خير مامسر بغضب شديدة "هذه دورة تحمل اسم الراحل الحسين لن أقبل بأي خطأ مهما كان"، وأمسك بميدالية كانت من ضمن العروض التي قدمت لصناعة الميداليات لتقديمها للفائزين.
واكمل حديثه " اريد ان يستذكر كل فائز اردني وعربي وهو يمسك بالميدالية بعد سنين طويلة امام ابنائه واحفاده ليقول هذه ميدالية دورة الحسين" في اشارة انها من النوع الجيد وليس الرديء".