مرور 12 عاما على تفجيرات عمّان

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/08 الساعة 10:43
مدار الساعة - اثنا عشر عاما مرت على حادثة التفجيرات الارهابية التي استهدفت ثلاثة فنادق في عمان بنفس التوقيت في التاسع من تشرين الثاني 2005، على يد مجموعة من أصحاب الفكر المتطرف، ليذهب ضحيتها مواطنون وضيوف أبرياء. وما زال الاردنيون، وهم يستذكرون التفجيرات الارهابية، يثبتون يوميا قيادة وشعبا بأن بلدهم سيبقى منيعا امام الارهابيين واي محاولات للعبث بامنهم مستغلين الظروف التي تمر بها المنطقة. فقد استهدفت تفجيرات عمان الانتحارية ثلاثة فنادق، مزهقة حياة ستين شخصا واصيب فيها نحو 200 اخرين، باستخدام أحزمة ناسفة، وقع التفجير الأول عند الساعة 9:30 بالتوقيت المحلي على مدخل فندق الراديسون ساس ( انذاك )، وبعدها بدقائق معدودة، وعلى بُعد عشرات الأمتار ضرب تفجير ثان فندق حياة عمان الواقع على الدوار الثالث، فيما استهدف تفجير ثالث فندق ديز إن في منطقة الرابية. وكان التفجير الأكثر ايلاما، الذي حدث في فندق راديسون ساس عندما اغتالت الانفجارات فرحة العروسين اشرف دعاس ونادية العلمي، وهما في قمة سعادتهما ليتحول حفل الزفاف الى مجزرة، فقد فيه 26 شخصا من أفراد عائلتيهما، فيما اسفر تفجير فندق حياة عمان عن وفاة المخرج العالمي السوري مصطفى العقاد صاحب أعظم فيلمين عن الإسلام والسلام هما (الرسالة وعمر المختار). وزير الاعلام الاسبق سمير مطاوع، قال إن الحرب على الارهاب أشبه بالحرب المقدسة، لان المنطقة لم تشهد سابقا عنفا بهذه البشاعة. واضاف أن الحياة الانسانية أقدس شيء عند الله تعالى، مستشهدا بقوله تعالى:( مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) . واستذكر ببالغ الالم والحزن بشاعة التفجيرات وضحاياها الابرياء، معربا عن ايمانه بقدرة الاردنيين القضاء على الارهاب بكل اشكاله بتكاتف الجميع ويقظة الاجهزة الامنية في السيطرة على كل فرص التطرف. وقال وزير الاعلام الاسبق سميح المعايطة إن تفجيرات عمان من الذكريات المؤلمة التي اوقعت ضحايا اردنيين وغير اردنيين، مشيرا الى انها من المحطات المهمة في استشعار الاردنيين لجشع الارهاب والتطرف. وبين ان جلالة الملك عبدالله الثاني من القادة الاوائل الذين حذروا من خطر الارهاب والتطرف على الانسانية جمعاء، وطالب قادة العالم والمجتمع الدولي في أكثر من مناسبة الوقوف بحزم أمام هذا الخطر الذي يقتل العباد ويدمر البلاد، لافتا الى أن جلالته وبحكم شرعية رسالته الدينية والتاريخية، تولى مخاطبة العالم بلغة العصر لشرح صورة الاسلام السمحة وقيمه السامية. ودعا الى ضرورة الاستفادة من ذكرى التفجيرات الاليمة، والعنف الذي تعاني منه العديد من دول الجوار لرص الصفوف وحماية البلاد من المخاطر والاستمرار في التصدي للعنف والارهاب وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال والانسانية، والوقوف جنبا الى جنب لدحر المتطرفين وحماية الاستقرار في البلاد. واشار الى ان رسالة عمان تناولت موضوع التطرف والغلو، وموقف الإسلام منهما، كما دعت الى محاربة هذا النهج المنحرف والفكر المتطرف، موضحا أن الإسلام وقف موقف الرافض لكل أشكال العنف والتطرف والغلو الهادفة الى تشويه صورة هذا الدين السمح القائم على الوسطية والاعتدال. وبين ان لرسالة عمان دورا بارزا في بيان معنى التطرف والغلو وأسبابهما، والحلول الناجعة للقضاء عليهما، حيث دعت إلى منهج الوسطية والاعتدال، وبيان طبيعة التطرف والغلو بأنها ليست من طباع المسلم الحقيقي المتسامح، والتي تحجب العقل السليم عن سوء التقدير والاندفاع الأعمى خارج الضوابط الدينية، والفكرية، والخلقية. وقال إن العالم اصبح اكثر جدية في مكافحة الارهاب، وخاصة بعد ظهور ما يسمى بعصابة "داعش" الارهابية . في أعقاب صدور قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمكافحة الإرهاب وبشكل خاص القرار رقم (1373) اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التنفيذية في ضوء ما جاء في هذه القرارات، فاصدر الاردن قانون منع الارهاب عام 2006، حيث استمرت جهود الاردن سياسيا وأمنيا في مواجهة الإرهاب لتكون رادعا لتلك الأعمال الجبانة، وفي العام 2014 تم تعديل القانون لحصر النصوص القانونية المتعلقة بقضايا الإرهاب في قانون واحد، وليجاري القانون التطورات التي تعيشها المنطقة والعالم، والتطورات التي شهدتها وسائل الاتصال الحديثة. القانون المعدل الذي أقره مجلس الأمة وتمت المصادقة عليه منتصف العام 2014 ودخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من ذلك العام، أعاد تعريف الإرهاب ليتوسع في تجريم جملة من الأعمال باعتبارها أعمالاً إرهابية، كما غلّظ العقوبات على الأعمال الإرهابية. وقال عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية الدكتور عبد الرحمن الكيلاني إن تفجيرات عمان كشفت عن مدى الانحراف في الفكر، والفساد في الفهم، والضلال في العمل عند تلك الفئة، التي لا تميز بين الجهاد في سبيل الله بأهدافه السامية ومقاصده النبيلة، وبين استباحة دماء الآمنين الذين عصم الله تعالى دماءهم وأرواحهم، وأمر بحفظ أرواحهم والدفاع عنها، واعتبر قتل نفس واحدة بمثابة قتل للإنسانية كلها امتثالا لقوله تعالى : " من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ". وأضاف أن الله تعالى بين في كتابه الكريم أن من أعظم أهداف الجهاد ومقاصده : الدفاع عن الأنفس والدماء، وحماية المستضعفين والآمنين، ونشر الأمن والأمان، وان أصحاب الفكر الضال قد انحرفوا بالجهاد عن مقاصده النبيلة واهدافه السامية، وباتوا يستعملونه للقتل والتخريب، ولتشريد المستضعفين، وترويع الآمنين، ونشر الخوف في بلاد المسلمين، وهو نقيض المقصود من الجهاد وعكس الغاية السامية التي شرع من أجلها. وأشار الى الجهود العظيمة التي يبذلها علماء الأردن ودعاته وما تقدمه كليات الشريعة في الجامعات الأردنية عبر برامجها ومناهجها التدريسية المتميزة ، وحرصها على تعزيز الفكر القويم والمنهج الراشد وتعميق روح الانتماء للوطن ومؤسساته وقيادته، وتحصين الشباب من الأفكار الضالة والمنحرفة، ومحاربة دعاة التكفير والعنف، مبينا ان المؤسسات العلمية الشرعية تنهض بدور كبير لتحقيق الأمن الفكري والاستقرار النفسي، وتقف جنبا إلى جنب مع رجال الأمن في التصدي لكل لأصحاب الأهواء ودعاة الفتنة. وقال :" إننا ونحن نعيش ذكرى تفجيرات عمان نستحضر أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بشرت بالأردن وأهله، وأنه محفوظ في عين الله التي لا تنام، وفي حصنه الذي لا يضام، وفي حرزه الذي لا يرام، مبينا أن كل من يدافع عن أمن الأردن واستقراره ويسهر على نشر الطمأنينة فيه مشمول بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله". مدير مركز الدراسات البرلمانية الدكتور محمد مصالحة قال ان الاحداث المؤلمة في حياة الشعوب والامم يجب أن تكون حافزا لتجاوز الالم ومعرفة اوجه التقصير إن وجدت، مشيرا الى ان الاردن، وخلال الفترة اللاحقة للتفجيرات الاليمة، اثبت انه عصي على من يدبر مثل تلك الجرائم البشعة وهو قلعة منيعة في وجه مخططي الارهاب. وقال : نحمد الله ان بلادنا تجاوزت مخاطر التطرف لعمليات ارهابية بفضل منعة قواتنا المسلحة وحرس الحدود والاجهزة الامنية ووعي المواطن وادراكه في دفع الاذى والشر عن بلادنا. رئيس قسم القانون في جامعة العلوم الاسلامية العالمية الدكتور علي قطيشات قال إن الذكرى الثانية عشرة لتفجيرات عمان تمر وقد اظهر شعبنا الصمود المشرف والمرونة التي لا مثيل لها، حيث لم يسبق للارهابيين اضعافنا، لنخرج من الازمة أشد عزما وقوة. ودعا الى نشر الافكار الصحيحة التي تتمثل برسالة عمان، والتي تقوم على اساس العدالة والسلام، واحترام حياة الافراد، مؤكدا انه ليس كافيا ان نشجب ونستنكر هذه العمليات الارهابية، بل علينا العمل معا لنشر ثقافة التسامح والمحبة.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/08 الساعة 10:43