الروس يتمددون

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/12 الساعة 01:22

لا سقوف أمام موسكو في تمددها الجديد في المنطقة، اذ مقابل الإخلاء الأميركي للمنطقة، يتمدد الروس من موقع الى آخر.

التمدد الروسي الجديد نحو ليبيا، مثير للانتباه، فهذا البلد الغارق في الصراعات، والذي يعوم فوق كنز من النفط، قد يصبح من حصص النفوذ الروسي، خصوصا، مع المعلومات عن بدء التدخل الروسي في ليبيا، وامداد الجيش الوطني الليبي الذي يتزعمه حفتر بالسلاح، ووصول خبراء روس الى ليبيا امر غير عادي ابدا.

تمدد يقترب من الأنموذج السوري ذاته، من حيث دخول الروس، الى كل موقع، خربه الاميركان، او تركوه ليخرب ضمن حساباتهم.

من ناحية استخلاصية، يبدو الاميركان بمثابة قوة عظمى تهدم دولا في المنطقة، او تتفرج على هدمها بحياد وسلبية، فيما يستفيد الروس بكل بساطة من هذا الهدم، وهي ذهنية «المقاولة السياسية» الروسية، التي تعمد الى التمدد في الدول الخربة، وعلى انقاض من فيها، لاعتبارات استراتيجية قد لا تتكشف الان تماما، وموسكو تقدم نظرية سياسية جديدة، تقول إن بإمكانك شراء بيت متهدم بأرخص الأثمان، وتولي صيانته، مقابل السكن فيه لاحقا.

بعد النفوذ الروسي الفعلي في ايران وتركيا وسوريا، تتمدد موسكو ايضا الى مصر بشكل جزئي وغير محسوم المآلات، وتتمدد اليوم الى ليبيا.

وسط هذا المشهد، يهدد فرقاء في اليمن بالاستعانة بالروس لاعتبارات كثيرة؛ ما يجعلنا ايضا، امام سيناريو محتمل وقريب للتواجد الروسي في اليمن، ولو عبر وسطاء، ان لم يكن مباشرة، في البدايات.

اللافت للانتباه ضعف اوروبا، وانسحاب اميركا، وهشاشة العرب، وتشكل معسكر جديد، في العالم، على رأسه موسكو، التي تتحالف فعليا مع دولة اقليمية شيعية مثل ايران، وتتحالف مع دولة اقليمية مثل تركيا، وتحاول الدخول الى دولة عربية اقليمية مثل مصر، وبرغم ان النجاح الروسي، قد لا يكون مكتملا، ومهددا بالمنافسة، او محاولات العرقلة، الا اننا بكل صراحة نشهد شكلا من اشكال الاستعمار الروسي الجديد للمنطقة، التي باتت بلا اب حاليا، ولا حاضنة عالمية، خصوصا، في ظل القراءات عن تراجع الدور الاميركي، أو على الاقل، عدم ميله الى الصدام مع الروس، اذا استطاعت الادارة الاميركية المقبلة، تنفيذ هذه السياسة.

الروس مثل سمك القرش، الذي ينجذب الى رائحة الدم، لكنهم هنا ينجذبون الى ثلاثة عناصر، الاول تغطية المساحات التي يتركها الاميركان، والثاني مواجهة التنظيمات المتشددة، في اي دولة تظهر فيها هذه التنظيمات، والثالث متعلق بالثروات والنفط تحديدا.

تمدد موسكو نحو ليبيا ايضا، يكشف ان القصة اعمق بكثير، من قصة الوجود الروسي في سوريا، فهي قصة احياء النفوذ السوفياتي، بطريقة مختلفة، والمؤكد ان هذا يعتمد على نظرية تقول إن «العقد المقبل سيشهد تغيرات واسعة، ولايمكن للروس ان يبقوا في موقع المتفرج على اعادة رسم العالم والاقليم».

يحدث هذا في الوقت الذي يثبت فيه العالم العربي، عدم قدرته ابدا على ان يقود نفسه، فقد اثبت العرب، تاريخيا، انهم بحاجة دوما الى امهات حاضنات، وهذا الضعف التاريخي، يتواصل من زمن الى آخر.
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/12 الساعة 01:22