حلويات سورية بنكهة الحنين في الأردن
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/05 الساعة 17:57
مدار الساعة - ورث مازن عبيدو حرفة صنع الحلويات السورية أبا عن جد في دمشق، الى ان ارغمه النزاع في بلده على الانتقال الى الاردن حيث فتح متجرا صغيرا، ثم أربعة متاجر أخرى تقدم حلويات مجبولة بالحنين الى وطن مزقته الحرب.
ويقول عبيدو (42 عاما) وهو جالس في متجره الرئيسي وسط مدينة إربد (89 كيلومترا شمال عمان) الذي تفوح منه روائح زهر الليمون واللوز والصنوبر وجوز الهند المستخدمة في صنع الحلويات، "كانت لدي محلات عدة في دمشق، وكان عملي ممتازا يدر علي مالا وفيرا. ولكن بعد اندلاع النزاع بعام واحد وشعوري بعدم الامان قررت ترك كل شيء ورائي والمجيء الى الاردن".
ويستضيف الاردن نحو 1,3 مليون سوري منذ اندلاع النزاع العام 2011.
ويتابع عبيدو وهو اب لثلاثة اطفال، مبتسما "في العام 2012، بدأت من نقطة الصفر. فتحت متجرا صغيرا في إربد (يقيم فيها نحو 200 الف سوري) نصفه معمل ونصفه لبيع الحلويات. كنت أعمل ليلا نهارا دون كلل أو ملل، فزاد عدد زبائني وزاد دخلي. لذا قررت فتح خمسة متاجر" اخرى.
ويتباهى الرجل القصير الممتلىء ذو اللحية السوداء بصناعته عشرات الانواع من الحلويات كالبقلاوة والعثملية والهريسة بالقشطة والوربات بالفستق الحلبي والبرازق، مرورا بالمدلوقة والقطايف والمبرومة والعوامة انتهاء بالكنافة والبوظة بالفستق الحلبي.
لكن هذا النجاح لا يغلب الحنين.
ويقول عبيدو لوكالة فرانس برس "في دمشق، أتذكر ان الاردنيين كانوا يشترون 90 بالمئة مما انتجه الخميس والجمعة. كانت الحياة جميلة وكانوا يصلون في نهاية كل اسبوع بالعشرات لشراء كميات كبيرة، حلويات ذات جودة عالية. وكانت أسعارنا أقلّ بكثير مما هي عليه في الاردن".
صنع في سوريا
وكانت سوريا قبل اندلاع النزاع معروفة في المنطقة بجودة حلوياتها. فتشتهر دمشق بالبقلاوة والبرازق. اما حلب التي شكلت لسنوات طويلة عاصمة سوريا الاقتصادية، فمعروفة بانواع كثيرة منها المبرومة (البرما) والمرصبان، فيما تتخصص حمص وحماه بحلاوة الجبن، ودرعا براحة الحلقوم.
في المشغل بمدينة اربد، يعمل 60 عاملا غالبيتهم من السوريين كل صباح مدة عشر ساعات في اليوم لصنع الحلويات بواسطة معدات كتب على معظمها "صنع في سوريا".
ويؤكد "البغاجاتي" (المعلم)، وهو الاسم الذي يطلق باللهجة السورية على الصناع الماهرين "لكي ننتج حلويات شامية ذات جودة عالية كان لزاما علي ان اجلب كل هذه المعدات الخاصة من سوريا، لقد تم نقلها جوا الى الاردن وكلفتني الكثير من المال لكن عملها رائع".
ويفتخر عبيدو بأن الكثير من موظفيه السوريين ممن تعلموا "سر المهنة" على يده هاجروا الى اوروبا خلال السنوات الماضية وفتحوا محلات لصناعة الحلويات في الولايات المتحدة وكندا والمانيا وفرنسا وتركيا.
ويشير الى انه لا يزال على اتصال دائم معهم موضحا "حتى انهم يتصلون احيانا لأخذ نصائحي حول كيفية تصنيع بعض أنواع الحلويات".
دورات مجانية لتعليم صنع الحلويات
ومن أجل مساعدة اللاجئين من أبناء بلده، ينظم عبيدو بالتعاون مع منظمة العمل الدولية "دورات مجانية" لتعليم صناعة الحلويات لسوريات من "حالات خاصة كالارامل وبنات وزوجات شهداء" ممن لا معيل لهم.
ويقول "انا مثل صياد السمك لا اريد ان اعطي المحتاج سمكة بل أفضل ان اعلمه كيف يصطاد السمك كي يتعلم المهنة ويعتاش منها ليعيش بكرامة".
وتقول هيفاء العلي (22 عاما)، وهي خريجة كلية التمرض في حلب خضعت لدورة تدريبية من ثلاثة اشهر قبل تعيينها في المعمل "استمتع بصناعة الحلويات، فنحن شعب يمتاز بجودة حلوياته التي غالبا ما تجدها فوق طاولاتنا في كل المناسبات".
وتضيف بينما ترتب اقراص المعمول مع احدى زميلاتها وقد وضعت قفازات وغطاء رأس، "روائح المكان تذكرني ببلدي. هل هناك شيء في الكون أطيب من الحلويات السورية؟"
الحركة لا تهدأ في متجر عبيدو الرئيسي، واكثرية الزبائن من السوريين الذين توافدوا للشراء وتبادل الحديث مع أبناء جلدتهم ممن يتشاركون مأساة الهجرة جراء الحرب.
وتقول أروى النابلسي، وهي ام لثلاثة اطفال من محافظة درعا، "عندما أدخل الى هذا المكان أشعر وكأني عدت الى سوريا، فالمحل تفوح منه روائح حلويات شامية ذات نكهة سورية خاصة".
لكن النابلسي مدرسة اللغة العربية التي اتت لشراء الحلويات لارسالها الى اشقائها الخمسة في اوروبا تؤكد ان "الحلويات يكون طعمها ألذ وأطيب عندما تأكلها وأنت جالس في بيتك في سوريا وسط اهلك وناسك واصحابك".(ميدل ايست)
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/05 الساعة 17:57