75 % من الأسر الأردنية إنفاقها أعلى من دخلها
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/05 الساعة 08:44
مدار الساعة - تكشف أحدث الأرقام الصادرة عن مسح دخل ونفقات الأسرة (2013 / 2014) أن ثلاثة أرباع الأسر الأردنية (73.2 %) تنفق أكثر من دخلها بمتوسط يبلغ 1.393 ألف دينار سنويا (116 دينارا شهريا).
هذه الأسر وفق ما تكشف جداول المسح تتكون من تسع شرائح؛ من أصل 15 شريحة. وتشمل الشرائح التسع الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل والمعرضة للفقر ويبلغ تعدادها 917.453 ألف أسرة من أصل 1.253.352 مليون أسرة.
ويتراوح متوسط إنفاق الأسر المكونة لهذه الشرائح بين 4500 دينار سنويا (375 دينارا شهريا) و13 ألف دينار سنويا ( 1083 دينارا شهريا) بينما يتراوح متوسط دخلها بين 4347 دينارا سنويا و(362 دينارا شهريا) دينار 11125 دينارا سنويا (927 دينارا شهريا).
وتكشف هذه الجداول أيضا أنّ الطبقة الغنية (التي يزيد انفاقها على 14 ألف دينار سنويا (1166 شهريا) والطبقات الأفقر التي يتراوح دخلها بين1800 دينار سنويا (150 دينارا شهريا) و 4200 دينار سنويا (350 دينارا شهريا) ليس لديها عجز ودخولها تزيد على انفاقها، أي أنها تحقق وفرا في موازناتها.
ويؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك د. قاسم الحموري أنّ الأسر المتوسطة الدخل أو المحدودة الدخل (وهي جزء من الطبقة الوسطى) تتوقع دائما تحسنا بدخولها كما أنّ لديها الملاءة المالية أو الدخل الذي يؤهلها للاقتراض وبالتالي فهي تستطيع الاقتراض من البنوك وبالتالي فإن معظم هذه الأسر مديونة.
أما الأسر الفقيرة فهي –وفق الحموري- "لا تتوقع زيادة في الدخل وليس لديها أمل بمصادر دخل أخرى مستقبلية"، كما أنّه "ليس لديها ملاءة مالية تؤهلها للاقتراض من البنوك"، وبالتالي فهي "تتعايش مع دخولها الفعلية بل وقد توفر للطوارئ".
ويشار هنا الى أنّ هذه الأرقام بنيت على أرقام مسح دخل ونفقات الأسر 2013 / 2014 المنفذ من قبل دائرة الاحصاءات العامة والذي بنيت عليه في تقرير سابق استنتاجاتها (بالقياس على مسح دخل ونفقات الأسر للعام 2010) حول تحديد الطبقات، حيث توصلت الى أنّ الأسر التي تنتمي للطبقة الوسطى هي تلك التي يتراوح إنفاقها ما بين 9 آلاف إلى 14 ألف دينار سنويا، أي (750 إلى 1166 دينارا شهريا)، فيما الأسرة التي يتراوح انفاقها ما بين 8 آلاف دينار إلى 6 آلاف دينار سنويا (بين 666 إلى 500 دينار شهريا) هي من ذوي الدخل المحدود ، اما الأسر التي يقل انفاقها عن 6 آلاف دينار سنويا ( 500 دينار شهريا) فهي أسر فقيرة و/أومعرضة للفقر.
ووفقا لذات المسح فإنّ حجم الطبقة الوسطى يقدر بـ 27.8 % من المجتمع، فيما أنّ 29.9 % من المجتمع من طبقة الدخل المحدود، و23.2 % طبقة فقيرة ومعرضة للفقر.
النسبة التي جاءت "منسجمة" مع الأرقام الصادرة عن البنك المركزي في تقرير الاستقرار المالي للعام 2016 والذي أشار الى "ارتفاع مديونية الأفراد إلى دخلهم بنسبة بلغت 70 %"، وذلك وفق ما يلفت الخبير الاقتصادي زيان زوانه.
ويوضح زوانه بأنّ ارتفاع نسبة الأسر التي تنفق أكثر من دخولها، يعني أنّ هذه الأسر تقترض، وهذا ينسجم مع الأرقام الصادرة عن المركزي والتي أشارت الى أنّ نسب مديونية الأفراد الى دخولهم تقدر بحوالي 70 %".
وكان تقرير البنك المركزي قد أشار الى أنّ "نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم عند نفس مستواها في العام 2015 والتي تقدر بـ69.3 % معتبرا أن "النسبة ما تزال مرتفعة نسبيا وعلى البنوك الاستمرار بالتنبه لمخاطر إقراض قطاع الأفراد ودراسة التوسع فيه بشكل يأخذ بعين الاعتبار تطور هذه المخاطر".
وقال إن قيمة مديونية الأفراد (بشقيها القروض الاستهلاكية والسكنية) بلغت في نهاية 2016 نحو 9.58 مليار دينار مقارنة مع 9.74 مليار في العام 2015.
ويعتبر زوانه بأنّ هذه النسب "خطيرة" ويرى بأنّ الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة هي المحرك للاقتصاد والطلب الكلي، على أنّ المشكلة بأنّ هذا النشاط الاقتصادي هو نتيجة للاقتراض وليس بسبب زيادة الدخول أو بسبب أداء هذه الطبقة الايجابي.
ويوضح أن الطبقة المتوسطة تؤثر ايجابا في الاقتصاد طالما أنها تنتج وتدخر، لكنّ معامل ادخار هذه الطبقة في الأردن هو بالـ"السالب" وهذا مؤشر اقتصادي سلبي.
كما يرى زوانه بأنّ هذه الأرقام تعكس أنّ "الطبقة الوسطى باتت تحرك القطاع المصرفي فقط في الاقتصاد" وهذا مؤشر سلبي آخر لأنها لا تحرك القطاعات الأخرى.
ويحذر زوانه من "خطورة" هذه النسب ويرى انعكاسها السلبي على القطاع المصرفي خاصة والاقتصاد الكلي عامة، حيث يشير الى خطورة حصول ما يسمى بـ"الإعسار الاقتصادي" والذي ينجم عن عدم قدرة الافراد على سداد ديونها "تعثر الديون" وبالتالي سيؤدي الى ازمة اقتصادية على مستوى القطاع المصرفي حيث إنّ البنوك ستتعثّر وعلى مستوى الاقتصاد في حال الإعسار الاقتصادي.
وعلى الصعيد الاجتماعي يفسر الخبير الاجتماعي الدكتور سري ناصر ظاهرة زيادة الإنفاق على الدخول بتغير النمط الاستهلاكي للأسر وتحوّل أولويات هذه الأسر الى أخرى لم تكن ضرورية ومهمة في حياتها، وهي تغطي هذا التغير في الإنفاق من خلال مصادر كالاقتراض.
ويرى ناصر بأنّ شعور "الدين" يزيد من الأعباء والضغوطات النفسية لدى أرباب الأسر ويعتبر أن له انعكاسات اجتماعية "خطرة" من زيادة نسب الجريمة والتفكك الأسري وغيرها من المشكلات الاجتماعية المتعلقة بتماسك المجتمع. ويلفت ناصر الى أنّ استمرار الضغوط الاقتصادية على الأسر سيخلق مشكلات اجماعية، إلا أنّ هذه المشكلات "ستتطور مع الوقت ليكون لها أبعاد سياسية"، مستذكرا "ثورة الخبز" التي حدثت في معان عام 1989 و1996.
ويحذر ناصر من خطورة استمرار تعرّض الأسر الأردنية لا سيما الوسطى من الضغوطات الاقتصادية، خصوصا في حال أن قامت الحكومة بزيادة الضرائب والرسوم على السلع والخدمات والتي ستنعكس على المستوى المعيشي للأفراد.
يأتي هذا في الوقت الذي كان فيه البنك الدولي قد أكد في تقرير حديث على أن "ثلث سكان المملكة معرضون أن يقعوا ضمن خط الفقر خلال سنة، إذ يؤثر ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل بشكل كبير على الخمس الأدنى من الأسر المعيشية".
كما كان قد أشار في تقارير سابقة إلى ظاهرة "الفقراء العابرين" في المملكة حيث أكد بأن 18.6 % من السكان هم "فقراء عابرون" وهم أولئك الذين يختبرون الفقر لفترة 3 أشهر في السنة أو أكثر.
ووفقا للتقرير الذي بنى توقعاته على أرقام رسمية تعود إلى 2010 فإنّ الفقراء الذين يبقون فقراء طوال السنة تبلغ نسبتهم 14.4 %، فيما يبلغ مجموع الفئتين 33 % (ثلث الأردنيين).
يشار هنا إلى أنّ الحكومة تتجه حاليا لفرض ضرائب ورسوم جديدة على سلع وخدمات لزيادة إيراداتها بنصف مليار دينار ضمن برنامجها مع صندوق النقد الدولي.الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/05 الساعة 08:44