الحريري من الرياض: استقالة أم إعلان حرب على «حزب الله».. محللون أردنيون يجيبون

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/04 الساعة 18:14

مدار الساعة – اسماعيل عباده - لم يكن منتظراً إعلان رئيس الحكومة اللبنانيّة سعد الحريري اليوم السبت الاستقالة. كما لم يكن منتظراً إعلان استقالته من العاصمة السعودية الرياض. فما الذي يجري؟

في الخبر أن أجهزة مخابرات عربية ابلغته بوجود مخطط لاغتياله وان المنفذين عطّلوا أبراج المراقبة خلال تحرك موكبه.

وفي الخبر كذلك ما يستدعي السؤال عما اذا كانت هناك استعدادات لتحضير مناخات مواتية لتطورات ساخنة في المنطقة تتعلق بحزب الله اولاً وإيران دائماً. وهل نحن أمام مقدمات لحرب مقبلة؟

لم يفت إعلان الاستقالة ان يتحدث رئيس الحكومة سعد الحريري السبت عن طهران وذراعها الاهم في المنطقة "حزب الله".

لن يعود

لن يعود رئيس الوزراء المستقيل إلى لبنان. الحريري منذ اليوم سعودي يتحدث باللهجة اللبنانية. فيما سيلاحظ المراقبون بعد فترة وجيزة ان الاستقالة اضافت طبقة مظلمة من بين عدة طبقات للازمة الخليجية.

في الخلفية توارد معلومات عبر مصادر أمنية ان الحريري تلقى معلومات عن وجود مخطط لاغتياله. وكل ذلك وسط حالة من التوتر الشديد بين السعودية وإيران وبعد عام على توليه منصبه.

لم يكن غريبا ان يعود الحريري الى احضان الرياض. لكن الغريب تحوّله سريعا الى ورقة في الصراع الذي اندلع مجددا بين السعودية وايران.

قال الحريري في خطاب "أعلن استقالتي من رئاسة الحكومة اللبنانية"، واصفا ما يعيشه لبنان حاليا بما كان سائدا ما قبل اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وتحدث عن اجواء "في الخفاء لاستهداف حياتي".

وبدأ الحريري خطابه بتصريحات هاجم فيها كلاً من إيران وحزب الله اللبناني، حليف طهران البارز في المنطقة. وقال إن إيران "لا تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب. ويشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن".

أمر مقلق

"أمر مقلق" هذا كان وصف المراقبين الأردنيين وهم يتحدثون عن الاستقالة وأبعادها.

في الحقيقة هو ما بدأ به نائب رئيس الوزراء الاسبق د. جواد العناني كلامه لـ مدار الساعة وهو يتحدث عن استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.

على حد وصف د. العناني فإن الرجل استقال من عاصمة عربية وهذا يعني أنه مستهدف "فآثر السلامة".

سيناريوهات مرعبة يقدمها العناني لما تستقبله المنطقة. يقول: أولها حصول حرب عسكرية بين إسرائيل وحزب الله داخل لبنان، فيما ستحرص إيران على الحشد في سوريا.

احتمالان

في الاجمال، يتوقع العناني أن تكشف الاستقالة تحالفات جديدة في المنطقة "لا ندري نهايتها". وهو تعبير استخدمه ايضا استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية والوزير الأسبق الدكتور أمين المشاقبة وهو يشير لـ مدار الساعة الى عدم استبعاده احتمالات اندلاع الحرب الشاملة في المنطقة.

وتحدث المشاقبة عن احتمالين وراء استقالة الحريري المفاجئة، أولهما للتأشير إلى التدخل الايراني في موضوع لبنان بدايةً، فيما الاحتمال الثاني يؤكد أن هناك آلية لتصفية حزب الله، الموالي لإيران.

"دومينو" إيراني لإسقاط العواصم

على ان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية والنائب السابق د. محمد القطاطشة لا يذهب مذهب الحرب. رغم انه يقول كذلك: "لبنان - شئنا أم أبينا - أصبح موضوعاً إيرانياً" ولذلك قدم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة بعد صار يرى نفسه "لا يمون" وحزب الله يتحكم ويدير الساحة اللبنانية.

ويربط القطاطشة استقالة الحريري بثلاثة ملفات في المنطقة، أحدها أغلق وهو الملف العراقي بعد أن أعطي لصالح الحشد الشعبي الموالي لإيران.

فيما الثاني (سوريا)، فهو برأي القطاطشة، ما زال مفتوحاً. فيما ضغطت إيران على الملف الثالث وهو حزب الله، حيث سقطت العاصمة اللبنانية بيد هذ الحزب الأمر الذي دعا الحريري إلى الاستقالة.

ويعود القطاطشة في حديثه لـ مدار الساعة عن الملفات الثلاثة إلى العام 1979، عندما بدأ الخميني تصدير ثورته، معتبرا انه وبعد ما يقارب الثمانية والثلاثين عاماً نفذت ايران ثورتها، ذلك فيما العرب لم يفهموا استراتيجية الثورة وظلوا "يعملون بالفزعة".

ويصل القاطشة إلى القول "ملفا بغداد وبيروت سقطا بيد الحرس الثوري" في ظل ما أسماه "انهيار النظام الاقليمي العربي واستراتيجيته".

وقال "نحن أمام استراتيجية ايرانية لاحتلال دول عربية في المقابل رجع النظام العربي إلى شعوبه لتوفير غطاء مالي لهم".

ورغم كل ما سبق يقول القطاطشة أننا أمام نظرية "دومينو" تطبق على النظام العربي، حيث تسقط العاصمة وراء الأخرى.

حرب شاملة مدمرة

المتخصص بالشأن الإيراني والمحلل د.نبيل العتوم يرى في حديث لـ مدار الساعة أن استقالة الحريري "مقدمة لحرب شاملة مدمرة في المنطقة"، وبخاصة أنها تأتي في ظل رفع كل من “أميركا وإسرائيل” من مستوى تهديداتهما ضدّ إيران وحزب الله على حدٍّ سواء .

ويقول "تتحسب طهران من التسريبات المتعلقة بالحرب المقبلة مع “حزب الله”، وتحاول تقديم رؤية قائمة على أساس استبعاد اشتعال هذه الحرب، من زاوية التهويل بصعوبة اتخاذ قرار سياسي إسرائيلي بشنها، إلى جانب عدم قدرة الجبهة الداخلية هناك على تحمل كلف هذه الحرب الباهظة، بعد عمليات التسليح الواسعة التي أسهمت بها إيران لتهيئة قدرات الصاروخية والدفاعية لحزب الله ، وتعزيز قدراته على المواجهة.

ويضيف "تدرك المؤسسات الإيرانية، العسكرية والأمنية و السياسيّة، حجم الضرر الذي سيلحق بالمشروع الإيراني في الحرب القادمة، ولاسيّما أنّه في حال اندلاع الحرب، ستحرص طهران أن لا تكون محصورة فقط بالشريط الحدودي اللبناني الإسرائيلي والهجوم ضد حزب الله ، بل ربما ستلجأ طهران إلى فتح الجبهة السوريّة في الجولان على مصراعيها لتخفيف الضغط عن حزب الله، ولضمان استمرار هذه الحرب، ثم دخول إيران على خط التفاوض وفق نظرية تخادم الملفات التي تبرع بها دوماً على حساب الدماء والأشلاء، وهذا حتماً سيؤدي إلى رد فعل إسرائيلي كبير، وربما يؤجل أو يُبعد المواجهة مع إيران حسب الفهم الإيراني.

كلُّ المؤشرات تشي، وفق العتوم، بأنّ هناك حرباً مدمّرة قادمة بفضل سياسات إيران العبثية التي أوصلت المنطقة إلى ما آلت إليه، وساسة طهران يعلمون جيداً أنهم سيختفون عن المشهد السياسي، كما زال من قبلهم، وأن مليشياتها ومرتزقتها هالكون لا محالةَ.

ووصل الحريري، المولود في السعودية، إلى سدة رئاسة الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بموجب تسوية سياسية أتت بحليف حزب الله الأبرز ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف من الفراغ في رئاسة الجمهورية.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/04 الساعة 18:14