العناني: الأزمة الخليجية تهدد مجلس التعاون وتفقده هيبته

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/03 الساعة 18:08

مدار الساعة - حذر الدكتور جواد العناني، نائب رئيس الوزراء الأردني السابق أن استمرار الأزمة الخليجية لمدة طويلة، يعني تكبد خسائر أكبر مما هي عليه الآن.

وأضاف يقول "إن أزمة الخليج قد أثرت في بدايتها على الإقتصاد القطري كثيراً، وذلك لأنها خلقت شعوراً بالأزمة لدى المواطن القطري والمقيمين فيها. فأصبح هنالك إقبال شديد على السلع الموجودة في المحلات وغيرها، وأخذ الناس يخزّنون السلع. لكن هذه الأزمة التي دامت لعدة أيام، سرعان ما انتهت، حيث سارعت قطر بفتح خطوط تجارية جديدة خارج دول الخليج وخارج الإعتماد على موانئ دول الخليج التي كانت ترسل حاجاتهم منها، مثل ميناء جبل علي والمملكة العربية السعودية وغيرها".

واستطرد يقول: "لذلك، استفادت دول لم تكن بالحسبان مثل إيران بالدرجة الاولى، وكذلك استفادت تركيا بشكل واسع. كما تضررت خطوط الطيران القطرية، إذ كانت تصل إلى أماكن كثيرة في العالم منها ما هو داخل دول الحصار الأربعة أو التي تمر في أجوائها. وعندما حُرمت من هذين الأمرين، اضطرت إما أن تخسر بعض الخطوط، أو تحافظ عليها بأسعار وكلف أعلى من السابق".

ولفت إلى أن "الأمر الآخر الذي كان له تأثير على الوضع الإقتصادي القطري هو سرعة تخصيص الحكومة القطرية لأموال لدعم الشركات التي خسرت فرصاً استثمارية عالية أو تأخرت كثيراً، وخصوصاً تلك التي كانت تعتمد على أسواق دول أخرى في دول الحصار".

ومضى يقول: “بالنسبة للدول الأخرى، أي دول الحصار، فهي أيضاً تأثرت كثيراً لأن العمل القطري فيها كان كبيراً مثل دبي على سبيل المثال وغيرها. ولا شك أن هناك دولاً تكبدت خسائر ملحوظة وكبيرة مثل إمارة دبي على وجه التحديد، بعد قطر. وهناك دول كانت خسارتها أقل مثل المملكة العربية السعودية. ولم تنجُ البحرين، فقد خسرت أيضاً إلى حد ما. أما الدول التي استفادت بالدرجة الأساسية فهي سلطنة عمان والكويت، لأن الطائرات أصبحت تمر فوق أجواء هذه الدول وتستورد من خلالها”.

وأوضح أن هذه الخسائر على المدى القصير، “لم تكن كبيرة لتؤثر على مواقف الدول سياسياً. حيث هي لم تصل إلى مرحلة تهديد اقتصاديات أي من هذه الدول. ولكن، إذا استمرت الأزمة إلى فترة طويلة جداً، فإن هذا سوف يخلق أبعاداً جديدة ودينماكيات مختلفة قد تؤدي إلى تقويض مجلس التعاون الخليجي أو إلى اختصاره، أي تصغير حجمه، مما سيُفقده الكثير من قيمته ومن هيبته، فضلاً عن تُعرّض اقتصاديات بعض الدول إلى هزات لا نستطيع الآن تقديرها”.

وقال محذراً بأن “أولئك الذين كانوا يعتمدون على أن الخليج سوق واحدة، فإنه الآن لم يعد سوقاً واحدة. وإن التفكك هذا سوف يؤدي إلى رفع التكاليف وإلى تقليل الاهتمام بالاستثمار في هذه الدول وفي بورصاتها. ولا ريب أن كثيراً من بورصات دول الخليج، تتذبذب بشكل كبير جداً دون مؤشرات، مما يجعلنا نلفت الإنتباه أنه إذا استمرت الأزمة لمدة طويلة، فسوف تنجم عن ذلك خسائر أكبر مما هي عليه الآن”.

وعن مدى تأثر الإقتصاد الأردني، أجاب قائلاً: “لا شك أن الإقتصاد الأردني قد تأثر بشكل من الأشكال. والسبب هو أن الأردن اختار أن يأخذ سياسة الحد الأدنى من المقاطعة مع قطر. حيث أغلق مكاتب الجزيرة وطلب من السفير أن يغادر ولكن بقيت السفارة مفتوحة. لذلك، لم تقم قطر بأي إجراءات مضادة، وقد حافظ الأردن إلى حد ما على مستوى علاقاته. ومع ذلك فقد فُرضت رسوم على دخول الشاحنات الأردنية إلى دول مجلس التعاون عن طريق المملكة العربية السعودية. وهذه الرسوم سبقت الأزمة في الحقيقة. لكن الأزمة جعلتها مبررة أكثر لكي تمنع وصول الأردن إلى أسواق قطر عن طريق البر”.

ويواصل حديثه فيقول: “إذا استمرت الأزمة إلى فترة طويلة، سوف يؤثر على وضع العمالة، فإن نصف أو 50% من دخل الأردن من العملات الأجنبية يأتي عن طريق دول الخليج، وحوالات الأردنيين العاملين في هذه الدول. وكذلك القروض الميسرة التي يحصل عليها الأردن، بالإضافة إلى المساعدات التي بدأت بدورها تقل كثيراً عما كانت عليه. وكذلك بطبيعة الحال، السياحة والعلاج، والسياحة التعليمية التي تأتي إلى الأردن. هذه كلها مصادر أساسية للدخل الأردني. إذا استمرت الأزمة، قد تؤثر كثيراً على وضع الأردن اقتصادياً”.

ويرى العناني أنه “ليس أمام الأردن إلا أن يبحث – مثله مثل أي دولة أخرى تواجه مشكلة – إن كان هنالك حلول. ونحن ننظر إلى جيراننا الآخرين الذين تكبدنا بسبب الأزمات في بلادهم خسائر كثيرة في سوريا والعراق على سبيل المثال. والآن الأردن مطالب بأن يكون مستعداً لتحسين علاقاته مع هذه الدول وربما مع الدول التي تؤثر على قراراتها مثل إيران على سبيل المثال. فنحن نعلم أنه إذا أردت تحسين علاقاتك مع العراق، فعليك أن تكون في موقف أكثر قرباً مع إيران، وكذلك الأمر في سوريا إلى حد ما”.

وعن الدول الأكثر استفادة من هذه الأزمة، أكد العناني بأن الولايات المتحدة الأميركية “المستفيد الأكبر من الخلاف السائد في منطقة الخليج بعد إيران وتركيا. ولذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية قد عززت موقفها وقدراتها العسكرية في هذه المنطقة، بعد أن حصلت على فرص كبيرة لبيع الكثير من الأسلحة وغيرها من السلع إلى كل الدول في مجلس التعاون”.

وحول احتفالية الحكومة البريطانية برئاسة تيريزا ماي بوعد بلفور وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورفض تيريزا ماي الإعتذار عن وعد بلفور، قال العناني بأن “الموقف الإنساني هو موقف خلقي. ولا جرم بأن موقف جيرمي كوربن، رئيس حزب العمال البريطاني المعارض، هو موقف خلقي ومشرف”.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/03 الساعة 18:08