هل تم ايقاف المديونية؟
من حق الحكومة أن تفخر بأي إنجاز اقتصادي مهم تحققه ، وبخاصة إذا كان يتعلق بوضع حد لاتجاه سلبي مزمن مثل المبالغة في الاعتماد على الاقتراض وتراكم المديونية.
وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الدكتور محمد المومني أكد أن إجراءات الحكومة بموجب برنامج الإصلاح الاقتصادي تمكنت من إيقاف المديونية وستبدأ بانقاصها.
ما زلنا في الشهور الأولى من تطبيق البرنامج ، ومن المبكر أن نصدر أحكاماً قاطعة على موضوع متحرك ، فالأهداف الكبيرة ، مثل ايقاف نمو المديونية أو انقاصها ، لا تحدث بهذه السرعة.
ما حدث فعلاً خلال الشهور التسعة الأولى من هذه السنة أن المديونية الخارجية بالعملات الأجنبية ارتفعت بمقدار 6ر517مليون دينار وأن المديونية المحلية بالدينار الأردني زادت بمقدار9ر282 مليون دينار أي ما مجموعه 5ر800 مليون دينار بالأرقام المطلقة ، أو 3% ، وهي نسبة تقل عن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ، مما يؤكد ما ذهب إليه الدكتور المومني من أن المديونية لم يتم إيقافها فقط بل انخفضت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، ومن المرجح أن تكون نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة أقل من 95%.
قد تختلف الصورة كثيراً أو قليلاً لو أخذنا بالاعتبار الديون المحلية المؤقتة مثل مبلغ 1350 مليون دينار مصاريف مؤجلة وغير مدفوعة من سنوات سابقة ، وما قد يكون على الخزينة الآن من ديون تجاه المقاولين والموردين والمستشفيات وشركات الأدوية وغيرها.
الصورة مختلطة وتعتمد على ما يريد المراقب أن يأخذه من موقف ، وعلينا أن نضغط من أجل التصرف الآن لكي نحصل على النتائج المطلوبة أولاً بأول ، خلال السنوات الثلاث القادمة.
المديونية ليست ظاهرة مستقلة يمكن زيادتها أو إنقاصها بصرف النظر عن العوامل الأخرى. المديونية هي النتيجة الطبيعية لعدم كفاية الإيرادات المحلية والمنح الخارجية بحيث تضطر وزارة المالية لسد الفجوة المالية بالاقتراض الذي يذهب جزء منه لتسديد أقساط قروض سابقة.
الأصل في كل هذه الامور هو أداء المالية العامة ، والعجز الذي يستوجب التغطية. الضرائب والدعم تلعب أدواراً مهمة ، ولكن التعامل معها يصطدم بمقاومة شعبوية لا تنظر بعيداً.
الرأي