أخطاء يجب أن نتوقف عنها (1)
بلال حسن التل
دخل بلدنا عام 2016 مرحلة جديدة, من مراحل المواجهة مع الإرهاب وتنظيماته التكفيرية, تمكن خلالها الإرهابيون من النفاذ إلى بعض مواقعنا واختطاف كوكبة من خيرة شبابنا من نشامى حرس الحدود والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والمدنيين, وهذا يعني أن بلدنا يدخل أكثر وأكثر في دائرة الاستهداف الإرهابي التكفيري, الذي يسعى إلى إيجاد مواطىء أقدام جديدة له, ومنافذ ينفس من خلالها بعض جوانب أزمته وحصاره في العراق وسوريا, ومن الطبيعي في هذه الحالة أن يفكر بالأردن,لأسباب عديدة أولها أن الأردن جزء أساسي من الحرب على الإرهاب التكفيري في ساحة الحرب العسكرية, كما أن الأردن يمثل رأس الحربة الدبلوماسية والفكرية في الحرب على التكفيريين, وخطب جلالة الملك في الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي وفي سائر المحافل الدولية خير شاهد على ما نقول
ثاني الأسباب التي ستدفع التكفيريين إلى البحث عن موضع قدم لهم في الأردن, غير رغبتهم في الانتقام من الدور الأردني, في محاربتهم هو أن الأردن يشكل امتداداً طبيعياً لسوريا والعراق, ويمتلك معهما حدوداً طويلة, قد تساعد بعض العناصر التكفيرية على التسلل إلى الأردن, كحال الإرهابي الجزائري الذي قتل مؤخراً مع ابنه في الشوبك, في حين تم اعتقال ابنه الآخر, بالإضافة إلى أن الكثير من التكفيريين الأردنيين الموجودين الآن في سوريا والعراق سيفكرون بالعودة إلى الأردن, كما شهدنا عودة الأفغان الأردنيين, وهي عودة كانت أقل خطرا وأقل عدائية من التكفيريين من داعش وجبهة النصرة وغيرهم الذين يعتبروننا وخاصة العسكريين منا « مرتدين» استوجب قتلهم, وهذا ليس من باب التهويل, لكنها الحقيقة المرة والخطيرة التي علينا أن نستعد لمواجهتها, برص الصفوف أولاً, والالتفاف حول الهوية الوطنية الجامعة, وتذويب كل الهويات الفرعية الأخرى, جهوية أو عرقية أو إقليمية أو طائفية, وأن يتجسد ذلك في كل شيء, خاصة في أغانينا الوطنية وشعاراتنا, فممنوع الغناء لاربد أو الكرك أو السلط, فكل هذه اجزاء من الأردن الذي علينا أن لا نغني إلا له ولا ننتمي إلا إليه.
ومع رص الصفوف والالتفاف حول الهوية الوطنية الجامعة, فعلى كل أردني أن يتحول وكما قلنا سابقا إلى «خفير» يتحلى بأعلى درجات اليقظة والحذر, وأن يبلغ الجهات المسؤولة عن أية تجمعات أو أشخاص أو أجسام أو تحركات مشبوهة, هذه واحدة على أهميتها غير أن هناك ما هو أهم منها, وهو أن نتوقف كمسؤولين وكمواطنين عن ممارسة الكثير من الأخطاء في حياتنا اليومية, لأنها أخطاء تساهم في تسهيل مهمة التكفيريين, وتوسع قاعدة حواضنهم وإفرازات هذه الحواضن, وأول الأخطاء التي يجب أن نتوقف عن ممارستها ظاهرة صراع القوى في مراكز الدولة, بعد أن عاد الحديث عن فتور العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية, وإن كان أخف مما كان عليه الحال في نهاية الولايتين السابقتين للمجلس النيابي السادس عشر والحكومة التي واكبته, وغير ذلك من مظاهر غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة, فنحن لسنا في مرحلة ترف تسمح للخلافات والأهواء الشخصية بالظهور على السطح, ولكننا في لحظة مواجهة تستدعي تحشيد الجهود ورص الصفوف, والعمل بروح الفريق, وتقديم المصلحة الوطنية على ما سواها, حتى ولو اضطر بعضنا إلى كظم غيظه والعض على جرحه, حتى لايُجرح الوطن, ما نريده في هذه النقطة بالذات هو أن يختفي أي مظهر من مظاهر غياب التنسيق بين أجهزة الدولة ومؤسساتها, الذي صار في مرحلة سابقة محلي أحاديث المجالس والصالونات على اختلاف مستوياتها وتنوعاتها, والخروج من هذا الخلل الذي يؤشر إلى غياب التنسيق سهل جدا إذ يكتفي أن نحتكم إلى الدستور, ذلك أنه لا يفوت المراقب للمشهد المحلي كي يكتشف أن الكثير من أسباب غياب التنسيق أحيانا والتخندق خلف المواقف مبني على جهل كبير بأحكام الدستور, وما ينتج عنه من قوانين وأنظمة, وهو جهل لا يليق بمن يتصدى للعمل العام فكيف إذا كان هذا العمل من خلال السلطات الدستورية والمؤسسات العامة, التي نريد للمنتسبين إليها التحلي بأعلى درجات الانضباط والمسؤولية بعيداً عن الاستعراض والشعبوية فالوقت وقت جد لا هزل فيه.
الرأي