النصرات: أعطوني جبلا وسأنحت بترا جديدة (صور)

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/28 الساعة 00:10
مدار الساعة - زياد الطويسي - "أعطوني جبلا، وسأعطيكم بترا جديدة" بهذه الكلمات يعبر حفيد الأنباط النحات صالح النصرات، عن اتقانه لحرفة النحت التي بدأها كهواية، وتطورّت لتصبح حرفته التي يحاكي من خلالها آثار الأنباط وإرثهم الخالد. وتمكن الشاب النصرات من إنجاز عدة منحوتات، حاكت إرث الحضارات القديمة وخصوصا النبطية منها، كما أنه تمكن من محاكاة بعض القطع الأثرية النبطية بأسلوب مميز، وكأن الانباط قد عادوا من جديد وقاموا هم بنحت هذه القطع.. ولم يتوقف إبداع النصرات عند هذا الحد فحسب، بل أصرّ على تقليد العرب الأنباط في أسلوب نحتهم ونوعية الصخر الذي استخدموه، إلى جانب أنه طورّ حرفته وأنجز منحوتات ابداعية، كمنحوتة لخزنة البترا ويعتليها مجسم الكرة الأرضية وخارطة الأردن، ويعمل المجسم المنحوت بالصخر من خلال دوران الكرة الأرضية فوق منحوتة الخزنة. العديد ممن شاهدوا أعمال الفنان النصرات، لم يصدقوا للوهلة الأولى أنها أنجاز شاب ثلاثيني من سكان مدينة وادي موسى، لكنهم أدركوا أخيرا أنها نتاج شاب من أحفاد الأنباط حينما شاهدوه وهو يمارس حرفة النحت أمام أعينهم. يقول النصرات: "ان النحت بالصخر بات جزء من حياتي، وبات يمثل التزاما ذاتيا تجاه مدينتي التي تميزّت بهذا الفن قديما"، مبينا أنه يطمح من خلال مسيرته الفنية إلى إعادة الحياة النبطية للبترا من جديد. ويضيف، أن الأنباط الأوائل قد رحلوا، وأنه واجبنا كجيل ورث هذه الحضارة، أن نحافظ على إرث الأجداد ونحميه. ويشير النصرات إلى أن رحلة النحت يرافقها مشقة كبيرة، بدء من جلب الصخور من أعالي قمم الجبال في وادي موسى، وأثناء مراحل النحت، حيث يستغرق إنجاز بعض القطع الدقيقة عدة شهور. ويوضح أن النحت بالصخر والذي بات حرفة يمتهنها عدد من أبناء لواء البترا، باتت تحظى بإعجاب السياح الذين يزورون بعض المعارض الفنية التي يتم تنظيمها، والذين سرعان ما يقولون بأن "الأنباط عادوا من جديد إلى البترا"، في إشارة منهم لإبداع شباب المدينة واتقانهم للنحت. وفي مشغله المتواضع بحيه السكني بوادي موسى، لا يزال النحات النصرات يمسك إزميلا وينقش في الصخر الأصم، فيما يعد صوت الازميل على الحجر، أشبه بمعزوفة فنية تطرب أذن سامعها. ورغم إبداعه وإحيائه لفن الأجداد وحرفتهم، إلا أن صالح لا يزال يشكو عدم وجود أي دعم أو مساندة لما يقوم به من قبل مختلف الجهات الرسمية، آملا بأن يحظى بدعم يمكنه من إنجاز مزيد من الفن والنحت. ويكمل النصرات: "حتى وإن لم أجد أي دعم من قبل أي جهة كانت، فإنني سأظل أواصل العطاء ومسيرة النحت والفن، على حساب وقتي وحياتي، لأن حضارة الأنباط التي أورثتنا مدينة لا شبيه لها في الكون، تستحق أن نحافظ على موروثها ونحاكيه". ويختم النصرات حديثه إلى "الرأي": "أعطوني جبلا وسأعطيكم بترا جديدة، وحينها ستدركون حقا، أن همم الأنباط وإبداعهم وعطاؤهم لا يزال يسكن في نفوس وإرادة أحفادهم..". حال النحات النصرات، هو حال نحاتون كثر يعيشون في مختلف مناطق لواء البترا، يمسك كل منهم أزميلا، ويحاكي بشغف وحب، حضارة الوطن وإرثه، لكنهم لم يجدوا بعد من يرعاهم ويقدم الدعم لهم.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/28 الساعة 00:10