محلل أردني: حرب مدمرة قادمة في المنطقة.. والهدف هذه الدولة!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/27 الساعة 17:45

مدار الساعة - كتب: د.نبيل العتوم - ترفع “أميركا وإسرائيل” من مستوى تهديداتها ضدّ إيران وحزب الله على حدٍّ سواء .

أصدر (ترامب) إستراتيجية توعّد من خلالها بمواجهة نظام الملالي، وحزب الله على حد سواء، وكان آخرها ما كتبه الرئيس الأمريكي على صفحته في “تويتر”: لن ننسى أبداً / 241 / جندياً أميركياً قتلوا على أيدي حزب الله في بيروت، في حين اتهم نائب الرئيس الأميركي (مايك بنس) حزب الله بتدبير هجمات المارينز بدعم وتوجيه مباشر من إيران، متعهداً بالثأر لدماء هؤلاء، في الاتجاه نفسه اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي ( أفيغدور ليبرمان) أمام أعضاء بالبرلمان حزب الله بتدبير عمليات قصف عبر الحدود في مرتفعات الجولان بهدف إشعال حرب بين سوريا وإسرائيل .

الوسطُ السياسي والأمني الإيراني مشغولٌ الآن بموضوع الاتفاق النووي، وترجيح عدم إمكانية إدارة (ترامب) الانسحاب منه، مع تعهد "خطابي ناري تعبوي" بالمواجهة. حتما العارف ببواطن الساسة الإيرانية يدرك تماماً أن ذلك يندرج ضمن سياق الخطاب الراديكالي للثورة التي عودتنا أبواق إيران الإعلامية دوماً عليه، في حين هناك السلوك البراغماتي للدولة الذي له كلمه الفصل في كل ما يجري برعاية المرشد وتوجيهه.

تتحدّث بعض وسائل الإعلام الإصلاحية عن خطّ متوازي يقوده المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية الذي يرأسه وزير الخارجية السابق (كمال خرازي) إلى جانب الدور الذي يضطلع به وزير الخارجية الإيرانية الحالي (ظريف) للدخول مباشرة على خط الحوار المباشر مع واشنطن لحلّ الأزمة معها، مع تسريبات إعلامية تتحدث عن استعدادات لتقديم إيران تنازلات مهمة في البرنامج الصاروخي، وفي الموضوعات المتعلقة بحجم النفوذ الإيراني المتصاعد، وفي ملفات أخرى عديدة .

بموازاة ذلك تتحسب طهران من التسريبات المتعلقة بالحرب المقبلة مع “حزب الله”، وتحاول تقديم رؤية قائمة على أساس استبعاد اشتعال هذه الحرب، من زاوية التهويل بصعوبة اتخاذ قرار سياسي إسرائيلي بشنها، إلى جانب عدم قدرة الجبهة الداخلية هناك على تحمل كلف هذه الحرب الباهظة، بعد عمليات التسليح الواسعة التي أسهمت بها إيران لتهيئة قدرات الصاروخية والدفاعية لحزب الله ، وتعزيز قدراته على المواجهة .

تدرك طهران تماماً أن قراراً بالمواجهة مع حزب الله ستمرّ عبر بوابة الموافقة الأمريكية، وأن قراراً بهذا الخصوص معناه تأجيل المواجهة مع طهران؛ على اعتبار أن خطوة المواجهة معها ستكون ضمن إطار رفع مستوى التهديدات اللفظية والتوسل بالعقوبات الاقتصاديّة والسياسيّة.

تعزي “إيران” شعبها بأن تمتلك شبكة الأمان في المنطقة؛ وهم الحلفاء القادرون والمهيأون ليكونوا ”كميكاز” تحت الطلب ليتحركوا بكبسة زر للدفاع عن المشروع الإيراني برمته، وفي الوقت نفسه الترويج لمقومات القوة الفائقة التي استطاع حزب الله اكتسابها سواء من خلال الخبرات القتاليّة خلال الحرب في سوريا، والقدرات الصاروخيّة التي استطاع مضاعفتها إلى أكثر من 20 ضعفاً من العام 2006، وبطريقة تشعرك أن نفس طهران تضخم من قدرات الحزب ليس لإظهار قدراته الردعية، بل لدفع إسرائيل لافتعال حرب جديدة .

الإيرانيون يجمعون عموماً على أنه لا مفرّ في نهاية المطاف من الاعتماد على حروب الوكالة للدفاع عن المجال الحيوي الإيراني، كأحد الخيارات الإستراتيجية لمواجهة التهديدات، وأن الاشتباك في بعض الساحات الساخنة ربما يكون فرصة مواتية لخلط الأوراق، والهروب من الوضع الراهن الذي باتت تعاني منه طهران، والذي يسمح لها بتوظيف الأزمات المتفجرة كمتغير مهم للحوار والجلوس مع واشنطن، ولكن وعلى الرغم من كل الخطوط الحمراء التي تعلن عنها إيران دوماً، وكذلك تهديدها بالمواجهة العسكريّة الشاملة، وتعهدها بالدفاع عن حلفائها ، لكن كل ذلك مجرد شعارات فارغة استناداً على فرضية الشعارات الإيرانية وعنوان تطبيقها، والأبطال الذين ستوكل لهم المهمة؛ لأنّها ستفكّر ألف مرّة قبل البدء بالانخراط في هذه الحروب بشكل مباشر .

وهنا يمكن اختصار الموقف الإيراني تجاه ما سيجري من تطورات بعد العقوبات الأميركية المتوقعة، والتهديدات التي تمَّ إطلاقها ضد حزب الله بجملة من النقاط :

أوّلاً : تدرك المؤسسات الإيرانية، العسكرية والأمنية و السياسيّة، حجم الضرر الذي سيلحق بالمشروع الإيراني في الحرب القادمة، ولاسيّما أنّه في حال اندلاع الحرب، ستحرص طهران أن لا تكون محصورة فقط بالشريط الحدودي اللبناني الإسرائيلي والهجوم ضد حزب الله ، بل ربما ستلجأ طهران إلى فتح الجبهة السوريّة في الجولان على مصراعيها لتخفيف الضغط عن حزب الله، ولضمان استمرار هذه الحرب، ثم دخول إيران على خط التفاوض وفق نظرية تخادم الملفات التي تبرع بها دوماً على حساب الدماء والأشلاء، وهذا حتماً سيؤدي إلى رد فعل إسرائيلي كبير، وربما يؤجل أو يُبعد المواجهة مع إيران حسب الفهم الإيراني.

ثانياً: برزت خلال هذا الشهر أصوات إيرانية ، يتزعّمها الرئيس السابق أحمدى نجاد، ونائبه رحيم مشايى، إلى جانب بعض الأصوات الإصلاحية ، التي تتهم المرشد وأقطاب الجناح المحافظ بالزج بإيران في أتون مواجهة غير متكافئة مع أميركا، وتحذر من تبعات ذلك على تدمير الثورة ، وطالبوا بوقف السياسات الشيطانية التي ينتهجها المرشد خامنئي ، ووقف محاولاته الزجّ بمستقبل الدولة في صراعات داخلية وخارجية ، متخوفين من أمرين:

الأول: محاولة نقل الدولة والثورة إلى مواجهة شعبية داخليّة معها بعد أن أتت العقوبات فعلها المدمر على الاقتصاد والبنية الاجتماعية، و هي نتيجة فعلية بعد فشل إيران في سياساتها الخارجية، وهو أمر قابل للحدوث في أية لحظة، خاصة بعد زيادة وتيرة الاحتجاجات الشعبية اليومية في الجغرافيا الإيرانية.

ثانياً: إدراك المعارضة الإيرانية الداخلية أنّ الدول الضامنة للاتفاق النووي، وفي مقدمتها روسيا والصين، لن تستطيع منع أميركا من التصعيد مع إيران، وربما سيكون هناك رضا من بعض الدول الأوروبية إزاء أيّ تحرّك اقتصادي وسياسي بل وحتى عسكري ضد إيران في حال حدوث صفقة مع الأمريكيين في نهاية المطاف؛ لأنها باختصار لا تمتلك الخيار سوى الانحناء أمام عاصفة (ترامب)، استناداً إلى تجربة أميركا في احتلال العراق في العام 2003م، إلى جانب ذلك الاعتقاد السائد أن ملف مواجهة حزب الله قد منحت لنتنياهو حتى تتفرّغ واشنطن لمواجهة إيران.

كلُّ المؤشرات تشي أنّ هناك حرباً مدمّرة قادمة بفضل سياسات إيران العبثية التي أوصلت المنطقة إلى ما آلت إليه، وساسة طهران يعلمون جيداً أنهم سيختفون عن المشهد السياسي، كما زال من قبلهم، وأن مليشياتها ومرتزقتها هالكون لا محالةَ.

اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين . آمين آمين

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/27 الساعة 17:45