البنك الدولي : التعليم بالأردن ضعيف

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/26 الساعة 09:25
مدار الساعة - شخص تقرير دولي حديث واقع النظام التعليمي في المملكة، ليخلص، بعد دراسة عميقة لمفاصل العملية التعليمية والتربوية، أن نتائج تعلم الطالب الضعيفة على كافة المستويات في الأردن وصلت إلى مستوى متأزم. ودعا التقرير الصادر عن البنك الدولي أخيرا إلى بناء نظام تعليمي مرن يتكيف مع الصدمات ويعالج تحديات الجودة. وأكد البنك ضرورة أن يكون نظام التعليم مرناً ويعالج تحديات جودة التعليم الحالية، من خلال تقوية قدرة النظام على التعامل مع عدد متزايد من الطلاب، بمن فيهم أطفال اللاجئين والمستضعفين. وبين التقرير أن التحدي الرئيسي الذي يواجه النظام التعليمي يتمثل في تدني إمكانية الحصول على خدمات ذات جودة لتعليم الطفولة المبكرة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الجاهزية المدرسية، لاسيما للأطفال الذين هم أقل حظا، بمن فيهم الأطفال الأردنيون والسوريون. وقال التقرير إنّ الأردن يواجه تحديا ديموغرافيا كبيرا مع تدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين، مبينا أن أزمة اللاجئين السوريين تزيد من التوتر المالي، وتضع ضغوطاً كبيرةً على قدرة الحكومة على توفير الخدمات العامة، بما فيها الصحة والتعليم. ويستضيف الأردن حتى آب (أغسطس) 2017، ما يقدر بحوالي 660.5 ألف لاجئ سوري مسجل، منهم 232.868 ألف طفل في عمر الدراسة يحتاجون إلى توفير خدمة التعليم لهم. ويعيش 80 % من اللاجئين في مجتمعات مضيفة، ويمثلون 10 % من سكان الأردن، في حين يعيش البقية في مخيمات مخصصة للاجئين. وأنّ حوالي 10 % من الأطفال في المدارس الحكومية من اللاجئين السوريين. جاء هذا في تقرير يقيم فيه البنك قطاع التعليم بهدف تمويل مشروع جديد تحت مسمى "برنامج إصلاح التعليم في الأردن"؛ حيث من المتوقع أن يمول البنك هذا المشروع بمبلغ 200 مليون دولار، فيما تقدر تكلفة البرنامج بأكمله بحوالي 700 مليون دولار. ويهدف البرنامج إلى "دعم وزارة التربية والتعليم في سعيها لتوسيع نطاق تعليم الطفولة المبكرة وتحسين تقييم الطالب وظروف التعليم والتعلم للأطفال الأردنيين وأطفال اللاجئين السوريين". وجاء في التقرير أنّ معظم الأطفال السوريين اللاجئين يحصلون على خدمات تعليم في الأردن، ولكن مايزال هناك تحديات، ومن ضمن هذه التحديات هو أنّ معدلات التحاق السوريين متدنية لدرجة كبيرة في تعليم الطفولة المبكرة، وهي مشكلة يواجهها الأردنيون والسوريون على حد سواء، خصوصا أولئك من ذوي الدخول المتدنية. ومن ضمن التحديات التي أشار إليها التقرير وجود توترات اجتماعية وحالات عنف في المدارس سببها "التنافس على الموارد المحدودة بين الطلاب الأردنيين والسوريين"؛ حيث أنّ 70 % من الطلاب السوريين يتعرضون للتنمر أو لإساءة لفظية في المدارس، وهناك ما يفيد بأن الطلاب السوريين يتركون الدراسة أو لا يدخلون إلى المدارس على الإطلاق، للمحافظة على سلامتهم واحترامهم للذات، فيما المدرسون وقادة المدارس لم يتلقوا تدريباً كافياً على التعامل مع حالات العنف والسلوكيات التخريبية. ووفق البنك، فإنّ الحكومة الأردنية التزمت بحماية حق الأطفال السوريين في التعليم، ووفرت خدمات تعليم مجانية لهؤلاء الطلاب من خلال استيعابهم في الفصول الدراسية القائمة، وإنشاء نظام الورديَّتَيْن لتلبية الطلب على التعليم في المدارس. وفي 2016، اعتمدت الحكومة الأردنية "وثيقة العقد مع الأردن"، حيث قام عدد من الشركاء المانحين بزيادة دعمه الموجه نحو استقطاب عدد أكبر من الأطفال للالتحاق بنظام التعليم الحكومي، خصوصا من خلال خطة "تسريع إمكانية حصول اللاجئين السوريين على تعليم رسمي ذي جودة"، كما توفر اليونيسف، من خلال برنامج التعليم الاستدراكي "Catch-up" للاجئين بعمر 9-12 سنة، مسارا إلى التعليم الرسمي. ويحصل حوالي 83 % من الأطفال السوريين اللاجئين على خدمات تعليم: 54 % من خلال توفير التعليم الحكومي الرسمي و29 % إضافية من خلال التعليم غير الرسمي.. وأكد البنك في التقرير، ضرورة أن تستهدف التدخلات الرامية لزيادة فرص الحصول على التعليم للأطفال اللاجئين أجزاء النظام التعليمي التي تتضمن القضايا البارزة: فمعدلات التحاق السوريين متدنية لدرجة كبيرة في تعليم الطفولة المبكرة، حيث كان معدل الالتحاق أقل من 20 %، وفي التعليم الثانوي، حيث يصل معدل الالتحاق إلى حوالي 20 %. وفي حين أن استيعاب كل من الأطفال السوريين اللاجئين والأردنيين في تعليم الطفولة المبكرة يشكل صعوبات كبرى، إلا أن تدني معدلات الالتحاق في التعليم الثانوي يرجع إلى ارتفاع معدلات التسرب –مرتبط في الغالب بالزواج المبكر للبنات وبعمالة الأطفال للأولاد- حيث أن معظم اللاجئين السوريين يرتادون فعلياً التعليم الأساسي الرسمي. وأكد أنه من الأهمية بمكان أن يتم زيادة توفير الخدمات التعليمية لأصغر الأطفال، فإنه من المهم وبنفس القدر من الأهمية كذلك أن يتم المحافظة على الطلاب على مقاعد الدراسة وتوفير تعليم ذي جودة في كل المراحل. وأكد أنّ الأطفال السوريين يواجهون مشكلات كبرى، الكثير منها مماثل لتلك التي يواجهها الأطفال الأردنيون الأقل حظاً؛ فهم لا يواجهون فقط محدودية المقاعد في تعليم الطفولة المبكرة وأوجه القصور في النظام التعليمي (كارتفاع معدلات التسرب)، ولكن بالإضافة إلى ذلك، يتحملون عواقب الاضطرابات الأسرية، والآثار النفسية والعاطفية للنزوح القسري، وتحديات الاندماج في المجتمعات المضيفة. وفي ضوء ذلك، قال التقرير إنه من المهم أن يرافق أي تدخل يتعلق بالأطفال السوريين اللاجئين مكون قوي يعزز السلوك المؤيد للمجتمع، ويعزز الاحترام، والتعايش السلمي، ويقلل من العنف والتنمر في المدارس الذي تم توثيقه في مدارس الأولاد بصورة خاصة. ومن شأن هذه التدخلات أن تعود بالنفع على كل من اللاجئين السوريين والطلاب الأردنيين الأقل حظاً. وجاء في التقرير أنّ التوسع في توفير فرص الحصول على التعليم للاجئين السوريين فاقم من التحديات المتمثلة في المحافظة على جودة التعليم وتحسينها. وفي حين أن التأثير الرئيسي على وزارة التربية والتعليم يتعلق بقدرتها على توفير غرف صفية أو مبان مدرسية إضافية، بما في ذلك الأثاث والكتب المدرسية، فإن الأثر الأكبر للأزمة هو التدهور المُطول لجودة التعليم الأمر الذي قد يسبب المزيد من الضرر لتقديم الخدمات. وأكد أنّ إدراج نظام الورديتين في المدارس يحد من وقت التدريس المتوفر لكافة الطلاب في كلتا الورديتين. وعلاوةً على ذلك، فإن المعلمين حديثي التعيين غير مُدَرَّبِين بصورة كافية، ويُتوقع منهم إدارة صفوف كبيرة الحجم، مما يجعل البيئة المدرسية أقل مواتاة للتعلم. ينبغي أن يقوم الأردن بتحسين نتائج التعلم، وأن يجعل نظامه التعليمي يتكيف أكثر مع الصدمات من خلال ترسيخ وتنفيذ سياسات تعزز الجودة وفرص الحصول على التعليم: وتشمل التحديات الرئيسية التي تؤثر بشكل كبير على أداء النظام التعليمي، تدني إمكانية الحصول على تعليم الطفولة المبكرة، وأثر ذلك على الجاهزية للدراسة، وأزمة التعلم التي تعزى إلى بيئة التعلم القائمة، وجودة التدريس وتقييم الطالب ونظام الامتحانات. وأي تدخل من شأنه أن يحسن من جودة التعليم سيوثر ليس فقط على كافة الأطفال الأردنيين الملتحقين في النظام التعليمي، ولكن على كافة اللاجئين السوريين كذلك. التحدي الرئيسي الذي يواجه النظام، وفق التقرير، يتمثل في تدني إمكانية الحصول على خدمات ذات جودة لتعليم الطفولة المبكرة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الجاهزية المدرسية، لاسيما للأطفال الذين هم أقل حظا، بمن فيهم أطفال اللاجئين السوريين: يعود تعليم الطفولة المبكرة عالي الجودة بمنافع متعددة على الأطفال، ويكون لها تأثير عليهم حتى فترات لاحقة وهم في عمر الكبار، وذلك يشمل أداء مدرسيا أفضل، وتدني معدلات الرسوب، وقلة التسرب، ونتائج أفضل في سوق العمل. إلا أن نسب الالتحاق في السنتين الأولى والثانية من رياض الأطفال تبقى متدنية بواقع 13 و59 %، على التوالي، في تناقض حاد مع معدلات الالتحاق الإجمالية التي تحققت في المرحلتين الابتدائية والثانوية. وحيث أن الالتحاق برياض الأطفال مرتبط بشكل قوي بدخل الأسرة، فإنه يقدر بأن معظم الأطفال من أدنى خُمْسِيَّتَيْن من الدخل محرومون من منافع تعليم الطفولة المبكرة. وقد كشفت أداة التنمية المبكرة للعام 2014 على سبيل المثال، بأن ربع الأطفال الملتحقين في رياض الأطفال 2 في الأردن "غير جاهزين للتعلم"، وذلك يعود بصورة رئيسية إلى عدم كفاية مستويات التنمية الاجتماعية والعاطفية. وبالتالي، فإنه من المحتمل أن يؤدي توسيع نطاق الوصول وضمان الجودة في توفير خدمات رياض الأطفال إلى تحول قدرة الطالب الأردني وغير الأردني على التعلم والنجاح في المدرسة. وقال التقرير إنّ نتائج تعلم الطالب الضعيفة وصلت إلى مستوى متأزم في الأردن؛ حيث إنّ واحدا من كل خمسة طلاب في الصف الثاني لا يمكنه قراءة كلمة واحدة من فقرة مخصصة للقراءة، في حين أن نصفهم تقريباً غير قادرين على حل مسألة طرح واحدة بصورة صحيحة، وتنقصهم بالتالي المهارات الأساسية للقراءة والحساب التي تمكن من تحقيق المزيد من تنمية المهارات المعرفية. وفي ظل البداية الضعيفة، تتراكم أوجه القصور من حيث المهارات، بحيث أنه عند بلوغ الطلاب عمر 15 سنة، لا يكون ثلثاهم قد حققوا المستوى الأساسي من الكفاءة في الرياضيات، والنصف الآخر يكون دون مستوى الكفاءة الأساسي في القراءة والعلوم، وذلك وفقا لبرنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA) 2015. علاوةً على ذلك، تبين بيانات نتائج التعلم وجود فجوة معكوسة للنوع الاجتماعي؛ حيث أن أداء البنات هو أفضل من أداء الأولاد في القراءة والرياضيات والعلوم. والمقارنات الدولية تضع الأردن في فئة 20 % الدنيا من البلدان والاقتصاديات المشاركة في برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA)، وأدنى بكثير من المتوسط في الرياضيات والقراءة والعلوم؛ وهذا يعادل 3 سنوات دراسية بمعدل دون المتوسط الخاص بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وقال البنك إنّ المساهم الرئيسي في أزمة التعلم هو عدم مواءمة السياسات المتعلقة بانتقاء وإعداد وإدارة المدرسين، والممارسات التربوية: المدرسون في الأردن غير مستعدين بصورة جيدة لمواجهة تحديات الغرف الصفية. وهذا يعود إلى حد كبير إلى حقيقة أنهم يحصلون على تدريب غير كاف قبل الخدمة ونظري إلى حد كبير، وتدريب محدود أثناء الخدمة، وغالبا ما يعانون من ضعف في معرفة موضوع معين وفي المهارات المطلوبة لتحفيز إمكانيات الأطفال بغض النظر عن نوعهم الاجتماعي وخلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية. وتجذب المهنة الطلاب ذوي الأداء الضعيف (على الرغم من الرواتب الأعلى نسبياً وظروف العمل) ولا تتضمن آليات تنمية مهنية كافية لدعم المنضمين الجدد إلى المهنة. وأشار إلى انّه لا يتم تقدير المعلمين ذوي الأداء المتقدم، كما لا توجد حوافز للحث على تحسين الأداء، ويصعب تقييمها، نظراً لغياب معايير مهنية للمعلم. والمسارات المهنية للمعلم ماتزال تعتمد على الأقدمية في الخدمة، وتوفر سبلا محدودة للمعلمين لاستكشاف الترقيات بناءً على نتائج الأداء. وأشار البنك إلى أنّ وزارة التربية والتعليم تعمل على وضع وتنفيذ سياسات وطنية للمعلم متكاملة وشاملة، وإطار استراتيجي، ويعمل الإطار على وضع سياسات لإعداد واختيار واستخدام وتطوير المعلم وتقييم أدائه ومسيرته المهنية. وعلى الرغم من توافق الآراء واسع النطاق بشأن سياسات وطنية للمعلم متكاملة وشاملة وإطار استراتيجي، إلا أنّ وزارة التربية والتعليم لم تتمكن سوى من تنفيذ بعض من مبادراتها على مدى السبع سنوات الماضية، ومعظمها بسبب إعطاء الأولوية لأنشطة أخرى، وبسبب قيود الموازنة. وقد أعاق ذلك من قدرة وزارة التربية والتعليم على تحسين ممارسات المعلم في الغرفة الصفية. وهذا قد عرقل من قدرة وزارة التربية والتعليم على جذب مرشحين ذوي أداء جيد إلى مهنة التدريس وإدارة المعلمين بفعالية من أجل تحسين ممارسات المعلم في الغرفة الصفية. ومع تجديد الالتزام السياسي، بالإضافة إلى التوجيهات المذكورة في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية (2016 - 2025)، فإن وزارة التربية والتعليم تعمل على إضفاء الطابع الرسمي على السياسات الوطنية للمعلم المتكاملة والشاملة والإطار الاستراتيجي (NTPFS) وتنفيذها. والهدف العام للسياسات الوطنية للمعلم المتكاملة والشاملة والإطار الاستراتيجي (NTPFS) 2016 هو معالجة الوضع المتدني والمكانة الاجتماعية وجودة الأداء المهني للمعلمين الأردنيين، وتوسيع نطاق ما قبل الخدمة. وسيتم تحقيق ذلك من خلال دمج كافة السياسات المهمة المتعلقة بمهنة التدريس في رؤية متسقة ومتناغمة تشمل: (1) المعايير الوطنية لمهنة التدريس، بما فيها مدونة سلوك، و(2) الإطار الوطني للتنمية المهنية، و(3) الإطار الوطني لتقييم المعلم؛ و(4) المسار المهني الوطني للمعلم وإطار التصنيف. وفيما يتعلق بالبيئة المادية، فقد تسبب التوسع الكبير في إمكانية الحصول على التعليم، مقترناً بضعف نظام الصيانة، بضغوط كبيرة على البنية التحتية للنظام التعليمي: ولا تقوم المدارس بإعداد أي خطط صيانة، ولا تقوم بأي أعمال صيانة وقائية، وفي حالات عديدة، يكون هناك اختلافات كبرى بين الطريقة التي يتم فيها إدارة مدارس البنات والأولاد. وعلاوةً على ذلك، فإن موازنة الصيانة متدنية على مستوى المدرسة ولا تتجاوز 200 دينار أردني للعملية الواحدة (ما يعادل 282 دولارا). وأشار البنك إلى أنّ التنافس على الموارد المحدودة بين الطلاب الأردنيين والسوريين تسبب في زيادة التوترات الاجتماعية وحالات العنف المرتكبة في المدرسة، مشيرا الى أنها واضحة وشكلت مصدر قلق للمعلمين والقادة المدرسيين الذين لديهم قدرة ودعم محدودان لإدارة السلوكيات العنيفة والتخريبية بطريقة إيجابية وبناءة. وقال البنك إنّ 70 % من الطلاب السوريين يتعرضون للتنمر أو لإساءة لفظية في المدارس (اليونيسيف 2016). كما أن 78 % من الأهالي أفادوا بأن أطفالهم يتعرضون للعنف الجسدي من جانب المعلمين (اليونيسيف 2016). وهناك ما يفيد بأن الطلاب السوريين يتركون الدراسة (ترك 1600 طالب بسبب تعرضهم للتنمر في 2016)، أو لا يدخلون إلى المدارس على الإطلاق، للمحافظة على سلامتهم واحترامهم للذات. وأكد البنك أنّ المدرسين وقادة المدارس لم يتلقوا تدريباً كافياً على التعامل مع حالات العنف والسلوكيات التخريبية، فلديهم قدرة محدودة على إدارة السلوكيات السلبية بطريقة إيجابية وبناءة. وبدلاً من ذلك، ما يزال المعلمون أنفسهم ميالين لاستخدام وسائل عدوانية لإدارة الفصول الدراسية وتأديب الطلاب. وفي العام الدراسي 2015 - 2016، أبلغ 18 % من الأطفال عن تعرضهم للعنف اللفظي في المدارس و11 % أبلغوا عن تعرضهم للعقاب البدني. وهناك أيضا مخاوف جدية حول ازدياد العنف بين الطلاب أنفسهم والسلوكيات التخريبية (لاسيما في المدارس التي فيها لاجئون سوريون)، بما في ذلك التخريب المتعمد للممتلكات، والمضايقات والتنمر والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وأكد البنك أنّ وزارة التربية والتعليم بذلت جهوداً متضافرة، بما في ذلك إدخال برنامج "معاً" القائم على المدرسة، لتعزيز اللاعنف والانضباط الطلابي الإيجابي. كما قامت بتشجيع إجراء مسوحات شهرية عن العنف والتي تشكل رادعاً للمعلمين عن إستخدام العنف وتساعد في جعل جميع الجهات الفاعلة تحت المساءلة عن أفعالها. إلا أن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لدعم بيئة مدرسية آمنة ومتماسكة من أجل فهم ومعالجة جميع التحديات المختلفة التي تواجهها المدارس غير المختلطة. يواجه الأردن تحدياً رئيسياً إضافياً فيما يتعلق بنظام تقييم الطلاب فيه. يُجْرِي الأردن العديد من عمليات تقييم الطلاب على أساس العينات، ويبدو أنها تتضمن حلقات من التغذية الراجعة الضعيفة، وتعجز، بالتالي، عن رفد أداء النظام بصورة مبكرة وفعالة. هناك ثلاثة تقييمات وطنية أساسية للطلاب (1) اختبارات وطنية قائمة على تعداد في الصف 4 و8 و10 في أربعة مواضيع جوهرية، لغة عربية ورياضيات وعلوم ولغة انجليزية، و(2) التقييم الوطني لاقتصاد المعرفة المستند إلى عينات (NAfKE) للصفوف 5 و9 و11 في مواضيع اللغة العربية والرياضيات والعلوم، و(3) امتحان الشهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، الذي له وظيفة مزدوجة، التخرج من المرحلة الثانوية والفرز التنافسي لغايات القبول الجامعي. وهو يُجْرَى مرتين في السنة لطلاب الصف 12، على الرغم من أن أي أردني أتم هذا الصف يحق له التقدم للامتحان كذلك. امتحان الشهادة الثانوية العام (التوجيهي) هو بلا شك العنصر الوحيد الأكثر تأثيراً والحاسم في النظام التعليمي في الأردن: تم إجراء هذا الامتحان لعقود عديدة بغرض مزدوج؛ يتمثل في السماح للطلاب بالتخرج من المدرسة الثانوية (عند تحقيق معدل النجاح)، وتحديد القبول في التعليم العالي، سواء في معاهد التعليم التقني والتدريب المهني (TVET) أو في الجامعات (بعلامات مرتفعة للغاية من أجل الدخول إلى الكليات والتخصصات الأكثر رواجاً). حيث أن نصف الطلاب تقريباً الذين يتقدمون لامتحان التوجيهي لا يحصلون على علامة النجاح وكذلك 20-25 % لا يحضرون للامتحان، فإن موضوع التخرج ومنح الشهادات يبقى بلا حل لمعظم الطلاب، مما يتركهم بلا شهادة مؤهلات ويحملون فقط "شهادة فشل في التوجيهي" (التي هي مطلوبة على سبيل المفارقة في بعض وظائف القطاع العام ذات المؤهلات المتدنية). وبعبارة أخرى، فإن تركيز وسيادة الوظيفة التنافسية/ الانتقائية للتوجيهي لهما أثر مدمر من حيث استبعاد نسبة مئوية ضخمة من الشباب الأردني. وعلاوةً على ذلك، وعلى الرغم من جهود الإصلاح السابقة في التعليم الأساسي بشأن تكامل مهارات اقتصاد المعرفة، يركز الامتحان على حفظ الحقائق والبيانات الأساسية، مما يعني أنه يعجز عن اختبار النطاق الكامل للمهارات المطلوبة للنجاح في التعليم الجامعي وفي سوق عمل القرن الواحد والعشرين. وأشار البنك الى أنّه وفي وضعه الحالي، يبدو أن التوجيهي يسعى لزيادة عدم تكافؤ الفرص: 81 % من المدارس التي لم ينجح فيها أحد في امتحان التوجيهي كانت في المناطق الريفية: وإجراء إصلاح جوهري للتوجيهي، كجزء من إعادة تصميم شاملة ومتناغمة لكافة التقييمات الوطنية للطلاب، هو متطلب لا غنى عنه لإصلاح التعليم الجديد من أجل تحقيق إمكانياته الكاملة. وينبغي مواءمة هذا الإصلاح في التوجيهي مع مراجعة لمنهاج التعليم الثانوي وتطبيقه، ومع مراجعة للغرض المزدوج للشهادة والقبول الجامعي، ومع مراجعة للمعايير والإجراءات التي تستخدمها مؤسسات التعليم الجامعي لاختيار الطلاب. وقد أظهرت الحكومة الأردنية التزاماً بتشكيل لجنة عليا لإصلاح التوجيهي، مع تغييرات محددة من شأنها أن تدخل حيز التنفيذ في السنة الدراسية 2017-2018، ومن خلال تعميق الحوار مع وزارة التعليم العالي. وأشارت الى أنّ التحدي النهائي الذي يعيق تحقيق المزيد من التحسن في إمكانية الوصول والجودة لكافة الأطفال الذين هم في النظام التعليمي هو قدرة وزارة التربية والتعليم على إدارة النظام بكفاءة، وذلك يشمل قدرة النظام على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب: ومن الضروري توفير موارد مالية إضافية لتلبية احتياجات العدد المتزايد من الطلاب، الذين يأتي الكثيرون منهم من خلفيات مستضعفة ومن مجتمعات اللاجئين، مع تحسين والحفاظ على المكتسبات في التعلم وجودة التعليم. علاوةً على ذلك، فإن الاستثمارات في تقوية أنظمة البيانات (التقنية والمالية) ينبغي أن تستمر من أجل تعميق استخدام البيانات لاتخاذ القرارات المستندة إلى الدليل وتحسين تخصيص الموارد بشكل أفضل: نجحت وزارة التربية والتعليم بنشر نظام إدارة المعلومات التربوية (EMIS)، الذي يتضمن الآن بيانات حول كافة المدارس والطلاب في النظام. وهناك استثمارات إضافية مستمرة في نظام المعلومات الجغرافية (GIS) من شأنها أن تسمح لوزارة التربية والتعليم بالتخطيط بشكل أفضل لتوسيع نطاق الوصول في كافة المناطق في البلاد. واستخدام البيانات المتوفرة من خلال نظام إدارة المعلومات التربوية EMIS لاتخاذ القرارات في القطاع، يشكل فرصة كبيرة لوزارة التربية والتعليم، سيتطلب تحقيقها توفير مساعدة فنية إضافية وبناء للقدرات. وعلاوةً على ذلك، فإن جمع وتحليل واستخدام بيانات التعلم للطالب وبيانات مفصلة وحساسة للنوع الاجتماعي أمر أساسي لرصد واستهداف التدخلات التربوية، وتحسين ممارسات المعلم في الغرفة الصفية.الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/26 الساعة 09:25