الفلاحات: لا حكومة الملقي ولا من سبقه ولا من سيأتي
مدار الساعة - ليث الجنيدي - اعتبر القيادي الإسلامي الأردني البارز، سالم الفلاحات، أنّ التجربة التركية بقيادة حزب "العدالة والتنمية"، ملهمة للعالم بأسره وليس للعرب والمسلمين فحسب.
وتطرّق الفلاحات؛ وهو المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين، في مقابلة مع وكالة "الأناضول" التركية جرت بمكتبه بالعاصمة الأردنية عمان، إلى التجربة الحزبية التركية، وإلى حزبه "الشراكة والإنقاذ" الذي ينتظر الحصول على ترخيص.
كما تناول أيضا الخلافات والانقسامات داخل جماعة الإخوان المسلمين، إبان مرحلة "الربيع العربي"، فضلاً عن بعض القضايا الأخرى.
وقال الفلاحات إن التجربة التركية بقيادة حزب "العدالة والتنمية"، تعدّ "تجربة متقدمة بشهادة إنجازاتها التي لا يمكن للعالم إنكارها".
وأضاف: "زرت تركيا قبل صعود الحزب إلى الحكم وبعده، ووقفت على إنجازات هامة تمت خلال أقلّ من ربع مدة حكم بعض الرؤساء العرب تقريبا".
وتابع أن "تركيا أصبحت دولة مصنعة ومنتجة، وتنافس في غزو الفضاء، وتؤمّن احتياجاتها من الأسلحة، وتسعد مواطنيها عبر فتح أبواب الاستثمار أمامهم، ومساعدتهم سواء كانوا ناشطين في مجال الصناعة أو الزراعة أو غيرها".
أما فكريا، رأى الفلاحات أن هذا الجانب اتخذ "نهجا جديدا، في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، دون التخلّي عن أصول الإسلام في الالتزام الفردي".
وأوضح أنّ تركيا "لم تقل عن نفسها يوماً إنها دولة إسلامية، وإنما تقول إنها علمانية، ومع ذلك، فهي تتيح المجال لمن يريد أن يصلي أو يفتح جامعات ومدارس شرعية، دون أن تمنع، في الآن نفسه، أتباع الديانات الأخرى من ممارسة معتقداتهم".
وبالنسبة له، فإنّ "التجربة التركية ما تزال تحت الضغط والاختبار، ولها من الأعداء ربما أكثر من الأصدقاء، لكنها استطاعت، حتى الآن، تحقيق نجاحات كبيرة في العديد من المجالات".
وفي معرض حديثه عن حزبه "الشراكة والإنقاذ"، قال الفلاحات إنه لم يحصل بعد على ترخيص لانطلاق نشاطه.
ولفت أن حزبه سيكون "سياسيا مدنيا ديمقراطيا خال من التحيّز الفكري، ويحترم المعتقدات والإيديولوجيا، دون أن يتنكّر لعقيدته الخاصة به، مع إفساح المجال لمراجعات تقوم على تصحيح الأخطاء".
وفي أكتوبر/ تشرين أول الماضي، قدّم الفلاحات إخطارا أوليا لمديرية شؤون الأحزاب بوزارة الشؤن السياسية والبرلمانية الأردنية، لتأسيس حزب سياسي يحمل اسم "الشراكة والإنقاذ"، بمشاركة شخصيات أردنية مستقلة وقيادات من "الإخوان".
وفي 10 من الشهر الجاري، قدّم الفلاحات طلب الحصول على ترخيص لانطلاق نشاط الحزب.
ووفق القيادي، فإن حزبه الجديد "مستقل" عن جماعة الإخوان المسلمين، لكنه "غير مناوئ" لها، معربا عن وفائه للجماعة.
كما اعتبر نفسه أنه "مازال يشكّل جزءا من الجماعة، مشيرا، في الآن نفسه، إلى "وجود أخطاء لا بُدّ من تصحيحها".
وبالنسبة له، فإنه "ليس بمقدور حزب ما بإيديولوجيا واحدة فقط ، يزكي نفسه وينكر وجود الآخرين، أن يكون له مستقبل في العمل السياسي".
وبسؤاله عما إن كان يقصد بكلامه "الإخوان"، أجاب أنه يقصد "الجميع دون استثناء".
وتابع أن "بعض الأحزاب تبلغ حالة من الانتفاخ ومن الشعور بالكمال يجعلها تعتقد أنها تتبنى النهج الصائب، وأن نهج الإسلاميين ليس سوى تمظهر للرجعية".
ومستدركا: "بينما "يعتقد الإسلاميون أنهم على صواب، وأن الفريق الآخر (العلمانيين) أقرب للجهالة وللظلم والكفر، وغير ذلك".
وبحسب الفلاحات، فإن "حتى "بعض الأحزاب الإسلامية تنظر إلى نفسها على أنها أفضل من الأخرى".
** "انقسامات الجماعة ناجمة عن اختراقها"
الفلاحات لم يستبعد أن الانقسامات التي عرفتها الجماعة ربما تكون ناجمة عن "اختراقها".
وقال: "أي تنظيم أو دولة غالبا ما يكون لهم خصوم يحاولون اختراقهم، فما بالك بالأحزاب. عندي قناعة بأنه في حال توفّر قيادة (للجماعة) لا يحرجها القيام بمراجعات، فإن ذلك سيكون منعطفا إيجابيا".
وأضاف أن "الجماعة لم تكن مقسمة قبل 2015، ولم يكن هناك حزب الجماعة ولا زمزم ولا غيرها".
وفي أغسطس/ آب 2016 ، تأسيس حزب "المؤتمر الوطني"، المنبثق عن "مبادرة زمزم"، التي أطلقتها شخصيات بينها قيادات مفصولة من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
وفي أكتوبر/تشرين أول 2013، أعلن إرحيل الغرايبة ونبيل الكوفحي، المنشقان عن جماعة الإخوان، تأسيس "مبادرة زمزم"، بمشاركة نحو 500 شخصية، سعيًا لإيجاد "مبادرة مجتمعية توافقية تنهض بالحياة السياسية والاجتماعية وفق رؤية إسلامية وسطية".
كما شهدت الجماعة في الأردن، انشقاق بعض أعضائها، خلال فترة ثورات الربيع العربي، تمخض عنه تشكيل "جمعية الإخوان المسلمين"، أسسها مراقب عام الجماعة الأسبق، عبد المجيد ذنيبات.
ورأى "الإخوان" في ذلك "انقلابًا" على شرعيتها، خاصة بعدما منحت الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة التنمية الاجتماعية، الجمعية الجديدة ترخيصًا في مارس/ آذار 2015.
**الفساد في البلدان العربية
القيادي الإسلامي الأردني قال إن "الفساد في البلدان العربية مستشري، والمشكلة أنه لا يوجد عقاب ومساءلة للمفسدين، لاسترجاع أموال الدولة والشعب".
وشبه القيادي الإسلامي الفساد بـ "الحزب والمؤسسة الكبيرة التي لا يجرأ أحد على المساس بها".
وعن أسبابه، لفت الفلاحات أن "الاستبداد يولّد الفساد، وفي حال انتشاره في بلد ما، فهو لا يتوقف عند أحد".
وبخصوص آليات التصدي لهذه الآفة، أشار أن "العلاج يكمن في إقرار إصلاح سياسي يضطلع بدوره بتوجيه القرارات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها".
واختتم موجزا: "نحن في خطر شديد".
أداء الحكومة الأردنية
و في تعليقه على أداء حكومة رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، رأى الفلاحات أنه "ليس هناك حكومة تترك وتكون لها صلاحية ولها قرار نهائي ولا يحكمها إلا القانون ولا يراقبها إلا مجلس الأمة وليس لأحدهم فيها حصانة ، ليس هناك حكومة بهذه المواصفات ،لا حكومة هاني الملقي ولا من سبقه ولا من سيأتي".
واعتبر بأن "الحكومات مطلوب منها توفير المال من جيوب المواطنين وكبت الحريات حتى لا ترتفع لتصحح المسيرة ، وتتمتع طواقم مختلفة منها كل سنتين أو ثلاثة من هذه الحكومات بميزات خاصة على حساب الشعب هم وأبنائهم ومن حولهم ثم تتغير الحكومة شكلا وليس مضمونا".
وخلص الفلاحات إلى أنه "ما لم تنشا الحكومات من اختيار وانتخاب شعبي بطريقة ما ، فستبقى عبارة عن موظفين". الاناضول