حفنة الخارج وحفنة الداخل
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/24 الساعة 23:37
/>لست من الداعين إلى عدم الاكتراث، بمؤتمر ما يسمى بالخيار الأردني، الذي احتضنه اليمين الإسرائيلي، والذي طرح خيار» النظام البديل» بدلاً من خيار «الوطن البديل».آخذين بعين الاعتبار أن اليمين هو الذي يحكم إسرائيل، مما يعطي لانعقاد المؤتمر الكثير من الدلالات الخطيرة التي لابد من أخذها بعين الاعتبار، والكثير من اليقظة والحذر.
كما أنني لست مع تسليط الضوء على الحفنة التي سميت بالمعارضة الأردنية في الخارج، فهؤلاء في النهاية ليسوا أكثر من أدوات، أو أقنعة يختبئ خلفهم أصحاب مشروع النظام البديل، والقائمون على مخططه، الذي علينا أن نستنفر كل قوانا الحية لمواجهته، ليس بالخطابة والاستنكار أو بالاستخفاف والاستهزاء، بل بالعمل الجاد الذي يشد عصبنا الوطني، ويستنهض كوامن شخصيتنا الوطنية، ويبني جبهتنا الداخلية القوية والمتماسكة، والتي هي حصننا الحصين، وخندقنا الحامي، وجدارنا الأخير، وسفينة الإنقاذ التي طالما أوصلتنا إلى شواطئ الأمان، عندما كانت تعلو الأمواج وتشتد العواصف من حولنا كما حدث في حفر الباطن وغيرها من الحفر التي ردمناها بفعل جبهتنا الداخلية القوية والمتماسكة.
إن بناء جبهتنا الداخلية القوية هو الرد العملي على كل مخططات استهداف الأردن، ومحاولات خنقه اقتصادياً وسياسياً، لتمرير الحلول على حسابه، وهذا البناء يستدعي أن نأخذ كل الأمور على محمل الجد، مهما ظهر أنها صغيرة وتافهة، ففي حِكم العرب « أن العصى من العصية» وأن « مستعظم النار من مستصغر الشرر» وأن « البعوضة تدمي مقلة الأسد»، كما علمتنا تجارب الحياة أن حبة خضار فاسدة واحدة، يمكنها أن تفسد كل الصندوق، إن لم يتم قذفها إلى حيث تقذف القمامة. مثلما علمتنا الحياة أن الجرثومة على ضآلة حجمها، والتي لا ترى بالعين المجردة، قادرة على الفتك بأقوى الأجساد، إن لم يجر تحصين الجسد ضدها بالأمصال المناسبة.
حديث الخضار الفاسدة، ومثله حديث الجراثيم، يقودنا للحديث عن طبقة الطفيليات، التي تنتمي إليها «الحفنة» التي سمت نفسها المعارضة الأردنية في الخارج، والتي استخدمها اليمين الإسرائيلي المتطرف للحديث عن الخيار الأردني في طبعته الجديدة، التي استبدلت «الوطن البديل» «بالنظام البديل» فهذه الحفنة ليست معزولة عن طبقة الطفيليات التي بدأت تتسع في داخل الأردن وخارجه، وتنهش في مناعة الجسد الأردني، من خلال طرحها للكثير من مسلمات البنيان الوطني الأردني للنقاش تحت مسميات كثيرة، ظاهرها رحمة وفي باطنها العذاب، وهنا لابد من الانتباه جيداً إلى دور التمويل الأجنبي في تغذية هذه الطبقة من الطفيليات في بلدنا، وكيف مكَّنها هذا التمويل من امتلاك « مؤسسات مجتمع مدني» و «وسائل اتصال» جعل منها ظواهر صوتية مزعجة، وأعطاها حجماً افتراضياً أكبر من حجمها الحقيقي، في ظل ارتجاف بعض المسؤولين أمام هذه المؤسسات، وهذه الظواهر، الأمر الذي يحتم علينا معه أن نجدد الدعوة إلى أهمية ضبط التمويل الأجنبي، وترشيد الموضوعات والقضايا التي يمولها ويغذيها، والتي تصب في غالبيتها الساحقة على إضعاف البنية الوطنية، وتماسكها وإخضاع المسلمات الوطنية للنقاش، إلى الدرجة التي صارت فيها الخيانة وجهة نظر، وصارت فيها شرعية الوجود الأردني محل نقاش، وصار الاستقواء بالأجنبي أمراً عادياً، وصار الاختباء وراء منظمات ما وراء البحار وسيلة الكثيرين لتشويه صورة الأردن، وهز ثقة أبنائه بدولتهم ومؤسساتهم ورموزهم الوطنية.
عند هز الثقة بالدولة الأردنية لابد من وقفة طويلة مع خطاب الكراهية، الذي صارت تعج به مواقع التواصل الاجتماعي، والذي ينصب في معظمه على زرع اليأس في نفوس الأردنيين، وعلى تنمية الانتماءات الفرعية على حساب الانتماء الوطني، وعلى هز الثقة بمكونات الدولة الأردنية، وهذه كلها تصب في خدمة أهداف اليمين الإسرائيلي الذي تبنى مؤتمر الخيار الأردني لأنها تهيئ التُربة لإنبات أمثال الحفنة التي تستر خلفها اليمين الإسرائيلي «بمؤتمره الخيار الأردني» في طبعته الأخيرة، فتوفر له أنصارا في الداخل وعندها سيعمل المحرك الحقيقي لهذه الحفنة على إكمال حلقة التواصل بين الحفنة التي تعمل بالخارج، مع الحفنة التي تعمل بالداخل للانقضاض على بلدنا، وهو أمر يستدعي المزيد من اليقظة والمزيد من الجهد لبناء جبهتنا الداخلية، وأخذ الأمور على محمل الجد فالأمر ليس أمر « الحفنة « لكنه أمر القناع الذي توفره للخطر الذي يختبئ خلفها وللحديث بقية.
الرأي
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/24 الساعة 23:37