هــل الإعــلام مـرعــوب فـعــلا ؟
في اللحظة التي يتهم فيها كثير من النشطاء والساسة السابقون الاعلام المحلي بأنه مرعوب، يقومون بتوجيه انتقادات للحكومة على تعديلات قانون الجرائم الالكترونية المنتظرة، فهل سيكون التعديل حاضرا، لو ان الاعلام مرعوب ؟ ام ان رعب الاعلام دفع الناس للتعبير عن مخزونهم المعرفي ومواقفهم على الحوائط الافتراضية ؟ هذا السؤال الاشكالي يصلح لكي تكون اجوبته اساسا لحوار وطني عام، بشرط ازالة الفرضيات المسبقة عن رعب الاعلام بشموليته، فهناك اكثر من اعلام، هناك الرسمي والمستقل من حيث المُلكية فقط وهناك اعلام مستقل بالكامل فمن هو المرعوب منها ؟ حتى تكون المخرجات واضحة واقرب الى الدقة .
كذلك هل يقبل المنتقدون بهذا الكم الهائل من العنف والتطرف على الحوائط الافتراضية التي باتت داعشية المنهجية بل اقسى من داعش ذاتها، فالوحدة الوطنية مستباحة وحياة الافراد الخاصة منتهكة، والتعليقات تأتي من الخبير ومن قليل الخبرة على حد سواء، ومحتوى العالم الافتراضي لو اختبرناه على مقياس الحقيقة لفشل بامتياز وهناك الكثير من الادلة على ذلك ليس اولها فيديو الحيوان المنوي ولا اخرها اشرطة التجاوزات القديمة لافراد الامن العام، بالمقابل ثمة كثير من التجاوزات نجحت الحوائط الافتراضية في كشفها ولعل ابرزها حوادث التجاسر على المواطن كما في قضية الاعتداء على المواطن الرمثاوي وقبلها على مواطنين اخرين جرى توثيق الاعتداء عليهم من نشطاء المواقع الافتراضية، فالسلة مليئة وللاسف الغث يفوق الايجابي بكثير .
اول الاجابات تقول بالفم الملآن ان ابرز اختلال واقع على الاعلام الرسمي المملوك بالكامل للدولة ويتقاضى العاملون فيه رواتبهم من خزينة الدولة وليس من خزنة الحكومات التي تتدخل في تفاصيل عملهم اليومي، فالشاشة الفضية خارج المنافسة للاسف، والسبب ليس تدني كفاءة الزملاء في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون رغم الحشو الزائد والحمولة الزائدة، ولكنه ناجم من سطوة الرسمي على الاعلامي في تلك المؤسسة، وقد استمعنا الى شكاوى مريرة من مدرائها عن التدخلات وعن عدم قدرتهم على ترشيق الكادر، والامر اقل صعوبة في وكالة الانباء الاردنية التي يُسرَق جهد اعضائها من وسائل الاعلام المختلفة دون ادنى اشارة لهم وهذه اول معضلة والثانية غيابهم عن المعلومة او تغييب المعلومة عنهم واذا ما غامر احدهم بابتكار صحفي فهو خاضع للرقابة وخاضع اكثر لمزاج مدراء التحرير في الصحف والاجهزة الاعلامية المتنوعة، فالوكالة لا تتعاطى مع الجمهور مباشرة رغم انفتاح موقعها الالكتروني للجميع لكن الصورة الانطباعية غلبت على الصورة الواقعية والذهنية .
الاجابة الثانية عن الاعلام المستقل حسب الملكية الذي يتاثر حكما بالمزاج الرسمي وهو ايضا ليس في سلة واحدة، فثمة مساحة مفتوحة لكتاب الرأي عالية لكن كثيرين لا يستخدمونها، وان استخدموها فبمهنية متدنية تستوجب المنع لاسباب مهنية لا لأسباب سياسية، ولعل من يتابع صفحة مقالات الدستور يجد ما يريد واكثر وثمة مقالات تُرسل ينصدم كاتبها بأنها منشورة؛ ما يعني ان حجم التأثير والتأثر مفتوح لمن يرغب في استثمار هذه المساحة من رؤساء التحرير واظن الزميل محمد حسن التل يستهلكها بالكامل على عكس الصورة الانطباعية، فسلة كتاب الدستور ثرية ومتنوعة من الاسلامي الى اليساري الى العلماني .
اما الاعلام المستقل ملكية وعلى صعيد القرار فهو سيد نفسه ولكنه محكوم -ايضا- لاكثر من عامل اولها مزاج المعلن الذي يتحكم بنعومة في الاعلام شئنا ام ابينا فرأس المال جبان ويبحث عن تقارب مع السلطة، خاصة بعد ظاهرة توزير القطاع الخاص، وثمة اسباب كثيرة عن التدخلات والمستقبل المهني تتحكم في المسار الاعلامي، لكن المنتقدين ينسون امرا في غاية الاهمية وهو عدم توافر مظلة مجتمعية حامية للصحفي وللاعلامي وهنا مكمن الخطر وهذا اول ما يُبنى عليه وليس آخره، فهل الصحفي محمي من المجتمع وقواه الحية وقطاعاته الحيوية أو يريدونه شهيدًا وطريدًا؟ سؤال برسم الوجع .
الدستور