الحكومة ترخص بأنشطة من المنازل.. ومستثمرون يحتجون
مدار الساعة - أثار قرار الحكومة الأردنية السماح بترخيص ممارسة بعض الأنشطة والأعمال الاقتصادية والخدمية من المنازل احتجاجا من بعض القطاعات التي رأت فيها إضرارا لمصالحها، في الوقت الذي اعتبرته الحكومة خطوة مهمة لتوفير فرص عمل والحد من معدلات الفقر والبطالة.
وفي خطوة تعد الأولى من نوعها أعلنت الحكومة رسميا، الخميس الماضي، السماح بترخيص 59 مهنة فكرية أو يدوية وتصنيع الأغذية بأنواعها ومهن خدمات من داخل المنازل بعد الحصول على الترخيص اللازم من أمانة العاصمة عمان أو البلديات.
وتتوزع هذه المهن على عدة قطاعات من بينها الاستشارات بمختلف أنواعها ومنها الإدارية والتسويقية والغذائية ودراسات الجدوى الاقتصادية وكذلك مهن التصميم للمجوهرات والملابس وأنشطة الطباعة والعلاقات العامة وأعمال الكتابة الصحفية والمواد الدعائية والدراسات.
وتشمل المهن أيضا البيع والتسويق عبر الإنترنت باستثناء المهن التي تحتاج إلى موافقات خارجية والمهن المحظور التسويق لها.
وسمحت الحكومة بممارسة أعمال الحرف اليدوية وتصنيع المواد الغذائية وتقديم الخدمات للمنازل من داخل البيوت دون أن يكون لها أماكن خاصة بها.
لكن ممثلي بعض القطاعات أكدوا أن التعليمات التفصيلية للقرار الحكومي انطوت على بعض المخاطر التي ستلحق أضراراً بقطاعات عريضة نظرا لانخفاض كلف الإنتاج من داخل المنازل وكذلك إمكانية إقامة بعض الأعمال بعيدا عن مظلاتها القانونية مثل أعمال العلاقات العامة والكتابة الصحفية والرسوم العمرانية وغير ذلك.
وقال عضو غرفة صناعة عمّان، فتحي الجغبير لصحيفة "العربي الجديد" إن القرار في صورته الإجمالية يعد إيجابيا بالنسبة للأشخاص والأسر التي يمكنها من توفير أعمال إنتاجية تسهم في تحسين أوضاعها المعيشية، لكن من المهم أن يكون الهدف موجها لهذه الفئات وليس اخضاعها للضرائب والرسوم.
وأضاف أن هناك مخاوف من قبل صناعيين وتجار حول احتمال تأثرهم بالأعمال المنزلية ومنافستها لهم لفارق الكلف بين الجانبين، لكن يؤمل أن يسهم السماح بترخيص المهن والحرف والأعمال الأخرى من داخل المنازل في توفير فرص العمل وتحسين أوضاع الأردنيين.
وشدد على أهمية أن تكون هناك ضوابط واضحة ورقابة مستمرة بحيث لا تخرج الأعمال المنزلية عن إطارها الذي رخصت من أجله وأن تشكل إضافة نوعية للاقتصاد الأردني.
ومن جانبه، أكد مسؤول قطاع المواد الغذائية في غرفة تجارة الأردن رائد حمادة أن إنتاج المواد الغذائية في المنازل يؤثر على أعمال المطاعم المتواجدة في كافة أرجاء الأردن التي تتحمل أعباء مالية كبيرة من وراء التوظيف واستئجار المحلات ودفع الرسوم والضرائب وغيرها.
وقال إننا لسنا ضد أي قرار من شأنه توفير فرص عمل للأردنيين ورفع مستوى معيشتهم لكن دون أن يلحق أثرا سلبيا على المحلات التجارية التي تمارس ذات الأعمال في السوق مثل المطاعم وغيرها.
وأعلنت نقابة الصحافيين الأردنيين اعتراضها على ترخيص أعمال الكتابة والتحرير الصحفي من داخل المنازل، معتبرة ذلك تعدياً على المهنة واختزالها في أماكن ضيقة، إضافة إلى سهولة خروج هذه الأعمال من تحت مظلتها وفقا لما نص عليه قانون النقابة والتشريعات الناظمة للعمل الإعلامي.
وطالبت النقابة الحكومة بإلغاء هذه الأعمال من المجالات التي يرخص لها العمل من داخل المنازل وترك الأمر على ما هو عليه أو على الأقل ربط الترخيص بأن يكون المستفيد عضوا في نقابة الصحفيين الأردنيين.
ومن جانبها دافعت الحكومة عن القرار، وقال وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة إن القرار جاء لغايات تخفيض الفقر والبطالة وخاصة بين الشباب ورفع نسب مشاركة النساء في سوق العمل والمساهمة برفع مستوى معيشة الأسر الأردنية ولتمكين أصحاب الاحتياجات الخاصة والذين لا تسمح لهم ظروفهم أو التزاماتهم المعيشية بالعمل خارج المنزل.
وأضاف أن الحكومة عملت على تطوير المنظومة التشريعية والمؤسسية المتعلقة بالتسجيل والضريبة والضمان الاجتماعي وتحسين الخدمات المؤسسية المقدمة لتلك الفئة.
وارتفع معدل البطالة في الأردن إلى 18% خلال الربع الثاني من العام الحالي وفقا لبيانات أصدرتها دائرة الاحصاءات العامة الحكومية الأسبوع الماضي، فيما يقدر ارتفاع نسبة الفقر في البلاد عن 14% وهي النسبة التي أظهرتها آخر دراسة أجريت في البلاد قبل أكثر من 10 سنوات.
وأكد وزير الصناعة والتجارة أن قطاع العمل من المنزل في الأردن يمارس بشكل غير منظم وغير رسمي ويعتبر من اقتصاد الظل، وفي دراسة أجريت هذا العام على جميع الأعمال الصغيرة ومتناهية الصغر التي تنشط في بعض المحافظات تبين أن هنالك حوالي 12 ألف صاحب عمل يقومون بالعمل من المنزل ضمن ما يعرف بالقطاع الخاص غير الرسمي.
وأشار إلى أن هذه الفئة لا تدخل ضمن الأرقام والاحصاءات الوطنية المتعلقة بالبطالة والفقر مما يؤثر على دقة المؤشرات الاقتصادية ومعدلات النمو الاقتصادي.
"
ارتفع معدل البطالة في الأردن إلى 18% خلال الربع الثاني من العام الحالي وفقا لبيانات أصدرتها دائرة الاحصاءات العامة
"
وقال الوزير الأردني إن الحكومة من خلال التعليمات التي وضعتها أكدت أهمية تخفيض الوقت اللازم لإصدار رخصة المهن للعمل من داخل المنزل لتصبح المدة من يوم إلى ثلاثة أيام كحد أعلى في جميع المناطق. كما تم بحسب الوزير تصنيف المهن المسموح ترخيص ممارستها من المنزل ضمن الحد الأدنى للرسوم علماً بأن رسوم إصدار الرخص تبدأ من 42 ديناراً وتصل إلى 420 ديناراً لبعض المهن.
وبشأن المخاوف من احتمال سعي الحكومة من وراء ترخيص هذه الأعمال إلى تحصيل عوائد مالية منها مستقبلا قال وزير الصناعة والتجارة إنه سيتم النظر في إعفاء هذه الفئة من الضرائب وسيتم تضمين ذلك في مشروع القانون الجديد للضريبة إلى جانب تقديم حزمة من المساعدات الفنية والمالية لهذه الفئة من قبل مشروع مساندة الأعمال المحلية وصناديق التمويل الأصغر ومساعدتها أيضا في أمور تسويق منتجاتها.
وتوقع القضاة أن يستفيد من القرار حوالي 16800 أسرة أردنية وتوفير آلاف فرص عمل للشباب وأن يرتفع العائد الاقتصادي من وراء الأعمال المنزلية.
وتشترط تعليمات اعتماد المهن للعمل من داخل المنزل عدم استخدام معدات ثقيلة أو القيام بعمليات تصنيع أو إنتاج او تقديم خدمة من شأنها إحداث ضجيج أو اهتزاز أو غبار أو رائحة أو تأثير كهربائي أو مغناطيسي.
وحسب تقرير لوزارة الصناعة والتجارة الأردنية فقد كانت مزاولة الأعمال المنزلية تقتصر على المهن البسيطة لغايات اكتساب بعض المال أصبحت العديد من الشركات الاستشارية.
والمهن الفكرية تدار من المنزل في العديد من دول العالم وخصوصا بعد الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى إغلاق العديد من الشركات واتجاهها نحو ممارسة أنشطتها من خلال المنزل لضمان تقليل الكلفة عند الدخول إلى السوق.
ويمثل قطاع العمل من المنزل ما نسبته 50% تقريباً من مجموع المنشآت الصغيرة في الولايات المتحدة (28 مليون منشآة) من جميع قطاعات الأعمال وتساهم فيما تبلغ قيمته 400 مليار دولار سنوياً. وفي بريطانيا يبلغ عدد الأعمال من داخل المنزل حوالي 2.8 مليون منشآة. (العربي الجديد)