وثيقة لاستعادة شخصيتنا الوطنية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/18 الساعة 00:21
مثلما تعددت الأسباب التي دفعت جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى إصدار وثيقة «التماسك الاجتماعي» فقد تعددت أهداف الجماعة من هذه الوثيقة، وأولها المساهمة في استعادة شخصيتنا الوطنية من خلال استعادة صفاتها، وأهمها التوازن والهدوء والانضباط والشعور بالآخر. وكلها صفات يشكل إطلاق الرصاص في المناسبات المختلفة، وكذلك الخروج بمواكب تعطل سير الناس ومصالحهم خروجاً على هذه الصفات، علاوةً على أنها خروج صريح على قاعدة قانونية أصيلة هي (إن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين)، وبالتالي فإن محاربة هذه السلوكيات من شأنه المساهمة في استعادة شخصيتنا الوطنية.
ومثلما يشكل إطلاق الرصاص تشويها لشخصيتنا الوطنية فإن المبالغة في «الجاهات» خاصةً جاهات الخطوبة يشكل هو الآخر انحرافا كبيرًا عن المفاهيم والعادات التي تشكل بمجموعها شخصيتنا الوطنية وتشويهًا لها، فالأصل في الجاهة أنها كانت تتكون من مجموعة قليلة من الشخصيات الاجتماعية و»وجوه الناس» ممن كانوا يحضون باحترام الناس وتقديرهم، ومن ثم قدرتهم على التأثير في مواقفهم، وقد كانت مهمة الجاهة تنحصر في حل المشاكل وتذليل العقبات التي تحول دون اتمام الخطوبة، وإقناع الطرف الممانع إن كانت أسبابه غير مقبولة اجتماعيا. ولذلك كانت تسمى أحيانا بـ «جاهة العاصي»، لأن مهمتها إقناع العاصي وتطويعه للحق وبالمنطق. كان هذا قبل أن يتسلل الرياء الاجتماعي إلى حياتنا ويتضخم، لتصبح الجاهة من أبشع مظاهر هذا الرياء من حيث عددها أولاً، ومن حيث دورها الذي تحول في معظم الأحيان إلى دور شاهد الزور. إذ أنه صار من المعروف أن الجاهة تذهب للخطوبة بعد أن يكون القران قد عقد في معظم الأحيان، مما يعني أنه لا ضرورة لهذه الجاهة التي صارت مجرد ديكور ومظهر من مظاهر الرياء الاجتماعي الذي لم يعد مقبولاً ومبررًا وقد آن أوان التخلص منه بإعادة الجاهات في بلادنا إلى «دورها» وإلى حجمها «الحقيقيين». وفي هذا مساهمة في إصلاح الاختلالات التي أصابت عاداتنا الاجتماعية، وكذلك إسهام في استعادة شخصيتنا الوطنية وتخفيفاً على الناس اجتماعياً واقتصادياً.
ومثلما تهدف «وثيقة التماسك الاجتماعي» إلى المساهمة باستعادة شخصيتنا الوطنية في مجال الأفراح، عبر اصلاح الخلل في الجاهة وغيرها من مراسم الأفراح، فإنها تهدف أيضاً إلى المساهمة في استعادة شخصيتنا الوطنية في مجال الأحزان والأتراح، بعد أن أصابها ما أصابها من مظاهر الاختلال، ابتداءً من غياب مظاهر احترام جلال الموت، وغياب مظاهر احترام مشاعر أهل المتوفى، من خلال الكثير من الممارسات الشاذة التي صارت تشهدها المآتم في بلادنا وإخلالها بالكثير من السلوكيات التي لم تكن معروفة في مأتمنا التي كانت تقتصر على تقديم «القهوة السادة»، في أجواءٍ من الصمت الجليل أو الدعاء المتضرع بالغفران للميت وبالصبر لذويه، قبل أن تصبح هذه المآتم مجالس للنميمة السياسية والصفقات التجارية ، وصولاً إلى تبادل النكات و»القهقهات» استهتارًا بالموت وبمشاعر أهل الميت. لذلك تضمنت وثيقة «التماسك الاجتماعي» التي أصدرتها جماعة عمان لحوارات المستقبل الكثير من المقترحات العملية التي من شأنها العودة بمأتمنا إلى طبيعتها الأولى مما يشكل إسهامًا في استعادة شخصيتنا الوطنية.
غير العودة بأفراحنا وأتراحنا ومراسمها وطقوسها إلى طبيعتها الأصلية مما يسهم في استعادة شخصيتنا الوطنية، فقد أكدت الوثيقة على أهمية الاعتناء بأزيائنا الوطنية واحترامها وحفظها وحمايتها من التشويه والتحريف بحجة التحديث والتطوير.
ومثل الاعتناء بأزيائنا الوطنية واحترامها كذلك حثت الوثيقة على أهمية الحفاظ على مأكولاتنا الوطنية وطالبت وزارة السياحة وغيرها من المؤسسات على تشجيع تقديم الطعام الوطني في مطاعمنا أسوةً بكل الشعوب الحية التي تحترم نفسها وتاريخها وتراثها.
كما أكدت الوثيقة أهمية الحفاظ على الأسواق التقليدية بترميم القائم منها، وإقامة المزيد من هذه الأسواق في كل المدن الأردنية. وهذه مسؤولية تقع على عاتقنا أفرادًا وجماعات. مثلما تقع على عاتق وزارة السياحة وأمانة عمان وسائر بلديات المملكة. نظرًا لدور الأسواق التقليدية في الحفاظ على الشخصية الوطنية والتعبير عن هذه الشخصية.
يقودنا الحديث عن الأسواق الشعبية إلى الحديث عن نمط العمارة ودورها في التعبير عن الشخصية الوطنية، وهي قضية أكدت عليها «وثيقة التماسك الاجتماعي» التي أعلنتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، عندما دعت أمانة عمان والبلديات والمهندسين الأردنيين ونقابتهم إلى الاهتمام بالنمط العمراني في بلدنا، وأهمية العودة إلى طراز البناء العربي الإسلامي، بعد الأخذ بروح العصر لما في ذلك من أهمية في استعادة شخصيتنا الوطنية في إطار من «الأصالة والمعاصرة».
ومثل العمارة كذلك أولت الوثيقة اهتماماً بالأثاث سواء في بيوتنا أو مكاتبنا، خاصة المكاتب الحكومية. ودعت إلى ان يكون هذا الأثاث معبرًا عن شخصيتنا الوطنية بقيمها ومفاهيمها الحضارية.
كثيرة هي المحاور التي تضمنتها «وثيقة التماسك الاجتماعي» والتي تصب في عملية استعادة شخصيتنا الوطنية، غير أن أهم هذه المحاور إضافةً إلى ما سبق هو ضرورة احترام اللغة العربية باعتبارها ثقافة الأمة وفكرها وهويتها. من هنا ركزت الوثيقة على أهمية تنفيذ النصوص التشريعية التي تؤكد على احترام اللغة العربية واستخدامها، داعيةً الجهات الرسمية وخصوصاً وزارة السياحة وأمانة عمان والبلديات إلى احترام هذه اللغة في الأسماء التجارية للشركات والمحلات والمطاعم والفنادق وقوائم موجوداتها وخدماتها، احتراماً للقانون وحفاظاً على مكون هام من مكونات شخصيتنا الوطنية.
باختصار شديد فإن وثيقة التماسك الاجتماعي التي أصدرتها جماعة عمان لحوارات المستقبل تصلح مدخلاً مهماً من مداخل استعادة شخصيتنا الوطنية، من خلال تنقية سلوكنا الاجتماعي وتقاليدنا مما علق بها من شوائب، واصلاح ما أصابها من اختلالات.
الرأي
ومثلما يشكل إطلاق الرصاص تشويها لشخصيتنا الوطنية فإن المبالغة في «الجاهات» خاصةً جاهات الخطوبة يشكل هو الآخر انحرافا كبيرًا عن المفاهيم والعادات التي تشكل بمجموعها شخصيتنا الوطنية وتشويهًا لها، فالأصل في الجاهة أنها كانت تتكون من مجموعة قليلة من الشخصيات الاجتماعية و»وجوه الناس» ممن كانوا يحضون باحترام الناس وتقديرهم، ومن ثم قدرتهم على التأثير في مواقفهم، وقد كانت مهمة الجاهة تنحصر في حل المشاكل وتذليل العقبات التي تحول دون اتمام الخطوبة، وإقناع الطرف الممانع إن كانت أسبابه غير مقبولة اجتماعيا. ولذلك كانت تسمى أحيانا بـ «جاهة العاصي»، لأن مهمتها إقناع العاصي وتطويعه للحق وبالمنطق. كان هذا قبل أن يتسلل الرياء الاجتماعي إلى حياتنا ويتضخم، لتصبح الجاهة من أبشع مظاهر هذا الرياء من حيث عددها أولاً، ومن حيث دورها الذي تحول في معظم الأحيان إلى دور شاهد الزور. إذ أنه صار من المعروف أن الجاهة تذهب للخطوبة بعد أن يكون القران قد عقد في معظم الأحيان، مما يعني أنه لا ضرورة لهذه الجاهة التي صارت مجرد ديكور ومظهر من مظاهر الرياء الاجتماعي الذي لم يعد مقبولاً ومبررًا وقد آن أوان التخلص منه بإعادة الجاهات في بلادنا إلى «دورها» وإلى حجمها «الحقيقيين». وفي هذا مساهمة في إصلاح الاختلالات التي أصابت عاداتنا الاجتماعية، وكذلك إسهام في استعادة شخصيتنا الوطنية وتخفيفاً على الناس اجتماعياً واقتصادياً.
ومثلما تهدف «وثيقة التماسك الاجتماعي» إلى المساهمة باستعادة شخصيتنا الوطنية في مجال الأفراح، عبر اصلاح الخلل في الجاهة وغيرها من مراسم الأفراح، فإنها تهدف أيضاً إلى المساهمة في استعادة شخصيتنا الوطنية في مجال الأحزان والأتراح، بعد أن أصابها ما أصابها من مظاهر الاختلال، ابتداءً من غياب مظاهر احترام جلال الموت، وغياب مظاهر احترام مشاعر أهل المتوفى، من خلال الكثير من الممارسات الشاذة التي صارت تشهدها المآتم في بلادنا وإخلالها بالكثير من السلوكيات التي لم تكن معروفة في مأتمنا التي كانت تقتصر على تقديم «القهوة السادة»، في أجواءٍ من الصمت الجليل أو الدعاء المتضرع بالغفران للميت وبالصبر لذويه، قبل أن تصبح هذه المآتم مجالس للنميمة السياسية والصفقات التجارية ، وصولاً إلى تبادل النكات و»القهقهات» استهتارًا بالموت وبمشاعر أهل الميت. لذلك تضمنت وثيقة «التماسك الاجتماعي» التي أصدرتها جماعة عمان لحوارات المستقبل الكثير من المقترحات العملية التي من شأنها العودة بمأتمنا إلى طبيعتها الأولى مما يشكل إسهامًا في استعادة شخصيتنا الوطنية.
غير العودة بأفراحنا وأتراحنا ومراسمها وطقوسها إلى طبيعتها الأصلية مما يسهم في استعادة شخصيتنا الوطنية، فقد أكدت الوثيقة على أهمية الاعتناء بأزيائنا الوطنية واحترامها وحفظها وحمايتها من التشويه والتحريف بحجة التحديث والتطوير.
ومثل الاعتناء بأزيائنا الوطنية واحترامها كذلك حثت الوثيقة على أهمية الحفاظ على مأكولاتنا الوطنية وطالبت وزارة السياحة وغيرها من المؤسسات على تشجيع تقديم الطعام الوطني في مطاعمنا أسوةً بكل الشعوب الحية التي تحترم نفسها وتاريخها وتراثها.
كما أكدت الوثيقة أهمية الحفاظ على الأسواق التقليدية بترميم القائم منها، وإقامة المزيد من هذه الأسواق في كل المدن الأردنية. وهذه مسؤولية تقع على عاتقنا أفرادًا وجماعات. مثلما تقع على عاتق وزارة السياحة وأمانة عمان وسائر بلديات المملكة. نظرًا لدور الأسواق التقليدية في الحفاظ على الشخصية الوطنية والتعبير عن هذه الشخصية.
يقودنا الحديث عن الأسواق الشعبية إلى الحديث عن نمط العمارة ودورها في التعبير عن الشخصية الوطنية، وهي قضية أكدت عليها «وثيقة التماسك الاجتماعي» التي أعلنتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، عندما دعت أمانة عمان والبلديات والمهندسين الأردنيين ونقابتهم إلى الاهتمام بالنمط العمراني في بلدنا، وأهمية العودة إلى طراز البناء العربي الإسلامي، بعد الأخذ بروح العصر لما في ذلك من أهمية في استعادة شخصيتنا الوطنية في إطار من «الأصالة والمعاصرة».
ومثل العمارة كذلك أولت الوثيقة اهتماماً بالأثاث سواء في بيوتنا أو مكاتبنا، خاصة المكاتب الحكومية. ودعت إلى ان يكون هذا الأثاث معبرًا عن شخصيتنا الوطنية بقيمها ومفاهيمها الحضارية.
كثيرة هي المحاور التي تضمنتها «وثيقة التماسك الاجتماعي» والتي تصب في عملية استعادة شخصيتنا الوطنية، غير أن أهم هذه المحاور إضافةً إلى ما سبق هو ضرورة احترام اللغة العربية باعتبارها ثقافة الأمة وفكرها وهويتها. من هنا ركزت الوثيقة على أهمية تنفيذ النصوص التشريعية التي تؤكد على احترام اللغة العربية واستخدامها، داعيةً الجهات الرسمية وخصوصاً وزارة السياحة وأمانة عمان والبلديات إلى احترام هذه اللغة في الأسماء التجارية للشركات والمحلات والمطاعم والفنادق وقوائم موجوداتها وخدماتها، احتراماً للقانون وحفاظاً على مكون هام من مكونات شخصيتنا الوطنية.
باختصار شديد فإن وثيقة التماسك الاجتماعي التي أصدرتها جماعة عمان لحوارات المستقبل تصلح مدخلاً مهماً من مداخل استعادة شخصيتنا الوطنية، من خلال تنقية سلوكنا الاجتماعي وتقاليدنا مما علق بها من شوائب، واصلاح ما أصابها من اختلالات.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/18 الساعة 00:21