المجلس الاقتصادي الاجتماعي يستيقظ كحارس للبوابة المجتمعية

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/17 الساعة 00:05
باختصار مفيد، لا يمكن فصل الرأي عن الرؤيا، بدليل ما قدمه المجلس الاقتصادي الاجتماعي طوال عمره المديد غير السعيد حتى اللحظة، فبدل ان يكون حارس البوابة بالنسبة للمجتمع الاردني، كان مجرد ديكور تجميلي لحلقات العمل العام، فالمجلس رغم الاستقبال الحافل لفكرته وضرورتها، عجز عن تقديم رأيه ورؤيته في كثير من القوانين والاجراءات التي انعكست على المجتمع الاردني سواء في المستوى الاقتصادي او الاجتماعي او الثقافي او السياسي، فكل قانون او قرار او اجراء له انعكاساته على المجتمع وبالضرورة يجب قراءة هذه الانعاكاسات، لكن المجلس آثر اختزال عمله وجهده في المكاتب والرواتب وحُسن الاستماع والاستقبال ويذكر الصديق محمد المومني عدد المرات التي تحدثنا فيها عن ضرورة تفعيل هذا المجلس واعادته الى اصل فكرته، وللاسف نسي المجتمع الاردني ان ثمة مجلسا اجتماعيا اقتصاديا يحرس بوابته .
السبت الماضي، اعاد المجلس حضوره وتظهير وجوده للمجتمع بعد سبات عميق، ولعل وجود شخصية اكاديمية رصينة بحجم الدكتور مصطفى الحمارنة على رأسه، ايقظته من غفوته، فالحمارنة لا يعرف الكلل ولا الملل فهو رائد فكرة الاشتباك الايجابي مع الحكومة على قاعدة الشراكة، وللانصاف هو اول من تجرأ وطرح مشروع تحويل الدعم من السلعة الى المواطن وكان ذلك في خطابه كنائب تحت القبة في مناقشة موازنة 2013، واليقظة جاءت بدراسة سيتلوها دراسات، عن اثر التطورات الاقليمية على الاردن في فترة الربيع العربي، واظنها الدراسة الاولى رغم كل التنظيرات السابقة عن حساسية الاردن من الاحداث الاقليمية وارتداداتها عليه، فجميعنا تحدث عن اللجوء السوري حصرا واثره وعن الحصار غير المعلن على الاردن بحكم الاحداث الاقليمية وسابقا كان الحديث عن عودة الاردنيين بعد حرب الخليج الثانية لكن ذلك بقي في اطار المحكي الاردني وليس في الاطار المعرفي والتحليلي المنهجي .
الدراسة عميقة في التحليل رغم حصرها في سنوات ست، لكنها عبرت التاريخ السابق واخضعته لصرامة التحليل واستخلاص الحلول ايضا وواضح انها خضعت لكل معايير الدراسة المهنية سواء في ضبط وانضباط المصطلح او في تبويب المشاكل وفرزها فرزا دقيقا وعميقا وقراءة اثارها القادمة على 14 بند من بنود الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الاردن من النمو الاقتصادي الى الناتج المحلي الى دخل الفرد والعمالة والبطالة الى باقي مفردات العملية الاقتصادية من زراعة وبنية تحتية وموارد طبيعية، واجاب التقرير بوضوح عن برنامج التحول الاقتصادي وارتباطه بصندوق النقد الدولي من حيث اثاره السلبية على الاقتصاد الكلي وتوجه الحكومات نحو الجباية بدل النمو الفعلي .
الدراسة جريئة وهذا ليس كافيا، فهي تحتاج الى متابعة حكومية مربوطة ببرنامج زمني لتنفيذ مخرجاتها على ارض الواقع من كل وزارة على حدة وجمعها في مصفوفة وطنية، وبحاجة الى متابعة من قوى المجتمع المدني والحزبي بشكل فصلي على الاقل والاهم متابعة المجلس الاقتصادي نفسه لمخرجات دراسته ورصد مدى الاستجابة الحكومية لهذه الدراسة وعلى الاعلام ان يمارس دعمه للمجلس الذي اختار الاشتباك الايجابي مع الحكومة كحارس لبوابة المجتمع، في تأصيل حقيقي لمعنى ومبنى المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي على وشك انهاء دراسات مستفيضة عن الواقع الثقافي والاخطر عن ارتداد القوانين الضريبية على الفرد الاردني وعناوين اخرى، وكل هذه الدراسات مشغولة بعناية وبانضباط مهني واكاديمي وخضعت لتحكيم منهجي صارم .
المجلس الاقتصادي استفاق بعد غيبوبة، ومطلوب دعمه ورصده، فنحن على عتبة تحول من الدولة الريعية الى الدولة الانتاجية وهذا يتطلب دورا فاعلا وصارما من المجلس الاقتصادي الاجتماعي لانه حارس البوابة المجتمعية ويتطلب ايضا دعم المؤسسات المدنية والحزبية والاعلامية للمجلس وجهده .
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/17 الساعة 00:05