عن التصعيد الأمريكي حيال إيران ورد الأخيرة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/15 الساعة 00:07
أخيرا، أعلن ترامب استراتيجيته حيال إيران، والتي لم تحمل أية مفاجأة، فقد كان الأمر واضحا منذ مجيئه إلى السلطة، وتحدثنا مرارا في الأمر.
خلاصة الخطاب هي أن الاتفاق النووي، لن يُشطب، ولكنه سيُعدل، وستكون هناك عقوبات جديدة هدفها الابتزاز، وكل ذلك لحساب الكيان الصهيوني.
أما الجوانب التي ذكرت في الخطاب، وتهم بعض المحاور العربية، فلا تعدو أن تكون تسويقا له عليها، وهو ما يفسّر مسارعتها إلى الترحيب به، لكن جوهر الابتزاز هو لحساب الكيان الصهيوني. ولذلك لم يكن غريبا أن يخرج نتنياهو بعد ساعات مهنئا بالخطاب، هو الذي لا يعجبه العجب، وعادته أن يمارس الابتزاز حتى حين تكون المواقف منحازة بالكامل لكيانه.
والحال أن أي عاقل لن يعجز عن رؤية الحقيقة ممثلة في أن الابتزاز الأميركي لإيران لا يتعلق بعدوانها في سوريا واليمن والعراق، وعموم اشتباكها مع العرب، بقدر ما يتعلق بالكيان الصهيوني الذي يريد شطب برنامج الصواريخ بعيدة المدى (لا يقبل اختلال ميزان القوى حتى مع الدول الصديقة)، إلى جانب تغيير مجمل الخطاب حيال الكيان الصهيوني، تحت مسمى محاربة الإرهاب، وإلا فلماذا لم تتوقف أمريكا عند دور إيران ومليشياتها في سوريا، ولماذا كان الطيران الأمريكي يغطي “الحشد” التابع لإيران من الأنبار وصولا إلى الموصل، ولم يصنفه في خانة الإرهاب، وهو يعلم أنه ذراع من أذرع سليماني؟!
ما ينبغي أن يقال ابتداءً هو أن مصادقة المؤسسات الأمريكية على ما ورد في الخطاب، بخاصة قضية العقوبات ومستواها، بما في ذلك تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية (تم ذلك فقط من خلال وزارة الخزانة) سيظل برسم التساؤل، وإن كان مضمونا أن تتم المصادقة على الجوانب المتعلقة ببرنامج الصواريخ. أما الجانب الآخر فيتعلق بالموقف الأوروبي، لأن الاتفاق النووي ليس بين أمريكا وإيران، وإنما بين الأخيرة وبين دول (خمسة زائد واحد)، ولا يرجح أن تقبل تلك الدول بمسار ينسف الاتفاق، ويفقدها مزايا اقتصادية كثيرة عوّلت على جنيها من ورائه.
لكن ذلك كله لا ينفي أن إيران ستواجه ابتزازا حقيقيا، في وقت تريد فيه جني المكاسب من الاتفاق، هي التي استنزفتها الحرب السورية، وقد تضاف اليمنية أيضا، ومجمل المغامرات في المنطقة، بل إن ذلك النزيف هو ما فرض عليها التنازل عن حلم السلاح النووي وقبول اتفاق كان معروضا عليها قبل سنوات من قبولها به.
هنا تنهض المعضلة التي تواجهها إيران، بخاصة أهل الحكم الحقيقيون، أعني المحافظين، وهي المتعلقة بسؤال الكيفية التي ينبغي من خلالها مواجهة الابتزاز. هل ستكون من خلال التراجع وفقدان مادة الدعاية (المقاومة والممانعة) تجنبا للعقوبات، أم بالرفض وتحمّل العقوبات، وصولا إلى مزيد من ضجر الشارع الذي ملّ من تدخلات خارجية تستنزف مقدراته وتورثه الفقر بلا جدوى؟
نفتح قوسا لنشير إلى أن بيع ترمب ضغوطه على إيران للعرب سيستدعي على الأرجح ثمنا قريبا، يتمثل في دعم عملية سياسية في الملف الفلسطيني تريح نتنياهو، وتنطوي على خطورة كبيرة (اصطلح عليها راهنا بالحل الإقليمي، أي عملية سياسية تكرّس الوضع الراهن مع تطبيع عربي)، لكن ذلك لن يكون كافيا سوى في المدى القريب، أما في المتوسط، فلا يُستبعد أن يطالهم الابتزاز، و”جاستا” لم يُسحب من التداول إلا مؤقتا.
كل ذلك يعكس حقيقة مأزق الطرفين العربي والإيراني، بل حتى التركي في ظل الدعم الأمريكي للأكراد، وذلك في مواجهة إدارة هاجسها مصالح الكيان الصهيوني، ولغتها الابتزاز. ولو تدخل العقل قليلا؛ بخاصة في الحالة الإيرانية، وتخلص خامنئي من لوثة التمدد واستعادة ثارات التاريخ، فسيكون بالإمكان التفاهم على حل إقليمي يرضي محاور الإقليم الثلاثة (العرب، تركيا وإيران)، بعيدا عن التدخلات الخارجية. تلك خطوة كبيرة لو حدثت؛ فستتغير المعادلة برمتها، ويتوقف هذا النزيف الذي أصاب الجميع، ولم يخدم سوى الصهاينة وكل الطامعين بثروات شعوب هذه المنطقة، والذين يجدون في صراعاتها وتفرّقها فرصة لجني المكاسب.
الدستور
خلاصة الخطاب هي أن الاتفاق النووي، لن يُشطب، ولكنه سيُعدل، وستكون هناك عقوبات جديدة هدفها الابتزاز، وكل ذلك لحساب الكيان الصهيوني.
أما الجوانب التي ذكرت في الخطاب، وتهم بعض المحاور العربية، فلا تعدو أن تكون تسويقا له عليها، وهو ما يفسّر مسارعتها إلى الترحيب به، لكن جوهر الابتزاز هو لحساب الكيان الصهيوني. ولذلك لم يكن غريبا أن يخرج نتنياهو بعد ساعات مهنئا بالخطاب، هو الذي لا يعجبه العجب، وعادته أن يمارس الابتزاز حتى حين تكون المواقف منحازة بالكامل لكيانه.
والحال أن أي عاقل لن يعجز عن رؤية الحقيقة ممثلة في أن الابتزاز الأميركي لإيران لا يتعلق بعدوانها في سوريا واليمن والعراق، وعموم اشتباكها مع العرب، بقدر ما يتعلق بالكيان الصهيوني الذي يريد شطب برنامج الصواريخ بعيدة المدى (لا يقبل اختلال ميزان القوى حتى مع الدول الصديقة)، إلى جانب تغيير مجمل الخطاب حيال الكيان الصهيوني، تحت مسمى محاربة الإرهاب، وإلا فلماذا لم تتوقف أمريكا عند دور إيران ومليشياتها في سوريا، ولماذا كان الطيران الأمريكي يغطي “الحشد” التابع لإيران من الأنبار وصولا إلى الموصل، ولم يصنفه في خانة الإرهاب، وهو يعلم أنه ذراع من أذرع سليماني؟!
ما ينبغي أن يقال ابتداءً هو أن مصادقة المؤسسات الأمريكية على ما ورد في الخطاب، بخاصة قضية العقوبات ومستواها، بما في ذلك تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية (تم ذلك فقط من خلال وزارة الخزانة) سيظل برسم التساؤل، وإن كان مضمونا أن تتم المصادقة على الجوانب المتعلقة ببرنامج الصواريخ. أما الجانب الآخر فيتعلق بالموقف الأوروبي، لأن الاتفاق النووي ليس بين أمريكا وإيران، وإنما بين الأخيرة وبين دول (خمسة زائد واحد)، ولا يرجح أن تقبل تلك الدول بمسار ينسف الاتفاق، ويفقدها مزايا اقتصادية كثيرة عوّلت على جنيها من ورائه.
لكن ذلك كله لا ينفي أن إيران ستواجه ابتزازا حقيقيا، في وقت تريد فيه جني المكاسب من الاتفاق، هي التي استنزفتها الحرب السورية، وقد تضاف اليمنية أيضا، ومجمل المغامرات في المنطقة، بل إن ذلك النزيف هو ما فرض عليها التنازل عن حلم السلاح النووي وقبول اتفاق كان معروضا عليها قبل سنوات من قبولها به.
هنا تنهض المعضلة التي تواجهها إيران، بخاصة أهل الحكم الحقيقيون، أعني المحافظين، وهي المتعلقة بسؤال الكيفية التي ينبغي من خلالها مواجهة الابتزاز. هل ستكون من خلال التراجع وفقدان مادة الدعاية (المقاومة والممانعة) تجنبا للعقوبات، أم بالرفض وتحمّل العقوبات، وصولا إلى مزيد من ضجر الشارع الذي ملّ من تدخلات خارجية تستنزف مقدراته وتورثه الفقر بلا جدوى؟
نفتح قوسا لنشير إلى أن بيع ترمب ضغوطه على إيران للعرب سيستدعي على الأرجح ثمنا قريبا، يتمثل في دعم عملية سياسية في الملف الفلسطيني تريح نتنياهو، وتنطوي على خطورة كبيرة (اصطلح عليها راهنا بالحل الإقليمي، أي عملية سياسية تكرّس الوضع الراهن مع تطبيع عربي)، لكن ذلك لن يكون كافيا سوى في المدى القريب، أما في المتوسط، فلا يُستبعد أن يطالهم الابتزاز، و”جاستا” لم يُسحب من التداول إلا مؤقتا.
كل ذلك يعكس حقيقة مأزق الطرفين العربي والإيراني، بل حتى التركي في ظل الدعم الأمريكي للأكراد، وذلك في مواجهة إدارة هاجسها مصالح الكيان الصهيوني، ولغتها الابتزاز. ولو تدخل العقل قليلا؛ بخاصة في الحالة الإيرانية، وتخلص خامنئي من لوثة التمدد واستعادة ثارات التاريخ، فسيكون بالإمكان التفاهم على حل إقليمي يرضي محاور الإقليم الثلاثة (العرب، تركيا وإيران)، بعيدا عن التدخلات الخارجية. تلك خطوة كبيرة لو حدثت؛ فستتغير المعادلة برمتها، ويتوقف هذا النزيف الذي أصاب الجميع، ولم يخدم سوى الصهاينة وكل الطامعين بثروات شعوب هذه المنطقة، والذين يجدون في صراعاتها وتفرّقها فرصة لجني المكاسب.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/15 الساعة 00:07