دولة الاحتلال واميركا وانسحابهما من «اليونسكو».. تحولات في خريطة الصوت

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/13 الساعة 20:26

مدار الساعة – كتب: حسين عبدالله - إذا اردت أن تعرف ما يجري في إسرائيل فابحث عما يجري في واشنطن، هذه المقولة تمويهية، وتقترن بأسباب لا تتصل بمسبب غير العداء، والتحالف غير المقدس بين أميركا وإسرائيل في موقفهما من المؤسسة العالمية اليونسكو.

وهو موقف ليس مجرد من الأهواء والنزعات، وليس مجانياً، وليس اعتباطياً، بل هو موجه ضد العرب، وهو موقف لا يخرج عن الانحياز التاريخي للدولة العظمى التي يفترض حيادها ونزاهتها وانحيازها للحرية والديمقراطية، ولكنها في كل مرة كانت لا تتأخر في رفع الفيتو في وجه العالم لمصلحة إسرائيل.


وينطوي من الإدارة الأميركية الجديدة على معاداة الثقافة وفكرة التسامح لمصلحة الاستهلاك، و"البزنس" والصفقات وبروز النزعات العنصرية التي لا تتماشى مع فلسفة اليونسكو التي تدعو للتنوع والعدالة.

ويفسر القرار بأن الموقف الأميركي هو ضربة استباقية للمنظمة التي تعنى بالتربية والعلم والثقافة وتأسست عام 1945، قبل نتائج الانتخابات التي تحسم في جولتها الخامسة بين المرشح القطري حمد بن عبدالعزيز الكواري، والفرنسية من أصل يهودي أودريه أزولاى، وهي التي ستنجح بلا شك فيما سيطيح الآخرون وللأسف من بينهم عرب بالمرشح القطري، وفي الذاكرة إسقاط وزير الثقافة المصري السابق فاروق حسني، الذي تم عمل لوبي إسرائيلي عدائي ضده بسبب مواقفه من اسرائيل وتصريحه المشهور بأنه لن يزور دولة الاحتلال مدى الحياة.


وهي عقوبة مستدركة، وبأثر رجعي للمؤسسة التي تنتسب إليها 195 دولة غالبيتهم من دول العالم الثالث، لقُبولها بدولة فلسطين عضوا فيها، وإقرارها في تشرين الثاني عام 2016 بأن المسجد الأقصى تراث إسلامي خالص لا علاقة لليهود به، ولا سيادة لهم على المدينة المُحتلّة، وإدانتها لأعمال الحَفر التي تَقوم بها سُلطات الاحتلال الإسرائيلي، ويَستهدف جانبًا مِنها المَسجد الأقصى.

وربما يكون هناك ما هو أبعد وأكثر خفاء، وهو يتعلق بضعف النفوذ الأميركي في ظل اتساع النفوذ الروسي الذي يعمل بدبلوماسية هادئة ومؤثرة، وفي ظل اتساع التحديات التي تواجه أميركا من استحققات سياساته في العقود الأخيرة.

ولم تخف أمريكا نواياها حيمنا بررت وزارة الخارجية الأميركية، في بيانها، أن القرار الذي يدخل حيز التنفيذ في 31 كانون أول المقبل يعكس قلق الولايات المتحدة تجاه ضرورة إجراء إصلاحات جذرية في المنظمة، وتجاه استمرار الانحياز ضد إسرائيل في اليونسكو.

ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتناياهو القرار واصفاً موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه " شجاع"، وقال إن اليونسكو أصبحت مسرحا للعبث، وأمر وزارة الخارجية الإسرائيلي بالتحضير للانسحاب من المنظمة بالتوازي مع الولايات المتحدة.

هذا القرار يعكس خوفاً مشتركاً من إسرائيل، وأميركا من تحولات في خريطة الصوت في المنظمات العالمية التابعة للأمم المتحدة، وهي تحولات تعكس ما يجري على الأرض في الشرق الأوسط، وجنوب شرق أسيا، وربما أميركا اللاتينية، خصوصاً وأن العامل الحاسم لقوة الصوت يعود للحضور الطاغي للعالم الثالث، وهي الكثرة التي تحسم "المعركة".

ما قامت به أميركا، هي محاولة للابتزاز والنفاق، وهو موقف لا يخرج مواقفها السابقة في انحيازها ضد الضحية بالتحالف مع الجلاد، تشتري السيطرة على الأمم المتحدة بمساهمة لا تتجاوز 25 في المئة من موازنة الهيئة بما فيها اليونسكو، وهي مساهمة ضئيلة إذا ما قورنت بالنفوذ والسطوة التي تحققت لأميركا تاريخياً، ويستطيع العرب دعم المؤسسة بالقليل مما يهدر من مئات المليارات على شراء الأسلحة التي تعفنت في مستودعات شركات الصناعات العسكرية لحروب وهمية لا تستفيد منها سوى "كارتيلات" احتكارات القتل والموت.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/13 الساعة 20:26