الأردن... عام دراسي بأعباء جديدة وروتين معهود

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/11 الساعة 10:56
مدار الساعة - برغم طول فترة العطلة الصيفية إلا أن وزارة التربية والتعليم في الأردن لم تستغل إجازة الطلبة لتحسين تهالك وتردي أوضاع المدارس في محافظات الأردن خاصةً، فما تزال المقاعد الدراسية غير كافية لعدد الطلبة مما يجعل عددا كبيرا يتلقون دروسهم إما بجلوسهم بجانب طلاب على ذات المقعد وإما يقفون طوال فترة الدوام الدراسي، والكادر التعليمي في المحافظات لا يتعدى الـ 20 معلما في مدارس تحتاج إلى ما لا يقل عن 60 معلما وإداريا ومساعد معلم وهو الأمر الذي يعتبر غياب تخطيط وتخبطا إداريا. وربما ما تجتهد به الوزارة في كل عام هو تجديد المناهج المدرسية إلا أن الأخيرة ما زالت تبتعد عن إضافة ما هو مفتقد في الكتب لتقع بذات المعضلة في كل مرة في الحشو المبالغ به أو التقنين غير المبرر. والأهم أن المعلم ما زال يفتقر لأدوات التعليم المعاصر التي تواكب متطلبات طالب الألفية الجديدة حيث يمارس المعلم في مدارس الأردن دور "الموظف" الذي يبدأ نهاره بحضوره وإنهاء ساعات العمل المطلوبة منه، وتكون الحصة الصفية عبارة عن تلقين أو "عقاب" لكي تنتهي مدة الأربعين دقيقة دون فائدة تذكر.

ربط المواد بالعقاب تحدثت أمهات عدة مع حول أسلوب "العقاب" الذي تمارسه بعض المعلمات على الطلبة حيث يتم معاقبة الطالب بفرض واجب "نسخ" سور من القرآن الكريم في مادة التربية الإسلامية أو نسخ درسين من مادة اللغة العربية وهو الأمر الذي يجعل الطلبة غير المذنبين وعوقبوا على أثر عصيان أحدهم يكرهون المادة ويعتبرونها مادة "عقاب".
"
بالنسبة للمناهج فهي قضية معقدة وتفاصيلها تطول وبالذات بعد الضجة الأخيرة التي أثيرت حول التعديلات، لكن أبرز المشكلات التي تلامس الطالب والمعلم حولها هو ما يتعلق بالكم وزخم المواد التي اعتمدت على الحشو ولم تركز على النوعية في المعلومة "في الحديث مع أم عمر حول عقاب الطلبة في المدارس تقول: ما زلنا في الشهر الأول من بداية العام الدراسي وابني عمر في الصف السادس عوقب على أثر "مشاكسة" أحد زملائه في الصف، وطلب منه نسخ سور قرآنية وقصائد شعرية في مادة اللغة العربية والتربية الإسلامية، وقد تجاوزت هذه العقوبات العشرين مرة منذ بداية الشهر، فهل يعقل في هذه المرحلة الأساسية المهمة من عمر الطالب والتي يستعد من خلالها للانتقال لمرحلة "الإعدادي " أن يتم معاقبتهم باستمرار؟ كيف سيتسنى لابني أن يرغب في الدراسة وحل واجباته وتحضير دروسه إذا ما عوقب في الأسبوع ثلاث مرات مثلاً؟ تقول أم عمر بأن الكادر التعليمي يفتقر إلى خطة عمل، فنرى أن جلّ هم المعلم الانتهاء من المادة ضمن الخطة الزمنية الموضوعة من الوزارة فقط. توجيه المعلمين تقول نيفين حشاش وهي والدة لأربعة أبناء يدرسون نظام (IP) الذي يعتمد على الأبحاث كطريقة مدعمة لشرح المواد، إن ابنتها في الصف السادس الأساسي وتُكلف بشكل دوري بالقيام بعمل أبحاث دون توجيه من المعلم لكيفية البدء في عمل بحث، وهذا ما يدفع أبناءها إلى الاعتماد على "الإنترنت" للحصول على مادة ومن ثم يتم سؤالهم عن "المصدر" الذي تم عمل البحث من خلاله. ومن هنا تسأل حشاش المعلمات، ألا يوجد طريقة مثلى لعمل بحث بعيداً عن الإنترنت؟ ألا توجد طريقة توجهون أبناءنا من خلالها للاستفادة مثلاً؟ مثل الصحف والمكتبات؟ وتتساءل حشاش عن الأدوات التي يجب أن تبدأ بها المعلمة عند التحدث عن أهمية البحث وليس فقط النتيجة التي يأتي بها الطالب من خلال القص واللصق من على مواقع إلكترونية، ناهيكم عن المدة الزمنية وحالة الملل التي تصيب الطلبة أثناء قيامهم بالأبحاث.

مساعد معلم تقول زهرة العموش بأن ابنتها في الصف الرابع، عندما تبدأ بحل واجباتها المدرسية تكتفي بالحل على الكتاب فقط دون أن تستخدم الدفتر الصفي لأن المعلمة تطلب منهم حل الواجب على الكتاب وتستخدم الدفتر لنسخ دروس اللغة العربية وبعض الأسئلة من مادة الرياضيات فقط.

ويقول الأستاذ خالد منصور وهو معلم لغة عربية في إحدى المدارس الحكومية في الأردن، بأن هذه المشكلة تعود إلى أن المعلم لا يستطيع تصحيح 45 كتابا ودفترا لكل مادة وهو مثلاً "مربي صف" مسؤول عن تدريس أربع أو خمس مواد وهو ما اعتبره حملاً لا يستطيع المعلم أن يقوم به وحده، لهذا يكتفي بإعطاء الواجب على الكتاب دون تفعيل الدفتر الصفي. وفي سؤاله عن الحلول لهذه المشكلة، يقول منصور، بأن الحل أن توظف الوزارة "مساعد معلم" لكل صف يكون مسؤولا عن تصحيح الدفاتر وتفعيلها والإشراف عليها حتى توزع المهام بعدل على المعلمين. ويضيف بأن الوزارة تستطيع أن تستثمر خريجين للعمل كمساعد معلم برواتب معقولة وبذلك تحد من بطالة خريجي الجامعات الأردنية وتخفف العبء التدريسي على المعلمين وتنصف الطالب. مشاكل المناهج في الحديث مع تامر البواليز أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا للمرحلة الأساسية الصف الثامن، والذي تشهد مدرسته بمحافظة الزرقاء، "1700 طالب" والغرفة الصفية الواحدة لا يقل أعداد الطلبة فيها عن 50 ، وسؤاله عن العقبات والمشاكل التي بدأ بها العام الدراسي يقول البواليز ، بالنسبة للمناهج فهي قضية معقدة وتفاصيلها تطول وبالذات بعد الضجة الأخيرة التي أثيرت حول التعديلات، لكن أبرز المشكلات التي تلامس الطالب والمعلم حولها هو ما يتعلق بالكم وزخم المواد التي اعتمدت على الحشو ولم تركز على النوعية في المعلومة. كما أن البنية التحتية للمدارس غير مؤهلة في الزرقاء وكذلك في محافظات عدة، فقد شهدت العديد من مدارس المحافظة في في حالات كثيرة استياء كبيرا نظرا لغياب الجاهزية واستغلال فترة العطلة الصيفية للصيانة وإعداد المتطلبات الرئيسية للعملية التعليمية وأقلها المقعد الذي سيجلس عليه الطالب. دور التربية والتعليم ويرى البواليز أن القيادات التربوية في المحافظة قد أشغلت نفسها خلال الفترة التي سبقت بداية العام الدراسي بالانتخابات البلدية وامتحانات الثانوية العامة وتغافلت عن دورها الرئيسي، والمدارس بدورها تعاني من شح الموارد المالية وهي التي لم تحصل خلال العام الدراسي الماضي على مستحقاتها المالية من التبرعات التي تصرف سنويا من خلال الوزارة والتي أقرت منذ سنوات بأمر ملكي بإعفاء الطلبة من الرسوم. وضع المعلم أما بالنسبة للمعلم حلقة الوصل الأهم في العملية التعليمية، فلم يتحقق بخصوصه أي شيء جديد بالأردن، وما زال عرضة كما درجت العادة باعتباره حقل تجارب لقرارات وزارة التربية والتعليم التي تتخذ قراراتها بصورة عجيبة وغريبة وبالكاد تتذكر المعلم في قرار يلبي ولو الشيء البسيط من حقوقه.(العربي الجديد)
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/11 الساعة 10:56