من ظلم النفس إلى خطاب الكراهية .. مؤسسة التدريب المهني
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/11 الساعة 00:26
من بين الأهداف التي تسعى جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى تحقيقها, المساهمة في تعزيز روح الانتماء, والروح الإيجابية لدى الأردنيين, وبخاصة في هذه الفترة, التي صرنا نعاني فيها, من قلة القناعة من جهة. وضعف روح الانتماء من جهة أخرى, جراء سيطرة حالة متصاعدة من الإحباط والسلبية, التي يغذيها خطاب الكراهية, المتصاعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي, التي تستغل آثار الأزمة الاقتصادية التي يمر بها وطننا, وتداعيات هذه الأزمة على تفاصيل الحياة اليومية للأردنيين, لتأجيج الكراهية بدلاً من أن توجه الخطاب إلى تعزيز روح التكافل والتضامن, وإلى سبل ترشيد الاستهلاك, وتعظيم الإنتاج, دون أن يعني ذلك إهمال الإشارة إلى مواطن الخلل, على الصعيدين الخاص والعام, ذلك أن الكثير من تصرفاتنا وسلوكنا الشخصي والاجتماعي يصبان في تعظيم أزمتنا الاقتصادية, وبالتالي الأخلاقية اللتين يغذيهما خطاب الكراهية.
ولتحقيق هذه الأهداف تستخدم جماعة عمان لحوارات المستقبل العديد من الوسائل, فعلاوة على أدبياتها ووثائقها ومبادراتها, التي تصب في تحقيق هذ الأهداف, وعلاوة على الندوات التي تقيمها الجماعة في مختلف مناطق المملكة, بهدف استنهاض الروح الإيجابية, فإن الجماعة تسعى إلى زيارة المؤسسات المتميزة في بلدنا, وإلى التعرف على قصص النجاح, لتقول من خلال هذه الزيارات إن في بلدنا عملا, وأن في بلدنا الكثير من قصص النجاح, والكثير من الشرفاء, الذين يعملون بكل طاقاتهم, لتعظيم المنجز الوطني, ولخدمة المواطن الأردني, وأنه ليس من العدل أن تتصدر وسائل التواصل الاجتماعي أخبار الفساد, بكل ما فيها من تزوير في كثير من الأحيان, في نفس الوقت الذي يتم فيه تجاهل الكثير من الإنجازات, والكثير من النجاحات, والكثير من الجهود التي يبذلها جنود مخلصون من أبناء هذا الوطن.
في هذا السياق جاءت سلسلة زيارات جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى العديد من المؤسسات الأردنية الناجحة, في مختلف المجالات, وقد كانت آخرها إلى مؤسسة التدريب المهني, وأصدقكم القول إن جميع المشاركين في هذه الزيارة من أعضاء الجماعة دخلوا إلى المؤسسة بانطباع, وخرجوا منها بانطباع آخر, مختلف, ومترع بالتفاؤل والإيجابية, التي تدفعني إلى القول أن مؤسسة التدريب المهني على ضوء ما سمعناه, واحدة من المؤسسات الأردنية الكثيرة الظالمة لنفسها, المقصرة بحق هذه النفس, لأن هذه المؤسسات, لا تحسن تسويق نفسها, والتعريف بمنجزاتها, وهي كثيرة, وهذه واحدة تتحملها هذه المؤسسات, لكن وسائل الإعلام المختلفة تتحمل جزءًا كبيراً من مسؤولية هذا التقصير بحق الوطن, عندما لا تحسن هذه الوسائل التعريف بمنجزات مؤسساته, وهو التعريف الذي من شأنه لجم الكثير من أبواق خطاب الكراهية, الذي نعاني منه اغتيالاً لسمعة الوطن ومؤسساته, وإنجازاته مثلما نعاني منه نشراً لروح الإحباط واليأس, وكأنه ليس في بلدنا إلا الفساد والخراب.
عوداً على زيارة وفد جماعة عمان إلى مؤسسة التدريب المهني, لنسأل: كم من المواطنين يعرفون أن لهذه المؤسسة علاقة وثيقة بتفاصيل حياتهم اليومية؟ ليس لأنها مؤتمنة على أعداد وتأهيل وتدريب نسبة عالية من أبناء الوطن, ومن ثم الدفع بهم مؤهلين إلى سوق العمل للنهوض بسويته, بل لأن هذه المؤسسة تحفظ للمواطن حقه في أن ينال خدمة صيانة حقيقية, ومتميزة لسيارته, ولكافة الأدوات الكهربائية والإلكترونية في منزله وفي مكان عمله, وهو أمر ينسحب على صيانة التمديدات الصحية والكهربائية, في السكن ومكان العمل, مثلما يمتد إلى حسن مظهره من خلال صالونات الحلاقة والتجميل, والقائمة تطول وهي تعدد المجالات التي تتولي المؤسسة إعداد الكوادر المؤهلة لها, والأهم من ذلك أنها الجهة المنوط بها منح التصنيف للمهنيين وللمؤسسات المهنية, لتكفل للمواطن خدمة متميزة في كافة القطاعات, خاصة وأن المؤسسة تمنح شهادة تصنيف للمؤسسات المهنية, كما تمنح بطاقة للمهني المصنف, بعد تدريبه وتأهيله, فكم منا يسأل ميكانيكي السيارات, أو العامل في صالون الحلاقة,أو فني صيانة الأجهزة أو الأدوات الصحية...الخ عن تصنيفه, وعن بطاقته التي تثبت أنه مؤهل ومدرب, لتولي صيانة الأجهزة والمعدات؟ أعتقد أن لا أحد منا يفعل ذلك, رغم أهمية هذا الأمر, الذي أصبح أكثر من ضرورة في ظل الفوضى التي يشهدها سوق العمل الأردني, والتي حولت الأردنيين إلى حقل تجارب للعمالة الوافدة, تتعلم بنا وعلى حسابنا, لتحتكر العمل في الكثير من القطاعات الاستراتيجية في بلدنا, على خطورة ذلك, وهو الخطر الذي تتصدى له مؤسسة التدريب المهني خاصة في مجال تغير المفاهيم, كما سنرى في مقال لاحق.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/11 الساعة 00:26