اسناد الاخوان المسلمين في مراجعتهم الفكرية

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/09 الساعة 00:09
لا يُخطئ الأنف اشتمام رائحة التغيير القادم من معاقل جماعة الاخوان المسلمين الذين يقومون بمراجعة يمكن وصفها بالتاريخية في معظم الساحات العربية , ومن ضمنها الاردن , فما تيسر قراءته من وثائق داخلية , وتحديدا ورقة القيادي زكي بني ارشيد تحمل الكثير , من حيث العلاقة مع الآخر , حيث تراجعت الحدة من تسميته بالخصم الى المنافس والى الشريك في الوطن , وهي مصطلحات سياسية بالقطع لها دلالتها الحاسمة في البناء العام , وكذلك تظهير موقف الجماعة من الفنون والآداب على قاعدة الالتزام الوطني وليس الانضباط الديني او التنظيمي .
ومن الضرورة اعادة ترسيم العلاقة السياسية والنقدية مع الجماعة وفق التغيرات الجديدة والمراجعات العميقة , فلا يجوز ترك الحزب الاقدم والاعرق في الاردن وحيدا وكأن الامر مجرد ترتيب بيت داخلي واعادة ديكوره وفرشه , فالمسألة اعمق من ذلك بكثير واعقد , فهم جزء حاضر في المجتمع وفاعل , ولديهم حضور في مراكز القيادة التشريعية والمحلية , أي انهم شركاء في القرار وشركاء في الفعل الوطني العام , فالزمن ما عاد يقبل الاقصاء والاستحواذ والتفرد , وليس من المعقول ان تقف خلايا الدولة الحساسة والعقل الحزبي العام على قلّته عند حواف مرحلة الربيع العربي الذي كشفت فيه الجماعة عن وجه مستفرد ومتفرد وربما يكون اقرب الى القّبح منه الى الجمال .
فالشقيق الفلسطيني اليوم يسعى نحو طي صفحة سوداء تم كتابة بعض سطورها بالدم الفلسطيني الحرام , ونحن في هذا البلد لم نكتب خلافاتنا بالدم لا سمح الله , وتحليل ما ذهبت اليه حركة حماس الذراع الاخواني في فلسطين يمكن القياس عليه اردنيا , فما قام به يحيى السنوار من خطوات نحو المصالحة الفلسطينية هو انقلاب فعلي على العقل الاخواني التقليدي وربما يقارب في درجة زلزاله درجة انقلاب 2007 , وأظن الجماعة في الاردن مقبلة على ما يشبه ذلك , بفك تبعية حزب جبهة العمل الاسلامي مع الجماعة والفصل بين الدعوي والسياسي .
هكذا كله يعني ان الجماعة اعادت الاعتبار للهوية الوطنية على حساب الهوية الاخوانية التي كانت متقدمة ومقدمة على الهوية الوطنية القُطرية , وهذا ابرز خلاف مع جماعة الاخوان المسلمين تاريخيا , اضافة الى اعتماد الجماعة لخطابين احدهما للداخل الاخواني وآخر للخارج الجغرافي ولا اقول الوطني , فمن يكفّر ويخوّن لا يعتمد منظارا وطنيا في التشخيص والشراكة , وما تيسر وما رشح من معلومات يكفي للقول بأن الجماعة على موعد مع مراجعة فكرية وتنظيمية كبيرة اقرب الى الانقلاب منه الى التطوير والتحديث , مما يتطلب مزيدا من المساعدة للجماعة وفتح ابواب الشراكة معها حتى لا تذهب خطواتها الاصلاحية في الهواء او ينتصر تيار الماضي الذي ما زال حاضرا في الجماعة اسوة بأي جماعة او حزب آخر , فما زال في التيارات اليسارية ماضويون وكذلك في التنظيمات القومية .
اللحظة الوطنية تحتاج الى انفتاح وطني على جميع التكوينات السياسية , ومعظم البرامج الموضوعة للخروج من مأزق اللحظة , مكرور وممجوج وجرى تحضيره في مختبرات تقليدية تجاوزتها الحالة الوطنية واللحظة الوطنية , والمعرفة ليست حكرا على احد ولا يمتلك تيار بعينه قوشان طابو الحقيقة , وبقاء عقل واحد داخل مطبخ صنع القرار سيقود العقل الى التوحد , وهو مرض عضال يستعصي الشفاء منه , واثبتت التجارب ذلك , فالوضع الاردني يشهد تراجعا على كل المستويات سواء الاقليمية او الداخلية وانكار المشكلة , مشكلة بذاتها , فقد اثبت العقل الحالي انه قاصر عن ابتكار حلول للحالة المتأزمة ولا بديل عن الشراكة الوطنية .
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/09 الساعة 00:09