بين التعديل والإصلاح الضريبي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/08 الساعة 16:47
على الرغم من النظرة السلبية العامة لمصطلح الضريبة إلا أنها إحدى أهم العوامل الإقتصادية التي قد تدعم إقتصاد البلدان وتنهض به أو توهنه وتجهز عليه، فالفكرة من الضريبة أساساً هي المساهمة في نفقات الدولة الخاصة بالخدمات المقدمة للأفراد والمؤسسات، أي بمعنى أن يتلقّى دافع الضريبة خدمات معينة مقابل ما يدفعه تحت مسمى ضريبة وبأي شكل من أشكالها، وهنا تترجم أهمية الأنظمة الضريبية للدول في الحفاظ على استقرارها الإقتصادي. إن إيجاد نظام ضريبي عادل يحفّز الإقتصاد وينميه حيث أن النظام الضريبي للدولة يعدّ من أول التشريعات التي ينظر إليها ويدرسها المستثمر عند إختيار الموقع الذي يريد ائتمان أمواله فيه، وعدا عن ذلك فإن النظام الضريبي الصحيح يقلل من رغبة الأفراد والشركات بالتهرب الضريبي لشعورهم بالعدالة ولتجنب عواقب سوف تكلفّهم أكثر بسبب مخالفة القانون، وهكذا يكون تحصيل الدولة من الضرائب مجزٍ ويكون الكل رابح اذا ما ذهبت هذه الأموال إلى مكانها الصحيح. الإصلاح الضريبي اليوم ضرورة ملّحة ومن الضروري جدّاً أن يبنى هذا الإصلاح على قواعد أهمها الأمن الإقتصادي للمواطن بحيث يتم المحافظة على الطبقة الوسطى ودعم الطبقة الفقيرة، فأمن المواطن الإقتصادي هو من مرتكزات الأمن الوطني. والقاعدة الثانية هي مستقبل الإقتصاد الوطني وإستدامة إزدهاره عن طريق تشجيع الإستثمار واستقطاب رؤوس الأموال بدلاً من تنفيرها وتهجيرها، فنحن اليوم في زمن العولمة الإقتصادية التي سهّلت هجرة رؤوس الأموال إلى حيث تشعر بالأمان وتجد الفرص متاحة لتنمية رأس المال في بيئة إقتصادية آمنة ومستقرة على الأقل تشريعياً. في هذه المرحلة الحساسة إقتصادياً بات هناك من الأدلة الكثير مما يؤشر فعلاً على هجرة رؤوس الأموال الأردنية (المحلية) وهروب الأجنبية وهو ما يعمل على خلق تشوّهات إقتصادية علينا السيطرة عليها قبل أن تتفاقم. على سبيل المثال لا الحصر‪،‬ تحدثت تقارير مؤخراً عن إستثمار الأردنيين بالعقار بقيمة تزيد عن المليار دينار في تركيا ما بين عام ٢٠١٥ إلى ٢٠١٧، في حين أن ١٣٣١ أردنياً استثمروا ما يزيد عن ٤٨٠ مليوناً في عقارات دبي في ٢٠١٦ ليحصلوا على المركز الأول كمستثمرين عرب في عقارات دبي! رؤوس الأموال هذه لوحدها كان بإمكانها أن تفعل الكثير لإقتصادنا في وقت نحن بأمس الحاجة إليها، ولكنّها آثرت وغيرها الكثير من رؤوس الأموال ومن مختلف القطاعات أن تبحث عن وجهة أخرى، والسبب بالطبع يعود إلى مفارقات الجذب والتنفير الإقتصادي. المطلع سياسياً وإقتصادياً يعلم أن للإصلاح الضريبي ضوابط ومؤثرات خارجية تخصّ إتفاقات ومعاهدات ما بين الأردن ودول ومؤسسات عالمية، ولكن بالرغم من ذلك فإنه من الممكن تفصيل نظام ضريبي حديث يخدم الأردن شعباً ومؤسسات ودولة مع مراعاة المصالح الدولية بنفس الوقت. هذا المنتج لن يرى النور إلّا إذا ما تمّ توظيف الكفاءات الإقتصادية المحلية لتكون في مصنع قرار إقتصادي يعتمد بالدرجة الأولى على الأسس العلمية والمنهجية السليمة في بناء إقتصاد قادر على التطور باستدامة، وغير ذلك فإن الخوف سيكون من إقرار تعديلات ضريبية تحت مسمى إصلاحات تزيد من التأزيم الإقتصادي الذي نعيش بدلاً من المساهمة بالخروج من عنق الزجاجة. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/08 الساعة 16:47