الحكومة الأردنية تلعب في الوقت الإضافي لترتيب علاقتها بالبرلمان
مدار الساعة - ينعقد مجلس الأمة الأردني، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في دورته العادية، بعد أن صدرت إرادة ملكية بإرجاء انعقاده المحدد في النص الدستوري في اليوم الأول من أكتوبر/تشرين الأول من كل سنة، وهو تأجيل كافٍ لترتيب العلاقة المتوترة بين النواب (الغرفة التشريعية الأولى) والحكومة.
ويحمل انعقاد المجلس في هذا الدور أهمية استثنائية لجهة القوانين التي ستُعرض على جدول أعماله، وأهمها قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018 المرتقب أن تتضمن بنوده إملاءات صندوق النقد الدولي المتمثلة بخفض الدعم في الموازنة. كما أن مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي لم يرَ النور بعد، والمتوقع أن يُناقش مطلع العام المقبل، أدى إلى زيادة ترقب انعقاد الدور، خصوصاً بعد ما تسرب عن عزم الحكومة توسيع قاعدة المشمولين بالضريبة، بشكل يطاول حتى من ترزح مداخيلهم تحت خط الفقر العام.
هذه المعطيات تجعل مهمة حكومة هاني الملقي صعبة في تمرير القوانين كما ستطبخها. وما يزيد من صعوبة مهمتها العلاقة المتوترة التي تجمع الملقي بقطاع واسع من النواب، مضافاً إلى ذلك مزاج النواب المتراوح بين الغضب من الحكومة أو العتب عليها بعد أن تركتهم أكثر من شهر فريسة قواعدهم الشعبية، عندما آثرت الصمت على التسريبات حول قانون ضريبة الدخل وخطط خفض الدعم، وهو الصمت الذي يعتقد نواب أنه خطة حكومية لقياس ردة الفعل الممكنة.
تعتبر مصادر نيابية أن إرجاء انعقاد المجلس إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، جاء لمنح الحكومة وقتاً مناسباً لتصويب علاقتها مع مجلس النواب ما يضمن لها أغلبية نيابية لتمرير القوانين غير الشعبية. وتشير المصادر إلى أن توقّعات انعقاد هذا الدور لم تكن تتجاوز الثلث الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بما يمنح المجلس وقتاً كافياً لمناقشة مشروع قانون الموازنة عبر لجنته المالية وتحت القبة والتصويت عليه قبل حلول السنة المالية الجديدة. لكن إرجاء الدورة وتحديد موعد انعقادها، هي صلاحية دستورية ممنوحة للملك، ولا يملك النواب حق الاعتراض عليها.
وشرعت حكومة الملقي باستثمار الوقت في لقاء الكتل النيابية، فاجتمعت قبل أيام بكتلة "وطن"، أكبر كتل مجلس النواب والتي ينتمي إليها رئيس المجلس عاطف الطراونة، على أن تلتقي الحكومة تباعاً الكتل الخمس الأخرى، والمستقلين من النواب. انتهى اللقاء مع "وطن" بخروج أعضاء الكتلة يدافعون عن الحكومة، بعدما دخلوه متشنجين، كما يقول رئيس الكتلة إبراهيم البدور. ويصف اللقاء بالإيجابي، مسجّلاً للحكومة استيعابها للشارع ومحاولة تطويع قراراتها بما يتناسب وتوجّهات المواطنين، وعدم المساس بالطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
اللقاء الذي انتهى بالتأكيد على عدم توسيع قاعدة المشمولين بضريبة الدخل، وعدم المساس بأسعار الخبز، أراح الناس كما يؤكد البدور، الذي اتفق مع الحكومة على أن المشكلة تكمن في الإشاعات التي تثير الرأي العام. لكن مصادر حكومية عادت بعد اللقاء لتوضح أن عدم المساس بأسعار الخبز، يتمثّل بإعادة توجيه الدعم لمستحقيه من المواطنين بعد رفع الدعم الموجّه للسلعة.
ويعتبر الخبير في الشؤون النيابية، وليد حسني، أن اللقاءات التي يعقدها رئيس الحكومة مع الكتل النيابية والمستقلين قبل انعقاد مجلس الأمة لا تتعدى "جولة علاقات عامة"، مشيراً إلى أن الحكومات المتعاقبة درجت على عقد تلك اللقاءات كلما كانت تريد تمرير قرارات خطيرة عن طريق مجلس النواب. ويقول إن "المشكلة أن النواب دائماً ما يرضون أن يكونوا أداة في يد الحكومة لتمرير القرارات الخطيرة التي لا يوافق عليها الشعب كونها تمس مداخيله". ويشير حسني إلى أن نجاح جولة العلاقات العامة في تحقيق أهداف الحكومة تنعكس سلباً على شعبية مجلس النواب، خصوصاً أنه يصبح المسؤول أمام المواطنين عن تمرير القوانين.
أما النائب المستقل نبيل غيشان، فيؤكد أهمية عقد اللقاءات بين الحكومة والنواب، لكنه يرى أن الخطوة جاءت متأخرة. ويرى أن مشكلة الحكومة الحالية تتمثّل بعدم قدرتها على مواجهة الرأي العام، معتبراً أنه "عندما تقرر الحكومة خطوة مواجهة الرأي العام، تتحاور مع الأحزاب والنقابات وغيرها، وتحاورهم وتعمل على إقناعهم... والأصل أن تكون الحكومة شجاعة في الدفاع عن قراراتها ما دامت مقتنعة أن تلك القرارات تصب في صالح النفع العام، لكن ذلك لا يحدث".
غيشان الذي حجب الثقة عن الحكومة وعن قانون الموازنة للسنة المالية 2017، يلفت إلى أن الهدف من اللقاءات حشد أغلبية نيابية تدعم خطط الحكومة في القوانين المنتظرة. وفيما يشير إلى "تناقض في تصريحات رئيس الحكومة وضعف قدرته على التواصل مع الرأي العام والنواب"، يسلّم بـ"عدم قدرة النواب المخالفين لتوجّهات الحكومة في التأثير على مواقف الكتل والأغلبية النيابية في حال قررت تأييد توجّهات الحكومة".
العربي الجديد