الامير الشاب في وزارة الشباب.. ماذا يعني ذلك؟

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/04 الساعة 20:47

بالتأكيد ليست تقليدية تلك الزيارة التي خصصها ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله الثاني الى وزارة الشباب بالامس، لا من حيث التوقيت ولا النطاق ولا حتى المحتوى. فلقد دأب الأمير الشاب على نهج والده جلالة الملك في ارسال رسائل واضحة من حيث الغاية، والأطراف، والمحتوى، والإطار الزمني للتنفيذ، وأهمية التنبه إلى مدى صلاحية الأدوات اللازمة للتنفيذ، وأين نسير وكيف؟ وذلك ليتم إعادة تشكيل بعض المدخلات؛ لنضمن مخرجات مستهدفة. إذاً هي الرسائل المجدولة زمانياً ومكانياً ومضموناً.

كان لافتاً الحضور الاميري للحسين في الفترة الماضية؛ كمتحدث مدرك لقضايا الشباب ليس فقط باسم الشباب الأردني، ولا العربي بل العالمي ايضاً، مجسداً ذلك في خطابه الأخير أمام أمم العالم، فالمرحلة العمرية التي يتمتع بها، ومعايشته لشباب وطنه، والعالم حينما زامل الكثير منهم في اطار الدراسة والتدريب، إضافة الى أسلوب الالقاء ومحتواه، وتعدد المنابر كل هذا وغيره كثير، جعل من صوته مسموعاً ومن طرحه مقبولاً لدى الجميع، ومن مبادراته مبتدئا لشق طريق النور والعلم والتنمية امام أجيال هذا القرن، الذين كتب عليهم ان يعاصروا محطات الحروب واللجوء، والتضليل، ومفاتن تكنولوجية أثرت في حرف بعض من توجهاتهم وانتماءاتهم الدينية والثقافية والوطنية.

لعل توقيت الزيارة في هذه الاثناء يواكب انتظام أكثر من 2 مليون طالب مدرسي بمدارسهم، واقل منهم بيسير طلاب جامعات بمؤسساتهم، كتعبير عن بدء العمل بالتزامن مع هذا الانتظام الشبابي الكثيف؛ ليعيد التأكيد على انهم يشغلون حيزاً واسعاً لدى سموه تفكيراً وتقديراً. مخاطباً إياهم بالوقت ذاته ليتفاعلوا ويندمجوا بتلك الاستراتيجية التي سوف تنعكس على واقعهم ايجاباً واملاً، بما تحويه من تطوير وتدريب لبرامج غير تقليدية تستهدف مهاراتهم. فما ان ينتهي هذا العام حتى نكون امام عملية تقييم شاملة للأداء والانجاز؛ أي سندخل العام 2018 ونحن قد رسمنا طريقنا نحو تشكيل شخصية وطنية ملتزمة وماهرة للشباب الأردني.

النظرة الشمولية لولي العهد والتفكير الواسع الذي يكامل بين قطاعات المجتمع، كان حاضراً وبقوة في توجيه سموه، من حيث ضرورة مغادرة الذهنية المترسخة لدينا والتي تجعل من القطاع العام فاعلاً متفرداً وبيئة مستهدفة وظيفياً من الافراد نحو ذهنية جديدة عنوانها شراكة القطاعين العام والخاص؛ في حمل المسؤولية الوطنية نظراً لتكاملهما وحاجة كل منهما للآخر. وهنا فالقطاع الخاص مدعو لأن يضاعف من جهوده في المساهمة الوطنية، كما هو حال القطاع العام المطلوب منه تمكين ذلك القطاع من العطاء بتخفيف القيود وتوابعها والتي تعد احياناً كثيرة عاملاً مثبطاً للانطلاقة.

وعندما يأتي التأكيد على كل ذلك من خلال الوزارة المعنية بالشباب، فهذا دليل واضح على التوجه الحالي؛ بضرورة الابقاء على الوزارة كجسم تنظيمي واطاري بمسماها الحالي، وعدم تحوير ذلك لتعود كمجلس أعلى كما كانت في أوقات سابقة، قد تكون درجة رضى سموه عن الأداء بشكل عام جيدة ولكنها ليست بالممتازة كما يريد، وفي هذا الإطار فإن ذلك يعني ضرورة توجه مجلس الوزراء إلى احداث زيادة ملموسة على حصة الوزارة مالياً؛ مما يمكنها من تنفيذ توجيهات اميرنا الشاب.

بالمجمل الزيارة غير تقليدية، كما هي تلك البرامج التي طالب بها ولي العهد، فهو يسعى لإحداث مرحلة شبابية مختلفة بكل عناوينها وتلاوينها، مرحلة تسومها الجدية، والابتكارية، والابداع الذي يخلق بالنهاية انساناً أردنياً ؛متميزاً عن اقرانه في الإقليم والعالم، يحمل هموم محلية وقومية وإنسانية، يوازن بينها ويعطي لكل منها قدرها، نعم مرحلة تشهد تشبيك حقيقي مع المؤسسات الشبابية الإبداعية تلك التي يتبع بعضها لمؤسسة ولي العهد ومؤسسة الملكة رانيا العبدالله للتعليم والتنمية، وغير ذلك من كل الهياكل الشبابية الوطنية، جنباً الى جنب مع القطاع الخاص بكل تفرعاته، والاعلام والمؤسسات الدينية ،ومنظمات المجتمع المحلي؛ أي حالة دائمة من التفاعل المدروس و المنتج، فهل سنشهد ذلك قريباً؟

adel.hawatmeh@gju.edu.jo

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/04 الساعة 20:47