بطاقة حب للمغرب

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/08 الساعة 08:56
الدكتور محمد مختار المفتي - جامعة آل البيت
حبي للمغرب حب خاص لا أكتمه، فهو على شدة البعد شديد القرب، وله في القلب عميق الود وشديد الحب، فهو أكثر بلد عربي زرته مرات متكررة، فيه تعلمت ومن علومه نهلت، وهو أكثر بلد عربي طوفت فيه من أقصى شماله في طنجة إلى جنوبه في أغادير (آخر ما وصلت وليس أقصى الجنوب)!، ومن أقصى شرقه في وجدة إلى أقصى غربه في الدار البيضاء والتقيت أهله فيه، والتقيت أهله في كل بلد أوروبي زرته، وقد زرت أقاليم المغرب جميعها تقريباً. وعرفت كرمهم في بلدهم وكرمهم خارج بلدهم. تحية كبيرة لهذا البلد العظيم.
ربما لا يعلم فريق ليس باليسير من الناس أنّ أول عمل في القدس بعد وقوعها في قبضة الاحتلال، هل تعلمون ماذا كان؟ إنّه إزالة"حي المغاربة" في القدس، وهو أقرب الأحياء قاطبة إلى الأقصى، بل إنّ الحي كان ملتصقاً بالأقصى حتى لكأنّه جزء منه. لقد جاء المغاربة الكرام الأبطال من بلد الرباط في المغرب من أجل الرباط في جوار الأقصى وحمايته من العاديات. وهل تعلمون أنّ صاعق التفجير اليوم في القضية الفلسطينية ما ذا سيكون؟ إنّه "باب المغاربة" في المسجد الأقصى، ففي البدء "حي المغاربة" وفي المنتهى والختام في بدء الفصل الأخير من قصة هؤلاء المحتلين: "باب المغاربة"، فحيا الله المغرب والمغاربة، وأعاد الله بأيدينا إعمار "حي المغاربة" في القدس وجوار الأقصى، وحفظ الله "باب المغاربة" أحد أهم أبواب الأقصى في القدس، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كان للمغاربة في مدحه وشمائله و سيرته كان لهم القدح المعلا واليد الطولى والحظ الأوفر، من بين سائر البلدان.
وتحية خاصة أخرى للمغرب أنّ ربيعه في فصل الربيع العربي أزهر، من دون سائر البلدان، إذ سقي زهره وشجره بالماء لا بالدماء.
هو البلد الاستثنائي في هذا الربيع، فتحية خاصة أخرى للمغرب من أجل هذه السابقة والتفرُّد والخصوصية والحكمة المغربية. وعندما تحط الرحال على أرض المغرب أقول في نفسي كم نحن في المشرق مقصرون في حق هذا البلد.إن أهل الشرق لا يعرفون عادات أهل المغرب وتنوعهم الثقافي وتضاريس أرضهم وكنوزها.
وكما قلت لبعض الأخوة في المغرب: إنّ الشعب المغربي مسالم ودود سمح متسامح واسع كريم سهل، يرحبون بالعربي والعجمي بالقاصي والداني.لهم قلوب أكبر من بلدهم معروفون بسجاياهم وطبائعهم وسخائهم. فكافأه الله بطبيعته السمحة حلاً سمحاً سهلاً، وكل بلد فيه نابتة تطرف ناشزة.لكن عندما ضربت هذه النابتة الناشزة في المغرب كانت الضربة يسيرة كأنّما هي بثرة ظهرت لبضعة أيام في وجه جميل ثم سرعان ما انفثأت وانمحت آثارها، وكأنّ شيئاً لم يكن وكأنّ شيئاً ما كان. كانت كأنّما هي نوبة إنفلونزا خفيفة، مرت في يوم أو يومين أعطت الجسم مناعة ثم تعَافى منها إلى غير رجعة لها إن شاء الله.
العنف في المغرب نغمة نشاز، والتطرُّف في المغرب نقيض طبيعة المغاربة.
وبعد، فإنّي أتحشّم وأستحيي، شهد الله، أن أتكلّم في المغرب، ومقامي فيهم مقام تلميذ مقصّر أمام أساتذة أفذاذ، وإنّما مثلي معهم كمن يبيع الماء في هَجر أو في "ايفران" . أو يبيع التمر في خيبر، أو يتفلسف في أثينا في أوج عطائها الفلسفي! فسامحونا. وفّقكم الله وأيّدكم الله، وأنجح تجربتكم، وجعلكم نموذجاً بين البلدان، ومثلاً لسائر الأقطار.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/08 الساعة 08:56