نور على نور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/03 الساعة 23:18
تروي السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدواوينُ عند اللهِ ثلاثةٌ ديوانٌ لا يدعُه – وهو: الشركُ باللهِ – وديوانٌ لا يتركُه – وهو: حقوقُ المخلوقين وديوانٌ لا يبالي به وهو: ما بين العبدِ وربِّه عزَّ وجلَّ من صلاةٍ وصومٍ". الدواوين هنا تعني السجلات والقيود التي يتسلمها كل إنسان يوم الحساب وتحصي عليه أعماله في الحياة الدنيا . لا شك أن نبينا الكريم قد أوحي إليه من علم الغيب المتعلق بأحداث ذلك اليوم الرهيب ، لذا فما يخبرنا به هو من باب رأفة الله بعباده المؤمنين إشفاقا عليهم أن يضلوا ، ورحمة بهم أن لا تشملهم مغفرة الله تعالى ، فكان حديث المصطفى ذاك مثل المعلم المشفق على تلاميذه ، فهو لا يفتأ ينبههم الى مواضيع هامة سيسألونها في الإمتحان ، لذا فهو يعطيهم الإجابة الصحيحة قبيل دخول الإمتحان . إذاً ، فأعمال المرء ثلاثة أنواع من حيث الأهمية ، النوع الأول هو الشرك بالله ، فهو المهلك لأنه الذنب الأعظم ، وهو الوحيد الذي يغتفر ولا يكفّره لو كان السجل بكامله أعمال خير . قد يعتقد البعض أنه لم يعد هنالك من يعبد الأوثان أو يعتقد بتعدد الآلهة ، لكن الحقيقة الأليمة أن عدد المشركين من بني البشر أكثر بكثير ممن يفردون الله بالألوهية ، فهنالك أناس يعتقدون أن لله إبناً ، وآخرون يعتقدون أن بعض الأنبياء يتشاركون في الألوهية مع الله عز وجل ، وآخرون يعتقدون أن الله تعالى تجسد في البشر وآخرون يجسدونه في تمثال ذهبي أو في بقر من مخلوقاته . لا شك أن كل هؤلاء مشركون شركا ظاهرا وهم أصحاب الديوان الأول ، لكن الأمر الخطير هو الشرك الخفي ، وهو الذي قد يلحق المرء مع هؤلاء فيما يعتقد أنه مؤمن ملتزم يؤدي الفرائض ، مثل من يخشى حاكما أو مسؤولا أكثر من خشية الله ، وذلك حينما ينفذ له أمرا يخالف شرع الله ، فهو بذلك اتّبع أمره فظلم بريئا أو قتل أو عذّب مؤمنا أعتقل لأنه مخالفٌ لحاكم لا يقيم شرع الله ولا يؤمن به ، ومثلهم أيضا الحاكم المسلم الذي يستجيب لرغبات وتعليمات أعداء الأمة خوفا من إقصائه عن الحكم ، فهو مشرك لأنه خافهم ولم يخف من الله . الديوان الثاني : وفيه تثبيت لحقوق الغير ، فهذه لا يسامح الله فيها ، وفيها اقتصاص ممن ظلم ، والحكم يومئذ لله فلا محامٍ ولا استئناف ، وذلك يوم لا ينفع المرء مال ولا بنون ، إذ تلغى كل العملات والنقود فلا قيمة لها ، ولا يبقى ما يمكن التداول به غير شيء واحد : هو الحسنات ، فهي العملة الوحيدة القابلة للمقايضة ، فمن مات وعليه دَيْن من مال أو عقار أو ناله أذى ، فلن يقبل سدادا له يومئذ إلا حسنات من رصيد المدين ، لذا فالعاقل من ادخر من تلك العملة ، وراكم في رصيده ما أمكنه أن يراكم ، فقد تستنفذه حقوق الناس ، فيكون من المفلسين . الديوان الثالث : هو حقوق الله على العبد ، وفيه يسجل كل تقصير أو تهاون في العبادات ، وهذا هو السجل الوحيد الذي لا يبالي الله به ، فقد يعفو عن كثير ، وقد يغفر إن أراد . عجبت لتلميذ يدرك أن الإمتحان قادم لا مفر منه ، يخبره معلمه بالأسئلة التي سترد في ورقة الأسئلة ، ويرشده الى الإجابة الصحيحة .. ثم يكابر فيرسب في الإمتحان !
  • أعمال
  • رحمة
  • مال
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/03 الساعة 23:18