مفاهيم مغشوشة !
خيري منصور
من فهموا الاشتراكية على أنها افقار الأغنياء وتجويع الفقراء، هم انفسهم الذين فهموا الحداثة على انها انقطاع جذري عن الماضي ، ومن يفهمون العولمة الان على انها حفلة كونية تنكريّة يصبح البشر فيها متشابهين كأطباق البيض او قطع الغيار التي يسدّ اي واحد منها مكان الاخر .
وما استقر في ذاكرتنا الشعبية من مفاهيم عدة عقود كان من صناعة وتصدير ميديا مسخرة لخدمة استراتيجيات وأجندات ايديولوجية ، هكذا فهمت الشيوعية ذات يوم وكأنها المشاعية وبمعزل عن النظريات الفلسفية والافكار، ومن قرأوا كتابا مترجما ترجمة رديئة عن الوجودية تصوروا ان كلّ شيء مباح رغم انها كما اعلن فلاسفتها تفرض على الانسان مسؤوليات تاريخية واخلاقية، وتحمله نتائج كل ما يصدر عنه من أفعال . حتى كلمة فلسفة اصبحت سيئة السمعة في مجتمعات تقضم الامية ما تبقى من ذاكرتها ووعيها بحيث تحولت الى هجاء لمن يثرثرون ويقال لهم لا تتفلسفوا !
ولم تنجح الاديان من سوء الفهم والالتباس والتسييس لاهداف دنيوية خالصة، لهذا ما من سبيل لعلاج الفالج الوبائي الذي تفشى في غياب التلقيح وأمصال الوعي كما يقول مثل شعبي، والحقيقة ان الطب ببعديه الجسدي والنفسي تقدم الى حدّ حذف معه اليأس من الشفاء، لكن مرضى النفس يتسترون على امراضهم كما لو انها عورات، ولو فرض علينا جميعا ان نعرض انفسنا على الطب النفسي كما يقول السايكولوجست د . احمد عكاشة لفوجئنا بندرة الاصحاء، لأن الواقع الذي نشاهد افرازاته على مدار الساعة يصعب على الانسان ان يفلت منه وينجو من عدواه ! والقول المتكرر بأن جذر البلاء والداء معا ثقافي لا ينكره الا من يصدُق عليهم القول بأنهم اعداء ما يجهلون .
وما كان لهذا الانفجار الغرائزي المتوحش ان يعيد الإنسان قرونا الى الوراء لولا ما علق بالمفاهيم والعقائد والمصطلحات من شوائب !!
الدستور