أول طبيب في الكرك عام 1920

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/03 الساعة 09:26

مدار الساعة - محمد مختار المفتي اول طبيب عين للعمل في منطقة الكرك حين كانت الكرك تتبع اداريا المملكة السورية التي اسسها الملك فيصل بن الحسين عام 1920 ومقرها دمشق، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.

في ذلك العام حصل محمد مختار المفتي على اجازة في الطب من الجامعة السورية واصدر مدير عام الصحة في دمشق قرارا بتعيينه طبيبا في منطقة الكرك براتب قدره 1400 قرش مصري .

جاء الطبيب المفتي من دمشق بالقطار إلى منطقة القطرانه وواصل رحلته إلى الكرك على صهوة جواد، فكان من الاطباء ورواد الواجب الانساني الاوائل عندما كان الوطن يحمل رواسب التخلف والجمود ، فكان على هذا الطبيب الشاب أن يبدا عمله الانساني من نقطة الصفر طبيبا وصيدلانيا وممرضا، بل وصاحب رسالة تنويرية طبية ليقاوم ادعياء المداواة والمشعوذين واصحاب التمائم لطب اوقائي عندما كان هناك اصابات بالامراض السارية ومايتوجب عليه من التشخيص والعلاج والحجر الصحي في الوقت الذي كانت فيه هذه الظاهرة غريبة على مجتمع تسوده العادات القديمة، وحتى كان هناك كثير من الحرج والامتناع عن ان يقوم بمعاينة او علاج النساء، فكان عليه ان يتسلح بالصبر والاناة وان يقوم بالاقناع والارشاد، وفي ظل انعدام المواصلات كان عليه ان يمتطي راحلة مهما اختلفت الظروف والاحوال الجوية فكان يحتاج الى يوم وربما ايام عندما يذهب لمعالجة مريض في قرية بعيدة او في احد مضارب العشائر النائية، ولعدم توافر العلاجات اللازمة للمرضى كان الطبيب المفتي مضطرا في بعض الاحيان إلى تركيب العلاجات بنفسه، فيما كان يمارس مختلف الاختصاصات الطبية ويجري العمليات الجراحية البسيطه ويعالج ايضا امراض النسائية والاطفال.

الطبيب المفتي من مواليد ديار بكر حيث كان والده عبدالله المفتي قد نقل من دمشق ليعمل صاحب فتوى في ديار بكر، وبعد ان اعيد نقله الى دمشق ادخل ولده محمد ليتعلم في احدى كتاتيب حي الشاغور في دمشق، ثم ادخله المدرسة الرشدية، وبعد ان انهى محمد دراسته في دمشق ذهب الى اسطنبول والتحق بدارالمعلمين ثم انتقل لدراسة الهندسه ، وما لبث ان تحول الى دراسة الطب ، وعندما اعلنت الحرب العالمية الاول سيق للخدمة العسكرية برتبة ضابط في احد مستشفيات الميدان ، وبعد انتهاء الحرب اكمل محمد دراسته فكانت الكرك اول ميادين خدمته كطبيب . وبعد انتهاء العهد الفيصلي استقر الطبيب المفتي في الكرك فعمل طبيبا في ظل حكومة مؤاب المحلية الى ان دخل عهد جديد عندما تاسست امارة شرق الاردن فعمل طبيبا في حكومة الامارة متنقلا بين جرش والطفيلة والكرك التي استقر فيها بعد استقالته من الحكومة ليفتح عيادة خاصة وذلك بحسب ماذكرته جريدة الشرق العربي في عددها رقم 141 الصادر بتاريخ 1/11/1926 الصفحه الخامسة ، وتزوج الطبيب المفتي امراة كركية وظل مقيما في الكرك طيلة حياته ، وخلال هذه المرحلة بدات الامارة تاخد شكل الدولة ، وعندما صدر قانون الجنسية الاردنيه حصل الطبيب المفتي على جواز سفر رقم 65 عام 1930. اما الجانب الاخر في شخصية الطبيب المفتي فكان مداوامته على قراة القران الكريم والحديث النبوي الشريف وتدبر معانيهما ، وكان ايضا هاويا لقراءة التاريخ والكتب الادبية وذا شغف بالرياضيات والرسوم الهندسية والفلكية ، وغالبا ماكان ينتخب لتدريس المواد المتصلة بهذه المعارف في مدرسة الكرك الثانوية للبنين، وكان الطبيب المفتي ماهرا بلعبة الشطرنج التي طالما لعبها مع الملك المؤسس المغفور له عبدالله بن الحسين ، قضى الطبيب المفتي 50 عاما في مزاولة مهنة الطب حتى توفي في العام 1971.

لقد كان هذا الدمشقي الاصل الديار بكري المولد الاردني الوطن والجنسية قصيررحلة العمر وانتقل إلى رحمة الله وهو يحمل في قلبه الكرك المحروسة حبا وعشقا وايمانا بانها مهد الرجولة والتاريخ.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/03 الساعة 09:26