خطاب ولي العهد وتحديات المنطقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/30 الساعة 12:01
مدار الساعة - كتبت: رانيا عبدالله
لم يكن خطاب ولي العهد الأمير الحسين بالغريب فهو الأمير الشاب الذي خطى على نهج والده جلالة الملك عبد الله الثاني في التعامل مع تحديات المنطقة العربية السياسية، والإنسانية.
خطاب الأمير الشاب يمثل قاعدة الهرم السكاني الأساسية، والأكبر في وطننا إذ يشكل الشباب ما نسبته 70% من المجتمع الأردني، باعتبار الشباب أداة من أدوات تفعيل الديمقراطية، والتغيير نحو الأفضل في المجتمع، ورسم السياسات المستقبلية، وصناعة القرار .
تأتي أهمية خطاب سموه في ظل الأوضاع السياسية والأمنية التي يمر بها الأردن، والدول العربية المحيطة، حيث أن الدور الأساسي في الحراك العربي الراهن كان للشباب، ولقد برهنوا على قدرات منقطعة النظير في مختلف المساعي الإنسانية.
محاور خطاب سموه التي بدأت بتقديم صورة واقعية عن أبناء جيله الشاب الذي يعيش بين إرث أجداده، وواقعه غير المسبوق المثقل بالمسؤوليات والتحديات السياسية والأخلاقية والاقتصادية والتكنولوجية التي قربت الناس وفرقتهم في آن واحد كما قال سموه، ومن جهة أخرى ما يحلم به الشباب العربي القادر على التحدي والجرأة والتغير نحو مستقبل أفضل.
ولم يتوقف سمو الأمير الذي عاصر أصعب الظروف، والأزمات التي مر بها الأردن خلال السنوات الأخير عند التداعيات الناتجة عن تلك الأزمات؛ وإنما حمل خطابه حلولاً لهذه الأزمات، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته تجاه الأردن والمنطقة العربية، ومطالبته بالتدخل الفوري، لحفظ ملف الأمن والسلم الدوليين، لكي يكفل للأجيال الشابة مستقبلا آمنا يلبي طموحهم وأهدافهم، ويؤكد سمو ولي العهد على أن الحروب في المنطقة العربية المحيطة بالأردن ما هي إلا أداة لمصادرة وسلب الأجيال حقها في مستقبل آمّن ومستقبل مزدهر تعليمي وصحي ينهض تنمويا في المجتمعات العربية.
سمو الأمير استطاع أن يجبر العالم للإصغاء لمطالب الأجيال من خلال خطابه السياسي الرزين، ولفت أنظار قادة العالم للأردن الذي تضرر بسبب انعدام الاستقرار في المنطقة، والفقير بموارده، وسط إقليم يعج بالأزمات والحروب والنزاعات، ورغم كل ذلك إلا أنه يتحمل مسؤوليات، وتحديات كبيرة نتيجة استضافته للاجئين السوريين تصل إلى إنفاق أكثر من ربع ميزانية الأردن، ويمتد أثرها إلى المجتمع الأردني في كافة المحافظات، مما يزيد من الضغوط على قطاعات الإسكان، والغذاء، والطاقة، والرعاية الصحية، والتعليم، والعمل وبالتالي يشكل زيادة في معاناة أبناء جيله من الشباب في حين أن قيمة صفقات الأسلحة للعام الماضي تساوي أضعاف كلّف خطة الاستجابة لإغاثة اللاجئين السوريين.
سمو الأمير الشاب أكد للعالم أجمع أن الأردن وبالرغم من التحديات الكبيرة، بقي شامخا بكل اعتزاز وثقة ولم يتراجع عن مبادئه وقيمه، ومسؤوليته الإنسانية والأخلاقية تجاه اللاجئين.
لقد كان سموه واعيا تماما لما يتحمله أبناء شعبه من الشباب جراء الحمل الثقيل الذي ازداد على الأردن، مؤكدا على أهمية وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الأردن وتقديم المساعدات لمواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، حتى يتمكن من تخفيض نسبة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب ولأجيال المستقبل، وتحسّين البيئة الاستثمارية، وتعزيز النزاهة والمساءلة، وتطوير نظام التعليم، ودعم الرياديين الشباب، ونقلهم لمستقبل أفضل.
سمو الأمير وضع المجتمع الدولي أمام مساءلة جادة وحقيقية للوقوف إلى جانب الأردن الذي لم تمنعه ظروفه وإمكانياته الصعبة من أن يستمر في المساهمة الإيجابية لتحقيق الخير للعالم أجمع، وأشار سموه أن "الأردن يحظى بالتقدير والمديح بشكل مستمر على مواقفه الإنسانية والأخلاقية، ونحن فخورون بسمعة بلادنا، إلا أن الكلام الطيب لا يدعم الموازنة، ولا يبني المدارس، ولا يوفر فرص العمل".
اللافت أن سمو الأمير الشاب استطاع أن يلخص بوضوح أولويات حل الأزمات، وأن الحلول السياسية هي التي تقي دول المنطقة المزيد من الدماء والفوضى، حيث أشار سموه إلى الواقع المؤلم ألا وهو اقتصادات الحرب الآخذة بالازدهار لمنفعة القلة، بينما تستمر الاقتصادات الحقيقية في المعاناة مما يجلب الضرر على الجميع.
وبكل شجاعة وجرأة أشار الأمير الشاب إلى صمت الضمير العالمي مطالبا الجميع بكسر حاجز الصمت، وإطلاق جهد دولي يحمل إنسانيتنا المشتركة إلى بر الأمان.
لقد لخص سموه في رسالته الختامية التي وجهها إلى شباب الأردن، والمنطقة معاناة الجيل الشاب وصراعهِ في الواقع الذي يعيشه اليوم، عندما قال: "ليس هناك نقص في الأموال لمحاربة الشر، ولكن الرغبة في مكافأة الفضيلة تكاد تكون غائبه وهكذا تغرق أصوات الذين يدافعون ويبنون في ضوضاء من يعتدون ويدمرون".
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/30 الساعة 12:01