الصيف والشتاء على سطح واحد
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/07 الساعة 00:52
طارق مصاروة
لحكوماتنا -وليس حكومة واحدة- غرام عجيب بوضع الشتاء والصيف على سطح واحد. وحتى لا نفرق في المقدمات, فإن الاردن هو البلد الوحيد في العالم الذي يستفتي فيه الاعلام الرسمي الطلاب الخارجين من قاعة امتحانات الثانوي عن نوعية الاسئلة: هل كانت صعبة؟ هل جاءت من المقررات والكتاب؟ هل كانت المدة المعطاة للمادة كافية أو أنها كانت قليلة؟
علامَ تدل هذه الاسئلة؟ هل تدل على ان وزارة التربية تقوم بواجبها؟ أم أن الوزارة ليست معادية للطلبة؟ وهل سهولة الاسئلة مطلوبة أم انها تهدف الى تصعيب اجتياز الطالب لهذه الامتحانات؟
لم نجد جواباً منطقياً لهذه الاسئلة, أو لعرض اجوبة الطلاب على المشاهد الاردني. فلماذا يؤخذ رأي الطلاب الثانويين بهذا الحجم الاعلامي, وهو ليس اهم من رأي طلبة الجامعات مثلاً؟
لو أن الاعلام الرسمي جعل اسئلته في مدارس حكومية مميزة في عمان, واخرى في قرى الكرك أو معان أو عجلون لقلنا: هناك معنى للاسئلة يستهدف عرض الفروق الاجتماعية بين طلاب الفقر وطلاب الكفاية.. أو أنه يسأل الطالب أو الطالبة في المدارس الخاصة الهائلة الكلفة, والمدارس الحكومية التي تفتقد التدفئة, والسقف المتماسك تحت المطر.. فذلك أشبه بالدراسة الاجتماعية لكن الامر ليس كذلك. فالمذيع الذي يسأل الطالب عنده سؤال أو سؤالان لا غير..
ونعود الى الصيف والشتاء على سطح حكوماتنا واحد, فقد وصلنا بعد حادثة اسطنبول, والتعليقات البذيئة والمنحطة التي مارسها مئات الشباب ازاء من فقدناهم من ابنائنا على شاشات «التواصل الاجتماعي» الى التنبه الحكومي لهذه الفظاعات مع أن هذا التواصل المستمر منذ سنوات كان يقوم بالتخريب الفكري الممنهج الذي اسمته وزيرة الخارجية الاميركية علناً «بالفوضى الخلاقة», في السنوات الخمس الاخيرة التي قاد فيها التواصل الاجتماعي كارثة الربيع العربي الذي اطاح بكيانات بالغة الاهمية في وطننا.
لماذا تتنبه الحكومة على خطورة انفلات كذبة التواصل الاجتماعي لانها وصلت ببذاءتها الى افراد ولم تتنبه حين كانت «تحشّ» في يوميات الحياة الطبيعية وفي المرحلة الصعبة التي تمر بظلها الاسود على بلدنا.
احد الزملاء احصى في يوم واحد اكثر من ثمانين خبراً كاذباً اطلقه «التواصل الاجتماعي» وتحوّل بشكل او باخر الى خبر في الصحف اليومية، لكن المسؤول لم يجد في هذه الظاهرة ما يجعله يحرك النيابة العامة، وهي الحامية الشرعية لعقل مجتمعنا واخلاقه، واهدافه العظمى في الحياة الحرة الكريمة، ثم لماذا نستمر في السكوت على الظاهرة الخطرة فنبحث في اصدار قانون جديد يتعامل معها، وكل قوانين المجتمع المدني موكلة بوقف هذا الزحف المريب، وما علاقة حرية الرأي بالكذب، ما علاقة المجتمع المدني بالعمالة لقوى كبرى تعمل علنا على صنع فوضى «خلاقة» في بلدنا والعالم العربي.
لقد انتشرت الاديان السماوية وغير السماوية دون تواصل اجتماعي وخلال عشر سنوات اوصل النبي الامي رسالته الى جزيرة العرب كلها، واوصل خلفاءه خلال عشرة اعوام الرسالة المحمدية الى سور الصين وجبال البرينيه على حدود فرنسا الجنوبية.
لنقف بوضوح في وجه «الفوضى الخلاقة» لانها فوضى فكرية نضعها في ايدي شباب غير ناضجين واميين لا يستطيعون تهجئة الكلمة ليهدموا «اليقين المقدس» بحرية الوطن ووحدته وكرامته، فالخيار ليس بين الطابور الخامس او داعش والنصرة والفكر الديني المتعصب وكلها رديف الفوضى الخلاقة.
الرأي
لحكوماتنا -وليس حكومة واحدة- غرام عجيب بوضع الشتاء والصيف على سطح واحد. وحتى لا نفرق في المقدمات, فإن الاردن هو البلد الوحيد في العالم الذي يستفتي فيه الاعلام الرسمي الطلاب الخارجين من قاعة امتحانات الثانوي عن نوعية الاسئلة: هل كانت صعبة؟ هل جاءت من المقررات والكتاب؟ هل كانت المدة المعطاة للمادة كافية أو أنها كانت قليلة؟
علامَ تدل هذه الاسئلة؟ هل تدل على ان وزارة التربية تقوم بواجبها؟ أم أن الوزارة ليست معادية للطلبة؟ وهل سهولة الاسئلة مطلوبة أم انها تهدف الى تصعيب اجتياز الطالب لهذه الامتحانات؟
لم نجد جواباً منطقياً لهذه الاسئلة, أو لعرض اجوبة الطلاب على المشاهد الاردني. فلماذا يؤخذ رأي الطلاب الثانويين بهذا الحجم الاعلامي, وهو ليس اهم من رأي طلبة الجامعات مثلاً؟
لو أن الاعلام الرسمي جعل اسئلته في مدارس حكومية مميزة في عمان, واخرى في قرى الكرك أو معان أو عجلون لقلنا: هناك معنى للاسئلة يستهدف عرض الفروق الاجتماعية بين طلاب الفقر وطلاب الكفاية.. أو أنه يسأل الطالب أو الطالبة في المدارس الخاصة الهائلة الكلفة, والمدارس الحكومية التي تفتقد التدفئة, والسقف المتماسك تحت المطر.. فذلك أشبه بالدراسة الاجتماعية لكن الامر ليس كذلك. فالمذيع الذي يسأل الطالب عنده سؤال أو سؤالان لا غير..
ونعود الى الصيف والشتاء على سطح حكوماتنا واحد, فقد وصلنا بعد حادثة اسطنبول, والتعليقات البذيئة والمنحطة التي مارسها مئات الشباب ازاء من فقدناهم من ابنائنا على شاشات «التواصل الاجتماعي» الى التنبه الحكومي لهذه الفظاعات مع أن هذا التواصل المستمر منذ سنوات كان يقوم بالتخريب الفكري الممنهج الذي اسمته وزيرة الخارجية الاميركية علناً «بالفوضى الخلاقة», في السنوات الخمس الاخيرة التي قاد فيها التواصل الاجتماعي كارثة الربيع العربي الذي اطاح بكيانات بالغة الاهمية في وطننا.
لماذا تتنبه الحكومة على خطورة انفلات كذبة التواصل الاجتماعي لانها وصلت ببذاءتها الى افراد ولم تتنبه حين كانت «تحشّ» في يوميات الحياة الطبيعية وفي المرحلة الصعبة التي تمر بظلها الاسود على بلدنا.
احد الزملاء احصى في يوم واحد اكثر من ثمانين خبراً كاذباً اطلقه «التواصل الاجتماعي» وتحوّل بشكل او باخر الى خبر في الصحف اليومية، لكن المسؤول لم يجد في هذه الظاهرة ما يجعله يحرك النيابة العامة، وهي الحامية الشرعية لعقل مجتمعنا واخلاقه، واهدافه العظمى في الحياة الحرة الكريمة، ثم لماذا نستمر في السكوت على الظاهرة الخطرة فنبحث في اصدار قانون جديد يتعامل معها، وكل قوانين المجتمع المدني موكلة بوقف هذا الزحف المريب، وما علاقة حرية الرأي بالكذب، ما علاقة المجتمع المدني بالعمالة لقوى كبرى تعمل علنا على صنع فوضى «خلاقة» في بلدنا والعالم العربي.
لقد انتشرت الاديان السماوية وغير السماوية دون تواصل اجتماعي وخلال عشر سنوات اوصل النبي الامي رسالته الى جزيرة العرب كلها، واوصل خلفاءه خلال عشرة اعوام الرسالة المحمدية الى سور الصين وجبال البرينيه على حدود فرنسا الجنوبية.
لنقف بوضوح في وجه «الفوضى الخلاقة» لانها فوضى فكرية نضعها في ايدي شباب غير ناضجين واميين لا يستطيعون تهجئة الكلمة ليهدموا «اليقين المقدس» بحرية الوطن ووحدته وكرامته، فالخيار ليس بين الطابور الخامس او داعش والنصرة والفكر الديني المتعصب وكلها رديف الفوضى الخلاقة.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/07 الساعة 00:52